استنفرت ألبانيا قوّاتها العسكرية من الجيش لضمان الأمن خلال الانتخابات البلديّة أمس، فيما حظيت العملية الانتخابية بمراقبة دولية واسعة باعتبارها اختباراً جديداً للنضج السياسي لهذه الدولة الفقيرة الطامحة للاندماج في المؤسّسات الأوروبية والأطلسية. وكانت ألبانيا وقّعت في حزيران يونيو 2005 اتفاق "استقرار وشراكة" يمثّل المرحلة الأولى نحو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. ودعا القائد العام للشرطة الألبانية بايرام ابراي، في كلمة نقلها تلفزيون العاصمة تيرانا، كل المواطنين إلى"التعاون مع الإجراءات الأمنية، التي تتطلب تفتيش العربات والأشخاص وحراسة المراكز الاتنخابية". وأوضح أنّ هذه الإجراءات"التي بدأت في اليوم السابق للانتخابات السبت وتستمر حتى الثلثاء، اقتضتها المواجهات المسلّحة التي حدثت بين الأطراف المتنافسة خلال الحملة الانتخابية". ونشرت الحكومة أيضاً، وحدات الجيش لحماية المؤسسات العامة، الحكومية والاقتصادية، في أنحاء البلاد. ومعلوم أنّ هذه الانتخابات كانت مقرّرة أصلاّ في 20 كانون الثاني يناير الماضي، وتمّ تأجيلها نتيجة الأزمة السياسية التي سبّبتها الخلافات الشديدة بين الحكومة والمعارضة الاشتراكية بخصوص القانون الانتخابي. وتمّت دعوة نحو مليونين و900 ألف ناخب ألباني للاقتراع في 4721 مركزاً انتخابياً، من أجل اختيار رؤساء بلدياتهم من بين أكثر من ألف مرشح، وتجري هذه الانتخابات تحت إشراف حوالي أربعة آلاف مراقب محلّي ودولي. وذكر تلفزيون تيرانا انّ الإقبال على التصويت كان كبيراً، نظراً إلى المنافسة الشديدة بين المرشّحين الذين ينتمون إلى أحزاب عدّة في مقدّمها: الديموقراطي الألباني الحاكم بزعامة رئيس الحكومة صالح بريشا، والاشتراكي الذي يقود المعارضة برئاسة رئيس الحكومة السابق فاتوس نانو. ويعتبر كسب معركة تيرانا التي تضمّ 20 في المئة من مجموع الناخبين في ألبانيا، رهاناً لكلا الحزبين، الديموقراطي الحاكم والاشتراكي المعارض. ورشّح الحزب الديموقراطي وزير الداخلية سوكول اولداشي 34 سنة الذي هو أبرز وجوه الحكومة، لرئاسة المجلس البلدي لمنطقة العاصمة، في حين اختارت المعارضة الاشتراكية رئيس البلدية الحالي أدي راما 42 سنة وهو رسّام سابق ويُوصف بأنه مجدّد العاصمة، للحصول على ولاية ثالثة لهذا المنصب، لمنافسة اولداشي. ومنذ تطبيق الديموقراطية في ألبانيا مطلع التسعينات، شهدت غالبية الانتخابات تظاهرات وحوادث عنف، كان أشدّها عام 1997 التي سبّبت فوضى لأشهر عدّة في البلاد كلها، وأدّت إلى تنحّي صالح بريشا من رئاسة الجمهوريّة التي كان يتولاّها في حينه، وفوز الاشتراكيين في الانتخابات الذين استمرّوا في السلطة إلى ما قبل سنتين عندما هزمهم من جديد بريشا بفوز حزبه الديموقراطي.