أكثر من بليون دولار من الارباح تحصل عليها الاتحادات المتنوعة عالمياً وقارياً ووطنياً من نهائيات كأس العالم لكرة القدم، ويهدي الاتحاد الدولي"الفيفا"الى اشقائه الستة الصغار من الاتحادات القارية ملايين عدة على سبيل الدعم.. ويوزع اكثر من 150 مليونًا بين الدول المتأهلة الى النهائيات، وفقاً لترتيبها النهائي في المسابقة، ولا ينسى"الفيفا"الدول التي عجزت عن التأهل، ويمنحها ايضاً نصيباً غير قليل من ملايينه. وتمثل نهائيات كأس العالم - التي تقام مرة واحدة كل 4 سنوات - الدجاجة التي تبيض ذهباً للفيفا.. ويدخل الى خزانته من عوائدها ما يزيد على 300 مليون دولار، وهو الاتحاد الرياضي الاغنى عالمياً على الاطلاق. ولكن"الفيفا"لا ينعم دائماً بالاستقرار، وينظر الجميع الى نهائيات كأس العالم بحسد بالغ لانها تمنحه اموالاً يعتبرها الكثيرون جزءاً من حقوقهم. والمونديال 2006 - وبطولات كأس العالم التي تليه - مهددة بفقدان جزء كبير من بريقها وارباحها، إذا خسر الفيفا مواجهاته الصعبة عبر ساحة القضاء في القارة الاوروبية. ودخل نادي شارلروا البلجيكي في نزاع قضائي مع الفيفا للمطالبة بتعويض مالي كبير عن الخسائر التي لحقت به، بسبب الاصابة العنيفة التي ابعدت لاعبه المغربي عبدالمجيد اولميرس عن الملاعب تسعة شهور، ولحقت الاصابة بأولميرس خلال مشاركته مع منتخب المغرب في تصفيات كأس العالم ضد بوركينا فاسو في تشرين الثاني نوفمبر 2004 وتمزقت اربطة الكاحل، وخضع لجراحة صعبة، وابتعد عن صفوف شارلروا طوال الموسم 2004 - 2005، وهو الامر الذي اهدر فرص الفريق في المنافسة على بطولة الدوري البلجيكي، ولم يتأهل الى دوري ابطال اوروبا، وقدرت سلطات النادي حجم الخسائر بمبلغ 732 ألف دولار، وطالبت الفيفا بدفع مبلغ التعويض، لانها منظمة المسابقة، ولوائحها هي التي تجبر اللاعبين على الالتحاق بالمنتخبات على عكس رغبة وإرادة الاندية. المسؤولون في الاتحاد الدولي"الفيفا"رفضوا طلب شارلروا، وأكدوا انهم يمنحون الاتحادات الوطنية تعويضات واموالاً مستمرة، ومن حق النادي أن يبحث عن شؤونه المالية مع تلك الاتحادات. ولكن ادارة شارلروا لم تعترف برد الفيفا، وسحبت الاتحاد الدولي الى ساحة القضاء في المدينة البلجيكية الهادئة، وفشلت كل محاولات لم الشمل أو اجراءات المصالحة، وكان آخرها الاجتماع الفاشل بين رئيس الفيفا سيب بلاتر ورئيس النادي. الفيفا لا ينظر الى القضية من منظور ضيق او صغير باعتبارها مشكلة مع نادٍ، وهو يدرك ان المبلغ المحدود الذي يطلبه شارلروا لا يمثل قطرة في بحر اعماله وارباحه، ولكنه يدرك ان خسارته لتلك القضية ستفتح عليه ابواب الجحيم، وتحوله الى مؤسسة فاشلة وخاسرة لانها تعطي لكل ناد في العالم فرصة الحصول على مئات الآلاف من الدولارات إذا اصيب احد لاعبيه الدوليين مع منتخب بلاده، وهي واقعة تتكرر أكثر من 200 مرة سنوياً في المباريات الدولية. وفي سعيه للمحافظة على صلابته وعلى نهائيات كأس العالم دعم الفيفا موقفه بوقفة جماعية من كل الاتحادات القارية التابعة له - وعلى رأسها الاتحاد الاوروبي - ومعه 48 اتحاداً وطنياً في جبهة واحدة في القضية ضد نادي شارلروا. وترى كل تلك الاتحادات ان تمثيل اللاعب لمنتخب بلاده في المسابقات الدولية يمثل واجباً والتزاماً وطنياً، ولا مجال لمناقشته او تقويمه مالياً، وان الاندية تحقق فائدة عملاقة من المشاركات الدولية لنجومها، ولولا الفوز التاريخي للنجم الفرنسي زين الدين زيدان مع منتخب بلاده في كأس العالم 1998، ما حقق ناديه الاسباني ريال مدريد هذه النسبة المذهلة من المبيعات للمنتجات التي تحمل اسم وصورة زيدان، وهو ما تكرر مع البرازيلي رونالدو والنادي نفسه بعد الفوز بكأس العالم 2002، وتتزايد اشتراكات كل الاندية في قنواتها الخاصة، وحصيلة بيع حقوق مبارياتها، بوجود النجوم الذين تلمع اسماؤهم في نهائيات كأس العالم، وهي السوق الكبرى التي يستغلها اللاعبون لعرض مهاراتهم وجلب الملايين الى انديتهم من كل الجوانب. ولكن الحشد الرهيب من الفيفا والاتحادات القارية والوطنية ضد نادي شارلروا لم يكن مخيفاً ولا فريداً، وقابله حشد بالغ القوة وعالي القيمة والدعم من مجموعة ال14 لأغني اندية اوروبا بالوقوف مع شارلروا في دعواه ضد الفيفا، ومنحت المجموعة - وهي تضم حالياً 18 نادياً اشهرها ريال مدريدوبرشلونة من اسبانيا، وميلان ويوفنتوس من ايطاليا، وبايرن ميونيخ الالماني، ومانشستر يونايتد الانكليزي، وليون الفرنسي - لنادي شارلروا عدداً من المحامين المعروفين اوروبياً لمساندته في دعواه. وتنتظر مجموعة ال14 قرار الحكم بفارغ الصبر لتنقض على الفيفا بطلبات هائلة، وترى الاندية الاعضاء في تلك المجموعة ان مشاركة لاعبيها مع منتخبات بلادهم عبر السنوات العشر الاخيرة كلفتها ما مجموعه بليون دولار، وهي تتمسك بحقها في رد تلك الاموال اليها عن طريق الفيفا، حتى لو تأخر القرار لعام أو أكثر، وترفض المجموعة ادعاءات الفيفا بضرورة مراجعة الاتحادات الوطنية بحثاً عن حقوقها، ويضرب برشلونة مثالاً بوجود هدافه الاول صمويل ايتو ضمن صفوف الكاميرون، وهي دولة فقيرة اساساً، واتحادها لا يملك المال ولا الاستقرار، ومن المستحيل ملاحقته على أي صعيد. ويكشف رئيس نادي ليون الفرنسي جون ميشيل اولاً القضية بالارقام، مؤكداً ان قائمة ناديه بطل فرنسا في السنوات الاربع الاخيرة - والمتأهل الى ربع نهائي دوري ابطال اوروبا حالياً - تضم 24 لاعباً دولياً في 10 دول مختلفة، وأن ناديه يدفع لهم رواتب 1000 يوم عمل خلال العام من دون أن يكونوا موجودين خلالها في فرنسا او مع ناديهم، وهو امر غير عادل على الاطلاق، وتزيد المسألة سوءاً عند الاصابة، لان النادي يتحمل تكاليف العلاج وخسائر الغياب، كما حدث مع الفرنسي اريك ابيدال، الذي اصيب في مباراة كوستاريكا في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، ويطالب ليون الاتحادين الفرنسي والدولي بتعويض مليون دولار عن اصابته.