لم يكن ممكناً للأمين العام لپ"حزب الله"السيد حسن نصر الله ان يقول الا الكلام الذي قاله، ليل اول من امس في مقابلته على قناة"الجزيرة"، حيث أكد عدم تعرض قيادة حزبه لأي سوء ولاستمرار جاهزية ادارة المعارك واحتفاظ الحزب بقوته العسكرية والصاروخية. هذا هو الانطباع الاول الذي خرج به عدد من الوزراء والسياسيين الذين استمعوا الى الأمين العام للحزب والذين وجدوا لديه لهجة واثقة بالقدرة على تخطي هذه المرحلة. فنصر الله ما زال، كقوة سياسية - عسكرية لبنانياً، رابحاً في هذه المواجهة الدائرة طالما ان اسرائيل لم تتمكن من إضعاف قوته العسكرية والسياسية، على رغم الدمار الذي أصاب البلد. وبالتالي كان من الطبيعي ان يرفع نصر الله معنويات جمهوره ومقاتليه من موقع الذي لم تستطع القوة الاسرائيلية الهائلة إلحاق الهزيمة به، وكما قال، فإن عدم تمكن العدو الاسرائيلي من تحقيق أهدافه المعلنة وغير المعلنة ضد الحزب، يعتبر انتصاراً له وللحزب. وهذا ما كانت الحكومة وحتى القوى التي لا تتفق مع نصر الله حذّرت المجتمع الدولي منه معتبرة ان العملية العسكرية لن تؤدي الى إضعاف"حزب الله"بل العكس سيحصل. ولذلك فإن نصر الله بدا متماسكاً في كلامه حول المواجهة مع اسرائيل وفي دفاعه عن التهمة الموجهة الى الحزب بأنه يخوض معركة التحالف الايراني - السوري، عبر رده المعركة الى الاهداف الاميركية - الاسرائيلية بالإجهاز على أي ارادة مقاومة في فلسطين، عبر الإجهاز على المقاومة في لبنان وبأن رد الفعل الاسرائيلي على خطف الجنديين هو الذي يهدف، بتغطية اميركية كاملة، الى إضعاف ايران في التفاوض على الملف النووي الايراني، رافضاً التحليلات المعاكسة التي تعتبر ان هدف خطف الجنديين كان مساعدة ايران على موقفها في هذا الملف النووي. وترى مصادر وزارية ان نصر الله تحدث بلهجة القوي نظراً الى توقعه ان المواجهة العسكرية طويلة ولأن اسرائيل لم تحقق أي هدف ولذلك ستواصل التصعيد العسكري. وتسجل المصادر الوزارية والأوساط السياسية جملة ملاحظات على كلام نصر الله منها: 1- انه أصر على عملية مبادلة الأسيرين الاسرائيليين بالأسرى اللبنانيين وفي طليعتهم الأسير سمير قنطار في حين يبدو افق عملية التبادل مقفلاً لأن ما رشح من الاتصالات الدولية مع اسرائيل هو ان الاخيرة لن تقبل بالإفراج عن القنطار لأنه قتل مدنيين اسرائيليين. 2- ان نصر الله لا يهتم للموقف العربي المنتقد لتوجهات الحزب وبالتالي لا يقيم وزناً للتحرك العربي بدليل قوله اننا نسيناهم وكأنهم غير موجودين مستخدماً عبارة"فكوا عنا"، وهو ما اعتبره بعض المصادر الرسمية كلاماً نافراً وسلبياً تجاه الدول العربية الفاعلة والرئيسة. 3- انه كرّس في تسليمه بأن تتم المفاوضات عبر الحكومة التي تنسق مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري والذي فوضه الحزب بالتفاوض عنه، اتفاقاً جرى التوصل اليه بين رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وبري، بالتفاهم مع نصر الله منذ نهاية الاسبوع الماضي، الا ان نصر الله قال ايضاً ان الحكومة تنقل الينا ما تقترحه القوى الدولية ونحن نعطي رأينا. وتعتبر مصادر وزارية انه مقابل ايجابية التسليم بدور الحكومة فإن الشروط المطروحة من الحزب لا تعطي حرية حركة لهذه الحكومة، كذلك للرئيس بري. وفي ما يتعلق بالنقاط التي تتعدى قضية الأسرى فإن"حزب الله"اعلن امس النائب حسين الحاج حسن رفضه لرزمة الأفكار التي طرحها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان. وهي أفكار ساهم السنيورة في بعض نقاطها لجهة العمل على انسحاب اسرائيل من مزارع شبعا وتطبيق اتفاق الطائف. وبذلك يصبح قبول نصر الله بأن تفاوض الحكومة من دون تفويض لها بحل شامل بل فقط بعملية تبادل الأسرى. 4- ان نصر الله أكد رداً على تصريحات النائب سعد الحريري بأن الذين غامروا بالوضع في لبنان سيحاسبون بالتأكيد ان الحزب بدوره سيحاسب البعض وسيسامح البعض الآخر وهذا الموقف ترى فيه المصادر الوزارية تهديداً مفتوحاً لبعض القوى السياسية، من دون تحديد معايير الموقف الذي سيأخذه من تلك القوى. 5- إن أبرز موقف داخلي أخذه نصر الله، اضافة الى استبعاده أي حرب اهلية هو محافظته على العلاقة التحالفية مع زعيم التيار الوطني الحر العماد ميشال عون باعتبار ان"حزب الله"يعتبر ان موقف عون الحكيم يمثل تغطية سياسية مهمة للحزب في مواجهته التي يخوضها الآن.