سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أسئلة ترافق زيارته : لماذا التأخير في تبادل السفراء وتوقيت الإعلان عن اعترافات "الشبكة الإرهابية"؟ . لبنان : بارود اليوم في دمشق لپ"التعارف" والاستطلاع والتعاون الأمني مطلوب لكن الاتفاقات تعود للحكومة
انشغل الوسط السياسي اللبناني أمس بمواكبة التحضيرات السياسية لزيارة وزير الداخلية زياد بارود المقررة اليوم لدمشق تلبية لدعوة من نظيره السوري اللواء بسام عبدالمجيد حملها اليه الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني - السوري نصري خوري الذي يتولى نقل الدعوات للوزراء اللبنانيين الى زيارة العاصمة السورية في أعقاب قرار البلدين إقامة علاقات ديبلوماسية وتبادل السفراء في موعد لم يحدد بعد. ويأتي لقاء أمس بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان والحكومة فؤاد السنيورة في القصر الجمهوري في بعبدا في إطار التحضير لهذه الزيارة التي يرافق بارود فيها المديران العامان للأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي والأمن العام اللواء وفيق جزيني وأمين السر العام لمجلس الأمن المركزي العقيد الياس خوري ومستشار الوزير للشؤون الأمنية العقيد بيار سالم. وكان اللقاء مناسبة أطلع خلالها السنيورة على أجواء زيارته مصر والمحادثات التي أجراها مع الرئيس حسني مبارك. ولم يقتصر التحضير لزيارة بارود دمشق على لقاء الرئيسين سليمان والسنيورة، وإنما تبعته خطوة أخرى تمثلت في اجتماعهما عصر أمس معه كل على حدة. ومع أن الزيارة تأتي في إطار ما اتفق عليه سليمان مع نظيره السوري الرئيس بشار الأسد في القمة التي جمعتهما في دمشق في 13 آب أغسطس الماضي قبل ساعات من انفجار شارع المصارف في طرابلس في شمال لبنان الذي استهدف الجيش اللبناني، يثير التوقيت الذي اعتمد لتحديد موعد الزيارة وتكليف مجلس الوزراء بارود تشكيل الوفد المرافق له جملة تساؤلات، خصوصاً انه جاء قبل 48 ساعة من الاعترافات المتلفزة التي بثها التلفزيون السوري لنحو عشرة موقوفين متهمين في تفجير دمشق إضافة الى وفاء العبسي ابنة شاكر العبسي زعيم تنظيم"فتح الإسلام"الإرهابي المطلوب غيابياً للقضاء اللبناني في أحداث نهر البارد. وتكمن أبرز التساؤلات التي أثارها توقيت بث الاعترافات المتلفزة، في خلفية التلازم بين موعدي الزيارة والإعلان عن مضمون اعترافات الموقوفين، لا سيما أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم كان أعلن قبل 10 أيام التوصل الى اعترافات موقوفين في شأن التفجير بعدما كان سبقه عدد من حلفاء دمشق من اللبنانيين الى الترويج لما سيبثه التلفزيون السوري في الحلقة المخصصة للإدلاء بالاعترافات. وتوصل عدد من الذين طرحوا هذه التساؤلات، وبعضهم ينتمي الى قوى 14 آذار وآخرون من الفريق الحيادي في لبنان الى استنتاج مفاده انه كان في مقدور القيادة السورية تأخير بث الاعترافات الى ما بعد انتهاء زيارة بارود بدلاً من أن تقحمها في تفاصيلها في محاولة واضحة لإجراء تعديل على جدول أعمالها الذي لن يتجاوز كسر الجليد بين وزارتي الداخلية في البلدين وتأمين أول لقاء للتعارف بين الوزيرين من دون أن يمنعهما العنوان المحدد للزيارة من تقويم الوضع الأمني على الحدود المشتركة بين البلدين في ضوء استكمال سورية نشر جيشها على طول هذه الحدود في الداخل السوري قبالة منطقتي عكار في الشمال والبقاع على تخوم محافظة بعلبك - الهرمل وقضاءي راشيا والبقاع الغربي. لكن تقويم الوضع الأمني أمر مطلوب، ولا مفر منه، خصوصاً بعد إعلان دمشق أن الهدف من نشر جيشها منع التهريب ومكافحة عمليات التسلل بين البلدين وتطبيق القرار 1701 الذي يبقى تطويره وصولاً الى الاتفاق على تشكيل لجان أمنية مشتركة أو اتخاذ تدابير يتفق عليها بين البلدين في حاجة الى موافقة مجلس الوزراء اللبناني مجتمعاً، وهذا ما أشار اليه سليمان في الجلسة التي خصص جزء منها للبحث في زيارة بارود دمشق من خلال تأكيده عودة الوزير الى المجلس للموافقة على أي اتفاقات إضافة الى تأكيد وزراء عدم الموافقة على أي اتفاق أمني جديد قد يتعارض مع مبدأ مراجعة الوزراء للاتفاقات المعقودة في المجالات كافة. كما توقفت التساؤلات أمام أسباب تسريع سورية توجيه الدعوات لعدد من الوزراء اللبنانيين الى زيارتها بناء لرغبة نظرائهم السوريين قبل أن يستكمل القرار الصادر عن البلدين بإقامة علاقات ديبلوماسية بخطوة مهمة تتعلق بتبادل السفراء، لا سيما ان كبار المسؤولين السوريين يتعاملون مع مسألة إقامة هذه العلاقات من زاوية انها مطلوبة لحل"عقدة النقص"لدى بعض المسيحيين أولاً وفريق من المسلمين ثانياً بذريعة تأكيد استقلال بلدهم. وعليه فإن قرار إقامة العلاقات الديبلوماسية يأتي لحل"عقدة النقص"هذه باعتبار أن دور السفيرين في البلدين يبقى في إطاره البروتوكولي الديبلوماسي ولن يتخطاه الى البحث في الأمور الثنائية أو في المشكلات الطارئة وهذا ما لمح اليه أكثر من مسؤول سوري أمام حلفائهم اللبنانيين بقولهم إن المشكلات الأخرى لن تحل إلا من خلال التواصل المباشر بين أركان الدولتين. الى ذلك، هناك من يعتقد بأن الهدف من توجيه الدعوات لوزراء الى زيارة دمشق يأتي في سياق رغبة القيادة السورية في توجيه رسائل لمن يعنيهم الأمر، على المستويين العربي والدولي، مفادها أن المشكلة بين البلدين في طريقها الى الحل وان العلاقات أخذت تستعيد عافيتها تدريجاً لتعود الى ما كانت عليه قبل صدور القرار 1559 كرد دولي على التمديد للرئيس اللبناني السابق إميل لحود ومن بعده القرارات المتعلقة بجريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري. كما يعتقد هؤلاء أيضاً بأن العلاقات بين البلدين تسير بخطى مدروسة لإعادة التطبيع وان جميع المشكلات سويت ولم يبق سوى فريق واحد ينتمي الى قوى 14 آذار لا يزال يقاوم عمليات التطبيع وان رئيس تيار"المستقبل"النائب سعد الحريري هو أكثر المتشددين لمنع العلاقات من أن تستعيد حيويتها وان السنيورة يقف في الموقع نفسه. وفي هذا السياق سأل مراقبون عن الأسباب التي ما زالت تحول دون عقد اجتماع الهيئة العليا اللبنانية - السورية برئاسة رئيسي حكومتي البلدين والتي كانت انبثقت من معاهدة الاخوة والتعاون والتنسيق طالما أن أكثر من مسؤول سوري كان اعترف بأن شوائب تسود العلاقات الثنائية لا بد من السعي من أجل تنقيتها وتبديدها بغية التخلص منها. وأضاف هؤلاء أن الآلية الوحيدة لتنقية هذه الشوائب تبقى محصورة في شكل أساسي في توفير الأجواء لتأمين إحياء اللجنة العليا المشتركة باعتبار أن بعض الشوائب موجودة في الاتفاقات الثنائية وان كان بعضها يصب في خانة المصلحة اللبنانية فيما البعض الآخر ناجم عن ممارسة سورية الوصاية في تعاطيها مع لبنان. وأكد المراقبون ان لدى بارود الإلمام الكافي بالشوائب التي هي في حاجة الى حلول مشتركة وانه لا يستطيع إلا أن يلبي دعوة نظيره السوري وانه يدرك جيداً أن المكان الصحيح لتجاوزها يكون في إحياء اجتماعات الهيئة العليا المشتركة في ضوء الاستعداد الذي يبديه السنيورة في مقابل موقف سوري متشدد منه والفريق السياسي الذي ينتمي اليه. وهذا ما ظهر جلياً من خلال امتناع الرئيس الأسد ورئيس الحكومة السورية محمد ناجي عطري عن الإجابة على رسائل التهنئة التي وجهها اليهما لمناسبة الأعياد الوطنية في سورية وعيدي الأضحى والفطر. وكشف المراقبون أيضاً أن نصري خوري امتنع أخيراً عن زيارة السنيورة في السراي الكبيرة بعدما كان استدعاه فور اغتيال أحد أبرز القياديين في"حزب الله"عماد مغنية في دمشق وسأله عن ملابسات الجريمة باعتبار المستهدف من اللبنانيين، مؤكدين أن خوري عاد الى الظهور ناقلاً الدعوات الى عدد من الوزراء الى زيارة دمشق لإظهار الخلاف على انه بين فريق سياسي معين في لبنان كان تسبب في ضرب العلاقات الثنائية خلافاً للفريق الآخر الذي عاد الى تطبيع هذه العلاقات وان الدعوات لا تقتصر على الوزراء بل ستشمل زعيم"التيار الوطني الحر"العماد ميشال عون الذي يستعد للتوجه الى دمشق بعد أن انتهى من تسوية علاقاته بحلفائها من اللبنانيين. لذلك فإن زيارة بارود تبقى في حدود كسر الجليد وإنهاء القطيعة وتطبيع العلاقات وهو يتوجه اليوم الى دمشق ليسمع من نظيره السوري ما لديه من تصور عن التعاون الأمني السوري - اللبناني وعن معطيات عن شبكة التفجير التي أوقفتها أخيراً السلطات السورية مع ان الإفاضة في الحديث عنها ستستدعي أجوبة وتوضيحات من الجانب اللبناني الذي يعرف التفاصيل المحيطة بتأسيس تنظيم"فتح الإسلام"والجرائم التي ارتكبها في بيروت ضد الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي. نشر في العدد: 16656 ت.م: 10-11-2008 ص: 14 ط: الرياض