"بلاك ووتر" ليس اسماً لفيلم أميركي يدعي الإثارة. كما انه بالطبع ليس اسماً لمياه صالحة للشرب. "بلاك ووتر"هو إحدى شركات صناعة الأمن التي نشأت بالقرب من منطقة المستنقعات. فصناعة الأمن قام بها مرتزقة يحاربون في مقابل أجر، كما حدث في إيطاليا لأن الجمهوريات التجارية الكبرى مثل فلورانسا كانت تسعى الى الرخاء وتستدعي الغنى من دون ان تتكلف بالدفاع، ما أدى الى ظهور جيوش مرتزقة. فالإمبراطوريات التي شاخت عمدت الى خصخصة الأمن القومي، ما أدى الى خصخصة الحرب، علماً ان الحرب كانت باستمرار ممارسة دولة لا ممارسة شركات. بعد الفشل المرعب الذي مني به الجيش الأميركي في العراق ابرم عقوداً ضخمة ببلايين الدولارات مع شركة"بلاك ووتر"التي تمتلك في العراق أكثر من مئة ألف مرتزق مجهزين بطيران ومروحيات وأسلحة ومدرعات وقوات مشاة، وهي الشركة ذاتها التي ارتكبت أفظع الجرائم في الفلوجة. يؤدي أفراد هذه الشركة الأعمال التي يعجز عنها الجيش الاميركي او لا يستطيع القيام بها بفعل المقاومة، ما يضطره لاستخدام المرتزقة لأسباب عدة تحقق له فوائد جمة منها: - عدم محاسبة المرتزق على جريمة حرب حيث انه يستطيع ان يغادر البلاد بعد ان ينهي تعاقده مع الشركة. - المرتزق غير مقيد بقانون ولا تنطبق عليه حقوق الانسان وعند ملاحقته لن تجده. لقد ضاع الفاصل بين القتال من أجل الوطن والقتل من أجل الأجر الذي وصل في بعض المهمات في الفلوجة الى أكثر من ثلاثة آلاف دولار يومياً. وهذا ما يسمى بالإخضاع الذي يشترى بالمال وهو أيضاً جزء من وجع الامبراطورية الأميركية في كونها مكسورة تستأجر أناساً للقيام بدور القاتل عنها. لقد شاءت الصدفة ان يقع العراق في قلب هذه التجارة الطائلة الأرباح المنتشرة في جميع أرجاء الأرض، من كولومبيا الى أفغانستان، فيما الولاياتالمتحدة هي زبونها الرئيس. ناصر عبدالمجيد الحريري - سورية - بريد الكتروني