في واحدة من المباريات الحافلة بالاخطاء التحكيمية المؤثرة للاسترالي الشاب مارك شيلد، قدم المنتخبان السعودي والتونسي عرضاً شائقاً امتع الملايين المتابعين لكأس العالم في كل مكان وتعادلا 2-2. الحكم شيلد هو أصغر حكام البطولة، وكان في الملعب اثنان من اللاعبين الذين يفوقونه من العمر، وهما الحارس التونسي علي بومجيل وهداف"الأخضر"سامي الجابر، ويتمتع شيلد - على رغم صغر سنه - بخبرة هائلة نظراً إلى قيامه بالتحكيم في كأس العالم 2002، وبطولة العالم للشباب 2005، واكثر من نهائيات لكأس العالم للشباب والناشئين والمسابقات القارية والمباريات الصعبة في التصفيات. لم يكن شيلد ومساعداه في حال جيدة - سواء على صعيد اليقظة أو التقدير او الشجاعة، والاخطاء التي ارتكبها تكفل استبعاده النهائي من كأس العالم، ولكن لجنة الحكام العليا في"الفيفا"تمنحه ثقة ودعماً باستمرار، ما يشير الى استمراره على رغم الاداء السيئ. ونظراً إلى كثرة الاخطاء نركز على ثلاثة فقط كانت بالغة التأثير في نتيجة المباراة، أولها، الهدف الأول لتونس الذي سجله زياد الجزيري في الدقيقة 23 بعد ركلة حرة مباشرة أمام منطقة الجزاء، وهو موقف ثابت يساعد الحكم ومساعده على التمركز الصحيح، وأسفرت الركلة عن ارتباك داخل المنطقة، وانتهت الكرة عند الجزيري وحده على مسافة 10 ياردات من المرمى، ولم يجد صعوبة في التسديد نحو المرمى، ولكن الكرة اتجهت مباشرة صوب زميله المدافع المتقدم راضي الجعايدي الموجود وحده داخل منطقة المرمى، وهو ما يعني وجوده في موقع تسلل، واضطر الجعايدي بذكاء الى الميل الى أسفل لتمر الكرة فوق رأسه وتدخل الشباك مباشرة، والحركة التي قام بها الجعايدي لتفادي اصطدام الكرة به تعني وتؤكد تداخله في اللعبة بشكل مباشر 100 في المئة، وينص القانون على ان اللاعب الموجود في موقف تسلل ولا يلمس الكرة يجب ان يعاقب على تسلله اذا لفت نظر الحارس او حال دون رؤيته للكرة، وهي الحال التي تنطبق بكل تأكيد على الجعايدي، ولكن المساعد الاسترالي أشار بصحة الهدف وتبعه الحكم وتقدمت تونس 1- صفر. عدالة السماء كانت موجودة في ملعب اليانز ارنيا في ميونيخ، وأعادت الحق الى المنتخب السعودي، عندما تجاوز الاسترالي شيلد عن ركلة جزاء تونسية واضحة وصحيحة 100 في المئة للجزيري، وتعرض المهاجم التونسي المنطلق وحده داخل المنطقة من الجانب الأيمن لإعاقة كاملة من القدم اليسرى للمدافع السعودي وسقط على الأرض، ولم يصدق نفسه عندما وجد اللعب مستمراً ومن دون أي صافرة لركلة جزاء، وكشفت الواقعة عن سوء تقدير بالغ من الحكم. ويبدو أن الاسترالي شعر بوخز الضمير لعدم احتساب ركلة الجزاء وسعى الى مجاملة التونسيين في الشوط الثاني بالتغاضي عن منح الانذار الثاني للمدافع كريم حقي مرتين، ونال حقي الانذار الاول في الدقيقة 35 لمخالفة عنيفة خارج منطقة جزائه، والغريب ان المخالفتين اللتين تجاهلهما الحكم لحقي كانتا أكثر وضوحاً وعنفاً في وسط الملعب، ولم يصدق أحد نفسه سواء في الملعب أو أمام الشاشات عندما قرر معاقبة المخالفة الثانية لحقي في الدقيقة 79 بالانذار، ولكنه وجهه الى زميله ياسين الشيخاوي ليتفادى طرد حقي! الشيء الوحيد الجيد في المباراة تحكيمياً هو عدم تأثر مارك شيلد بوفرة انذاراته الموجهة الى جانب واحد، ولم يحاول توزيعها بين المنتخبين، . وفي مباراة اسبانياواوكرانيا لم يكن الحكم السويسري ماسيمو بوساكا موفقاً في احتساب ركلة الجزاء الاسبانية التي أسفرت عن الهدف الثالث، ولكن هذا الخطأ لا يمنع الاشادة بقرار الطرد للمدافع الاوكراني فلاديسلاف فاش تشوك في اللعبة نفسها، وكان بوساكا بعيداً عن المخالفة عندما انفرد المهاجم الاسباني ديفيد فيلا من 40 متراً بالمرمى، واضطر فاش تشوك لشده من سرواله للحيلولة دون انفراده وهما خارج منطقة الجزاء، ولكنه اهتز كثيراً عندما سدد الكرة سهلة بين يدي الحارس الاوكراني، ويمتلك الحكم - وفقاً للقانون - الحق في العودة لاحتساب الخطأ الأول خلال 3 ثوان من حدوثه، وهو ما فعله بوساكا بتقرير ركلة حرة لمصلحة اسبانيا، ولكن تحديد مكان الركلة كان الخطأ الجسيم للحكم السويسري، والاساس أن تكون خارج المنطقة وليس داخلها لأن المخالفة لم تستمر في المنطقة، وقرار الطرد صحيح لأن فاش تشوك منع هدفاً محققاً لأسبانيا، ولم يشهد اللقاء سوى انذارين للثنائي روسول وايزيريسكي من اوكرانيا. الاداء التحكيمي الافضل أول من أمس كان للاسباني لويس ميدنيا، الذي خدمته الظروف بالمشاركة في"المونديال"من الباب الخلفي للحكام ولم تشمله قائمة الحكام المختارين في البداية، وكان مواطنه كانتاليخو هو المرشح بين 25 حكماً، وشاءت الأقدار أن يفشل أحد مساعد كانتاليخو - الذي أدار نهائي دوري أبطال أوروبا بين ليفربول وميلان 1995 في الاختبارات، وخرج كانتاليخو ودخل ميدنيا، والطريف ان الاسم الثالث له هو كانتاليخو ايضاً. ورفض ميدنيا نداء وصراخ لاعبي ومدربي وجماهير المانيا مرتين للمطالبة بركة جزاء، ولكنه كان حازماً للغاية في الالعاب العنيفة ومحاولة إهدار الوقت، ووصل عدد البطاقات التي وزعها على لاعبي المنتخبين الى ثماني بطاقات، وكان اللون الأصفر من نصيب لاعبي بولندا كرزينوفيك وسوبو ليفسكي وبوروتش، وثلاثة من المانيا بالاك وادونكور وميتزيلدر، ولأنه أخر البطاقة مرتين لسوبو ليفسكي كان الطرد من نصيبه بعد 75 دقيقة.