الإيطاليون يصوتون على استفتاءات حول الهجرة وقانون العمل    سفير جيبوتي يهنئ القيادة بنجاح موسم الحج ويشيد بجهودها في خدمة ضيوف الرحمن    سرطان الدماغ.. معركة صامتة تعيد العالم للتفكير    دراسة تكشف عن ارتباط الفحص المبكر واتباع نظام غذائي صحي بالوقاية من مرض الكلى المزمن    تكامل حكومي ومبادرات تنموية ضمن نجاح موسم الحج    اللواء عبدالله القريش: قوات أمن الحج هيأت جميع الإمكانات للمحافظة على أمن وسلامة الحجاج    إعادة مخلفات الاحرامات المستعملة وتعقيمها واعادة تزيعها حفاظ على نظافة الحرم    ارتفاع إصابات كوفيد-19 بسبب متحور جديد    مشاورات صينية أوروبية بشأن المعادن    ذبح أضحية كل دقيقة بمسلخ صامطة    نقلة بأفكار نوعية.. السعودية تتوسع في استخدام تكنولوجيا الحج    نيابة عن الملك أقام حفل الاستقبال السنوي.. ولي العهد: لقد شرَّف الله المملكة بخدمة الحرمين الشريفين    وصفها مراقبون بأنها "كارثة إنسانية مكتملة الأركان".. مجاعة في قطاع غزة    أقام نيابة عن الملك حفل الاستقبال السنوي لضيوف الرحمن.. ولي العهد: شرفنا الله بخدمة الحرمين وندرك عظم المسؤولية    استعرض آفاق التعاون مع البلدين.. ولي العهد يبحث مع رئيسي المالديف وموريتانيا العلاقات الثنائية    الأخضر يواصل تحضيراته لمواجهة أستراليا ضمن تصفيات كأس العالم    بحثا تعزيز التعاون الثنائي والمستجدات الدولية.. ولي العهد ورئيس الوزراء الباكستاني يستعرضان العلاقات التاريخية    ترحيل 9 آلاف مخالف وإحالة 12 ألفاً لبعثاتهم الدبلوماسية    متحدث «النقل»: جاهزون لمرحلة مغادرة ضيوف الرحمن    1920 نشرة جوية كل ساعة.. نظام الأرصاد المتطور بالمشاعر    أطباق تراثية تعكس هوية جازان الثقافية في عيد الأضحى    وزير الداخلية يفتتح مقر القيادة العامة لمهام الحج والعمرة في مزدلفة    نجاح توصيل الأدوية بالدرونز للحجاج    وسط منظومة متكاملة من الخدمات.. ضيوف خادم الحرمين: نعيش فرحة العمر وسط كرم الضيافة ورحابة الاستقبال    وزير الداخلية يزور مركز النقل في مشعر عرفة    13 % ارتفاع مناولة الحاويات    نمو قياسي وقيمة مضافة.. الاقتصاد السعودي الرقمي قاطرة الاستدامة والاستثمار    جين يفتح آفاقاً جديدة لحل مشكلة الصلع    رسالة فخر سعودية    حج آمن وميسر    وزير الداخلية يلتقي نائب رئيس جمعية الكشافة العربية السعودية    هولندا تهزم فنلندا بهدفين في تصفيات كأس العالم    إحباط تهريب (24.9) كجم "حشيش" في ينبع    عضو مجلس النواب البحريني: القيادة السعودية ترسم ملامح موسم حج متميز    الساعة الذكية تُنقذ حاجة مغربية من مضاعفات قلبية    قرارات إدارية بحق 9 أشخاص لنقلهم 111 مخالفًا لا يحملون تصاريح الحج    أمير القصيم ونائبه يستقبلان المهنئين بالعيد    «الحج» وجدان الأناشيد ورسالة العالم    مكة.. المكان والعمارة    مجازر دامية واستهداف متواصل لخيام النَّازحين في غزَّة    الأخضر السعودي يواصل تدريباته في معسكر جدة    روسيا: ضربنا أهدافاً عسكرية في أوكرانيا.. وتأجيل تبادل الأسرى    رومانو: الهلال توصل لاتفاق مع نابولي بقيمة 75 مليون يورو    "فيفا" يعتمد تقنيات مبتكرة بالذكاء الاصطناعي في "كأس العالم للأندية 2025"        شيخ شمل قبيلة السادة الخلاوية وتوابعها يهنئ القيادة الرشيدة بمناسبة عيد الأضحى المبارك    ضبط 11657 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود في مناطق المملكة خلال أسبوع    موائد جماعية من 60 عاما تحيي موروث عيد الأضحى بالدرب    أمير جازان يستقبل المهنئين بعيد الأضحى    عرفة.. طفل يُولد في أشرف الأيام بين ضجيج الدعاء ودموع الفرح في مخيم الحجاج    إدارة ترامب توقف برنامج مراقبة المسافرين على متن الرحلات الجوية    المحشوش.. أكلة العيد في جازان    إيلون ماسك: الولايات المتحدة بحاجة إلى حزب سياسي جديد يمثل الطبقة الوسطى    الفيتو الأمريكي وخرافة الحمقى السياسيين    هنأ القيادة بعيد الأضحى.. وزير الدفاع: نعتز بالاهتمام والرعاية الكريمة لضيوف الرحمن    "أمان".. مبادرة تبرز الجهود الخدمية للمملكة محلياً وعالمياً    1.4 مليون تأشيرة إلكترونية لحجاج الخارج هذا العام    خلاف واتهامات بين ترمب وماسك.. ماذا يحدث في البيت الأبيض؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحليل إخباري - اختلاط المفاهيم اليمينية واليسارية في مرحلة ما بعد العولمة
نشر في الحياة يوم 03 - 05 - 2007

يقول الباحث الاقتصادي سمير أمين ان مشكلة الإمبريالية والعولمة أنهما تفتحان أسواق العالم أمام حركة رأس المال والبضائع فيما حدود الدول الغنية مغلقة أمام اليد العاملة الآتية من الدول الفقيرة. وهذا، بحسب أمين، سيؤسس أحزمة غنى وأحزمة بؤس وسيوسع من الشرخ بين أغنياء العالم وفقرائه. إلا ان العولمة وما رافقها من ثورة في الاتصالات الرقمية أثبتت عدم صحة هذه المقولة الآتية من المدارس الاقتصادية اليسارية. فاليمين الأميركي يعيد النظر في مبادئ التجارة العالمية الحرة بعد ان تسبب انفتاح أميركا الاقتصادي بنزيف حاد على شكل تصدير فرص العمل الأميركية إلى الدول النامية حيث العمالة الأرخص.
وتتعالى اليوم صرخات بعض الاقتصاديين والإعلاميين الأميركيين لدعوة الإدارة الأميركية إلى فرض المزيد من الشروط على الشركات الأميركية التي تلجأ إلى استبدال اليد العاملة الأميركية بأخرى من خارج الحدود.
لو دوبس، وهو وجه تلفزيوني معروف على المحطة التلفزيونية الأميركية"سي ان ان"، يقود إحدى هذه الحملات. وبحسب دوبس، خسرت الولايات المتحدة ملايين فرص العمل لصالح هنود يعملون من ديارهم، إذ يقوم هؤلاء بدور عاملي هاتف للرد على تساؤلات الزبائن الأميركيين، كما يرسل أطباء أميركيون صور أشعة لتحليلها في الهند وترسل شركات احتساب الضرائب ما يقارب نصف مليون كشف حساب ضريبي ليصار إلى تحضيرها في الهند وإرجاعها إلى أصحابها في الولايات المتحدة. ويسخر دوبس من مكتب البطالة في حكومة ولاية إنديانا الذي شغّل مستشاراً في الهند ليجيب عبر الهاتف عن تساؤلات العاطلين عن العمل في الولاية.
أما أنصار تصدير فرص العمل، ومعظمهم من أصحاب الشركات الكبرى، فيعزون قيامهم بذلك إلى حاجتهم للإبقاء على القدرة التنافسية لشركاتهم في السوق العالمية. كذلك يبرر هؤلاء خسارة بلادهم لفرص عمل كهذه بأن اقتصاد السوق يؤسس فرص عمل بديلة يتمتع فيها العمال الأميركيون بأجور أعلى وأن الخسارة على المدى القصير ستنقلب ازدهاراً وتعزيزاً لقوة الاقتصاد الأميركي على المدى البعيد.
ولكن دوبس ومن يوافقونه الرأي يعتبرون ان السيل بلغ الزبى، فالاقتصاد الأميركي يواظب على تسجيل العجز تلو الآخر على مدى العقود الثلاثة الماضية فيما بلغ الدين العام حدود تسعة تريليونات دولار. كما يرى هؤلاء ان التفريط بالوظائف الأميركية لصالح عمال في الخارج يقلص من كمية ضرائب الدخل التي تجنيها الحكومة وبالتالي يساهم في ازدياد العجز. ويعتبرون ان الولايات المتحدة اليوم غير قادرة على إنتاج حاجتها من الملبس والمأكل فيتحول الاقتصاد الأميركي إلى اقتصاد خدمات موجه إلى السوق الداخلية حصراً مما حدا بالبعض إلى التندر بالقول أنه إذا استمر تصدير الوظائف على هذا المنوال فلن يجد الأميركيون ما يفعلونه سوى قلي الهمبرغر وبيعه لبعضهم البعض.
ولكن في العمق، يبدو ان الاقتصاد الأميركي يواجه أزمة واجهتها وما تزال تواجهها الدول الصناعية الأخرى. فالتطور يعني انخفاضاً في نسبة الإنجاب وارتفاعاً في معدل الأعمار، ويتوقع مجلس الاحتياط الفيديرالي ان تنخفض نسبة العمال الذين تراوح أعمارهم بين 18 و65 إلى المتقاعدين ما فوق 65 من خمسة إلى واحد إلى ثلاثة إلى واحد في العام 2030.
باختصار، فإن المجتمع الأميركي يشيخ وذلك سيرتب أعباءً إضافية على الموازنة المثقلة بالديون أصلاً في وقت ستنخفض القدرة على الإنتاج ويرتفع الطلب على الرواتب التقاعدية والعناية الصحية للمتقاعدين.
بدورهم، يقوم منظرو تصدير العمالة والتجارة الحرة وعلى رأسهم الصحافي في جريدة الپ"نيويورك تايمز"المعروف توماس فريدمان بالدعوى إلى ما يسمونه"تسطيح"العالم، أي إلغاء القيود على التجارة بين الدول. ويقول فريدمان في كتابه"العالم مسطح"ان الأجدر بالولايات المتحدة ان"تسطح"حدودها وتلغي كل الحمايات الجمركية والتجارية وإلا أجبرتها كل من الصين والهند على فعل ذلك مستقبلاً.
ويعلل هؤلاء نظريتهم بالقول بفشل فرض الرقابة أو القوانين على اقتصاد السوق العالمية وأن من الأجدى للشركات الأميركية تعزيز قدراتها التنافسية على الصعيد العالمي حتى لو جاء ذلك على حساب شريحة كبيرة من العمال الأميركيين وأبناء الطبقة الوسطى.
ويقول فريدمان أن في الوقت الذي يتخلى الأميركيون عن مهنة عمال الهاتف، على سبيل المثال، فبإمكان شركاتهم المتفوقة تجارياً تأمين وظائف ذات نوعية أفضل وتتطلب مهارة أكبر.إلا ان ثقة الأميركيين باقتصاد السوق تهتز شيئاً فشيئاً بعدما فشلت السياسات الحالية في الحد من ارتفاع الدين العام وصارت معظم العائلات الأميركية تعتمد على القروض وبطاقات الاعتماد في تأمين حاجاتها. ومع ان نسبة البطالة في الولايات المتحدة لا تتعدى الخمسة في المئة، إلا ان معارضي سياسات الإدارة الحالية يعتبرون ان أكثر الوظائف المتوافرة في سوق العمل هي وظائف خدمية قليلة الشأن في حين تنضح الهند بوظائف في اختصاصات الكومبيوتر والتكنولوجيا وكذلك الصين ودول نامية أخرى.
بالنسبة إلى كثير من الأميركيين، وعلى رأسهم رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي بن برنانكي الذي أدلى أخيراً بشهادة أمام الكونغرس، فإن ناقوس الخطر الاقتصادي يدق ويهدد تفوق أقوى اقتصاد في العالم وعلى الإدارة الحالية والإدارات القادمة التغيير من سياساتها لتلافي الوقوع في ما يسميه الاقتصاديون"الحلقة المفرغة"والتي تؤدي إلى خروج الدين العام عن السيطرة.
لذلك، تزداد في الولايات المتحدة اليوم الحملات الأهلية والإعلامية الداعية إلى سياسات اقتصادية فيها حماية أكبر وتوجيه حكومي أكثر. واللافت ان عدد كبير من أبناء المدارس اليمينية في الاقتصاد - والذين يدعون عادةً إلى الانفتاح واعتماد اقتصاد السوق وسيلة وحيدة للنمو والازدهار - يعيدون النظر في مواقفهم ويطالبون بسياسات تحسب عادة على أهل المدارس الاقتصادية اليسارية فيما قفز بعض الاقتصاديين اليساريين المطالبين بحقوق عمال العالم إلى مواقع اليمين للمطالبة بالإبقاء على سياسة السوق المفتوحة الأمر الذي يعني اختلاط نظريات اليمين واليسار والذي يعني أيضاً الحاجة للتخلي عن هذه النظريات التقليدية في الاقتصاد لصالح مدارس جديدة تتناسب والواقع الاقتصادي العالمي الجديد بعد انقضاء ما يقارب العقد على بدء العولمة وعلى انتهاء العلاقة الاقتصادية القائمة على مفاهيم المركنتيلية والإمبريالية والاستغلال في الإنتاج وسوء توزيع الثروة.
* صحافي مقيم في واشنطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.