دخلت العلاقات الروسية - البريطانية مرحلة جديدة من التوتر، بعد "التحدي" البريطاني لقرار موسكو إغلاق فرعين للمركز الثقافي البريطاني في روسيا، ما دفع الروس إلى التلويح بتدابير عقابية واستدعاء السفير البريطاني في موسكو لإبلاغه بوقف منح التأشيرات لموظفي القنصليات البريطانية في الأقاليم الروسية. وحمل أمس الإثنين تطوراً جديداً في السجال المتواصل بين البلدين منذ الصيف الماضي، بعدما قررت الحكومة البريطانية"المضي في تجاهل قرارات وزارة الخارجية الروسية"، بحسب وصف مصدر روسي. وقال المصدر إن اصرار لندن على معاودة العمل في فرعي المركز الثقافي البريطاني في مدينتي سان بطرسبورغ ويكاترينبورغ يشكل"تحدياً"لموسكو. جاء ذلك بعدما اعادت السفارة البريطانية لدى روسيا فتح ابواب المركزين أمس متجاهلة قرار الخارجية الروسية في وقت سابق بوقف نشاطهما بسبب ما وصف في حينه بأنه"مخالفات للقوانين الروسية". وكانت الخارجية الروسية طلبت، نهاية العام الماضي، وقف نشاط فرعي المركز البريطاني في سان بطرسبورغ ويكاترينبورغ مع حلول الأول من كانون الثاني يناير الجاري. وقال الناطق باسم الخارجية الروسية ميخائيل كامينين إن بلاده"تنطلق من ضرورة التزام الجانب البريطاني للقوانين الروسية ووقف المجلس عمله غير القانوني". وحذر من أن مخالفة القرار الروسي ستعتبر"عملية استفزازية تؤدي إلى زيادة حدة التوتر في العلاقات بين البلدين". علماً أن المركز الثقافي البريطاني، وهو مؤسسة تنشط في المجالات الثقافية والتعليمية، افتتح بعد انهيار الاتحاد السوفياتي 15 فرعاً له في روسيا لم يبق منها حالياً سوى ثلاثة مراكز. وتتهم السلطات الروسية هذه الفروع بممارسة نشاط تجاري والتهرب من دفع الضرائب. وتحرك ديبلوماسي وتحركت الديبلوماسية الروسية سريعاً أمس للرد على الخطوة البريطانية. إذ استدعت الخارجية السفير البريطاني في موسكو انطوني برينتون وسلمته مذكرة احتجاج. وابلغته بنيات موسكو اتخاذ سلسلة اجراءات رداً على"الخطوة الاستفزازية المتعمدة التي تهدف إلى زيادة توتير العلاقات بين البلدين"، بحسب بيان الخارجية. ومن جهته قال السفير فور خروجه من مبنى الخارجية إنه تسلم"مذكرة طويلة جداً لم أتمكن من قراءتها بعد"وتعهد مواصلة الجهود لحل الأزمة. وأعلن كامينين أنه من ضمن التدابير"العقابية"الروسية ستقوم الجهات المختصة الروسية بإجراءات لإجبار المركز البريطاني على سداد الديون المترتبة عليه لمصلحة الضرائب، ما يعني بحسب الخبراء احتمال فرض حراسة على حسابات بريطانية أو مصادرة ممتلكات المركز. وأعلن كامينين أن بلاده لن تمنح تأشيرات دخول لموظفي القنصليات البريطانية القادمين للعمل في تلك المراكز، ولن تجدد تراخيص العمل والإقامة الممنوحة حالياً. ولوّح بإجراءات أكثر تشددا في حال أصرت لندن على مواصلة عمل فرعي المركز الثقافي، بينها"احتمال اتخاذ تدابير ضد الفرع الأساسي في موسكو". ورغم أن الجانب الروسي يربط تطورات الازمة بتجاهل لندن لقرارات الخارجية الروسية في شأن إغلاق المركزين، لكن المعروف أن السجالات الروسية - البريطانية تصاعدت بقوة منذ الصيف الماضي عندما اتهمت لندنموسكو بالتستر على رجل الأعمال الروسي أندريه لوغوفوي الذي يتهمه البريطانيون بالتورط في قضية الجاسوس الروسي السابق الكسندر ليتفينينكو الذي توفي بعد تنشقه مادة مشعة في أحد مطاعم لندن. وحامت شبهات آنذاك حول احتمال تورط الأجهزة الروسية، لكن موسكو اتهمت معارضين روساً يقيمون في لندن ب"إزاحة"ليتفينينكو لأنه"يعرف معلومات كثيرة عن نشاط الاستخبارات البريطانية في روسيا". وشهدت تطورات الأزمة منذ ذلك الحين أبعاداً أخطر بعدما تبادل البلدان طرد ديبلوماسيين. وأوقفت موسكو تعاونها مع لندن في مجالات مختلفة بينها الحرب المشتركة على الإرهاب.