وجهت موسكو امس "الرد المحدد والمناسب" الذي توعّدت به لندن، معلنة طرد أربعة ديبلوماسيين بريطانيين ضمن إجراءات بينها وقف التعاون مع بريطانيا في مكافحة الإرهاب، في موقف اعتبرته لندن"غير مبرّر"، وجاء بعد فتور في العلاقات بين الخصمين السابقين في الحرب الباردة، ويفتح مرحلة جديدة من المواجهة بين موسكو والغرب. وأعلن الناطق باسم الخارجية الروسية ميخائيل كامينين امس، ان بلاده سلمت السفير البريطاني انتوني برينتون مذكرة تعلن فيها أن أربعة من الديبلوماسيين البريطانيين العاملين في موسكو، شخصيات غير مرغوب فيها وتحضّهم على مغادرة روسيا في غضون عشرة ايام، وهي المهلة ذاتها التي منحتها بريطانيا للديبلوماسيين الروس الذين طردتهم. وقال كامينين إن نائب وزير الخارجية الروسي الكسندر غروشكو وبّخ برينتون لدى استقباله في مبنى الخارجية أمس، بسبب"الحملة البريطانية غير الودّية"وسلّمه"رسائل معينة"، رفض السفير الإفصاح عن مضمونها، مشيراً الى انه ينتظر ردّ الخارجية البريطانية عليها. ولفت كامينين إلى أن"التدابير البريطانية تجعل من مواصلة التعاون في مجال الحرب على الإرهاب غير ممكنة"مع لندن. وفيما قال إن الشخصيات الرسمية الروسية لن تزور لندن، أعلن المسؤول الروسي أن بلاده لن تمنح تأشيرات دخول للشخصيات الرسمية البريطانية، مؤكداً أن موسكو"ستتعامل في شكل متكافئ مع نظام منح تأشيرات الدخول"، ما يعني احتمال فرض قيود إضافية، في حال قيّدت بريطانيا دخول المواطنين الروس او رجال الاعمال اليها. واعتبر نواب في مجلس الدوما القرارات الروسية"مناسبة وضرورية"، فيما اشار آخرون الى انها"حملت تجاهلاً متعمداً للمواقف الغربية التي أيدت لندن في اجراءاتها ضد روسيا". لكن وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند اعتبر أن القرار الروسي"غير مبرر اطلاقاً"، مضيفاً:"ندرس هذه الاجراءات عن كثب لفهم كل تفاصيلها". وأبدى"خيبة أمل"من عدم إبداء الحكومة الروسية"تعاوناً"مع طلب تسليم رجل الأعمال الروسي أندريه لوغوفوي، المشتبه في تسميمه الجاسوس الروسي ألكسندر ليتفينينكو، والذي أشعل فتيل الأزمة بين البلدين. وقال الوزير:"يعزينا تصريحات ايجابية صدرت عن الأسرة الدولية والدول الأوروبية والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، في شأن الحاجة الى الحفاظ على سلامة النظام القضائي البريطاني". واستدرك:"سنتابع المسألة مع الأسرة الدولية". وأعلنت باريس تأييدها الموقف البريطاني، وحضت موسكو على التعاون في"قضية ليتفينينكو"، فيما اعلن الناطق باسم وزارة الدفاع الفرنسية جان فرانسوا بورو ان بلاده"لا يسعها الا ان تأسف"لقرار موسكو تعليق معاهدة القوات التقليدية في أوروبا. أما واشنطن التي تشهد علاقاتها بموسكو مرحلة جمود بسبب مشروع الدرع الصاروخية الأميركية فانحازت الى الموقف البريطاني. واعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس أمس ان"على روسيا الاستجابة لطلب لندن تسليمها المتهم الرئيسي في قضية مقتل ليتفينينكو". وأعربت الرئاسة البرتغالية للاتحاد الأوروبي عن"خيبة أمل من عدم تعاون روسيا بطريقة بناءة مع السلطات البريطانية"في التحقيق في مقتل الجاسوس. وأثار ذلك موسكو، وقال ممثلها لدى الاتحاد فلاديمير تشيجوف ان بلاده ترى في الموقف الأوروبي"مفاجأة سيئة ستؤثر سلباً"على العلاقات الروسية - الأوروبية. ورجح خبراء روس ان تسفر قرارات موسكو عن تصعيد في المواجهة بين روسيا والغرب الذي يعتمد على نفطها.