حذرت الحكومة الألمانية والهيئات الاقتصادية من فشل الدورة المقبلة لمنظمة التجارة العالمية في الدوحة، في إدخال مزيد من الليبرالية إلى الأسواق التجارية العالمية، بعد وصول مفاوضات جنيف الدولية، التي جرت في 42 تموز يونيو الجاري، إلى حائط مسدود، إثر نشوب خلاف عنيف بين مندوبي الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، حول مدى تحرير التجارة الدولية من القيود الجمركية المفروضة عليها. وتبادل ممثلو الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي التهم وتحميل المسوؤلية، واعتبر وزير الاقتصاد الألماني ميشائيل غلوز أن الخلافات المتبقية"كانت قليلة وفي الامكان تجاوزها"، مشدداً على أن الفشل الحاصل"ليس الكلمة الأخيرة، ما يعني أن على الجميع تقديم تنازلات جوهرية". أما الأمين العام لاتحاد الصناعة الألمانية لودولف فون فارتنبيرغ، فتحدث عن"تفويت فرصة كبيرة لإجراء تحسين جوهري في الشروط العامة للتجارة الدولية". فيما لفت رئيس اتحاد التجارة الخارجية وتجارة التجزئة في المانيا أنطون بورنر إلى أن المصدّرين الصغار والمتوسطين"سيكونون الأكثر تضرراً من عدم تحديد نظام تجاري دولي". وحذر رئيس اتحاد غرف الصناعة والتجارة الألمانية لودفيغ براون من فشل المفاوضات بصورة نهائية، قائلاً إن الفشل"سيضعف منظمة التجارة الدولية ويؤدي إلى قيام سلسلة من اتفاقات التجارة الحرة الثنائية، ما سينعكس سلباً على الشركات المصدرة، لأنه سيزيد الكلفة ويصعّب التنافس الدولي في الأسواق". وكانت"قمة الثماني"للدول الصناعية السبع وروسيا التي اجتمعت في بيترسبورغ، توافقت على ضرورة التوصل حتى منتصف آب أغسطس المقبل، إلى اتفاق على وضع"مشروع مبادئ"لدورة الدوحة. ويتمثل أحد أهداف الاتفاق في تمكين الدول الأفقر في العالم من الاستفادة من فوائد تحرير التجارة الدولية، لجهة تسهيل دخول منتجاتها الزراعية إلى الأسواق الدولية. واقترح المدير العام لمنظمة التجارة الدولية باسكال لامي تأجيل دورة الدوحة المقبلة حتى إشعار آخر، مشيراً إلى"أن الولاياتالمتحدة كانت وراء الفشل"الذي حصل بسبب رفضها خفض الدعم الكبير الذي تقدمه إلى المزارعين، علما أنه أكبر من الدعم الذي سمح لها به. لكن مفوض التجارة الأوروبي بيتر ماندلسن كان أكثر وضوحاً في انتقاده الموقف الأميركي حيث لفت إلى"أن الجميع تحرك باستثناء الولاياتالمتحدة التي لم تشأ أن تكون مرنة، ما ناقض روحية قمة الدول الثماني". وحذر من ان الفشل"لن يؤدي إلى وقوع أضرار اقتصادية كبيرة فقط، بل أيضاً إلى حصول أضرار سياسية ضخمة". وشدد على أن الاتحاد الأوروبي لن ييأس وسيتابع جهوده من أجل عقد دورة الدوحة. وتحدثت مفوضة التجارة الأميركية سوزان شواب عن"فشل جدي"في المفاوضات، لكنها أكدت أن بلدها"يرغب في بذل مزيد من المساعي للوصول إلى اتفاق". التجارة الحرة وبحسب بيانات منظمة التجارة الدولية في جنيف، حققت التجارة الدولية عام 5002 رقماً قياسياً تجاوز عشرة تريليون دولار بفضل الطلب المتزايد على الطاقة، وارتفاع أسعار المحروقات، بزيادة نسبتها 31 في المئة عن عام 4002. وتُوجت ألمانيا كأكبر بلد مصدّر في العالم، بعد أن بلغت قيمة سلعها المصدرة 179 بليون دولار، تتبعها الولاياتالمتحدة بفارق ملحوظ 409 بلايين دولار والصين 267 بليون دولار. وهبطت حصة السلع الزراعية المصدرة في العالم إلى أدنى مستوى لها خلال العقود الأخيرة، لتصل إلى 8 في المئة، بعدما كانت تسجل أكثر من 04 في المئة في الخمسينات. كما أن حصة الدول الخمسين الأكثر فقراً في العالم من التجارة العالمية، لم تتغير واستقرت على نسبة 0.8 في المئة فقط، فيما لم تتجاوز وارداتها من الخارج نسبة 0.8 في المئة أيضاً.