موقف ميتروفيتش من مواجهة مانشستر سيتي    حقيقة تعاقد النصر مع جيسوس    نيوم يعلق على تقارير مفاوضاته لضم إمام عاشور ووسام أبو علي    رابطة العالم الإسلامي تُدين العنف ضد المدنيين في غزة واعتداءات المستوطنين على كفر مالك    رئيسة الحكومة ووزير الصحة بتونس يستقبلان الرئيس التنفيذي للصندوق السعودي للتنمية    لجنة كرة القدم المُصغَّرة بمنطقة جازان تقيم حفل انطلاق برامجها    ليلة حماسية من الرياض: نزالات "سماك داون" تشعل الأجواء بحضور جماهيري كبير    عقبة المحمدية تستضيف الجولة الأولى من بطولة السعودية تويوتا صعود الهضبة    "الحازمي" مشرفًا عامًا على مكتب المدير العام ومتحدثًا رسميًا لتعليم جازان    «سلمان للإغاثة» يوزّع (3,000) كرتون من التمر في مديرية القاهرة بتعز    فعاليات ( لمة فرح 2 ) من البركة الخيرية تحتفي بالناجحين    في حالة نادرة.. ولادة لأحد سلالات الضأن لسبعة توائم    دراسة: الصوم قبل الجراحة عديم الفائدة    ضبط شخص في تبوك لترويجه (66) كجم "حشيش" و(1) كيلوجرام "كوكايين"    أمير الشرقية يقدم التعازي لأسرة البسام    نجاح أول عملية باستخدام تقنية الارتجاع الهيدروستاتيكي لطفل بتبوك    صحف عالمية: الهلال يصنع التاريخ في كأس العالم للأندية 2025    مقتل 18 سائحًا من أسرة واحدة غرقًا بعد فيضان نهر سوات بباكستان    الهلال يحقق مجموعة من الأرقام القياسية في مونديال الأندية    إمام وخطيب المسجد النبوي: تقوى الله أعظم زاد، وشهر المحرم موسم عظيم للعبادة    12 جهة تدرس تعزيز الكفاءة والمواءمة والتكامل للزراعة بالمنطقة الشرقية    الشيخ صالح بن حميد: النعم تُحفظ بالشكر وتضيع بالجحود    تمديد مبادرة إلغاء الغرامات والإعفاء من العقوبات المالية عن المكلفين حتى 31 ديسمبر 2025م    بلدية فرسان تكرم الاعلامي "الحُمق"    مدير جوازات الرياض يقلد «آل عادي» رتبته الجديدة «رائد»    استشهاد 22 فلسطينيًا في قصف الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة    وزارة الرياضة تحقق نسبة 100% في بطاقة الأداء لكفاءة الطاقة لعامي 2023 -2024    رئاسة الشؤون الدينية تُطلق خطة موسم العمرة لعام 1447ه    ثورة أدب    أخلاقيات متجذرة    القبض على وافدين اعتديا على امرأة في الرياض    استمتع بالطبيعة.. وتقيد بالشروط    د. علي الدّفاع.. عبقري الرياضيات    في إلهامات الرؤية الوطنية    البدء بتطبيق"التأمينات الاجتماعية" على الرياضيين السعوديين ابتداءً من الشهر المقبل    نائب أمير جازان يستقبل رئيس محكمة الاستئناف بالمنطقة    الأمير تركي الفيصل : عام جديد    تدخل طبي عاجل ينقذ حياة سبعيني بمستشفى الرس العام    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان يشارك في افتتاح المؤتمر العلمي الثاني    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي، ويناقش تحسين الخدمات والمشاريع التنموية    لوحات تستلهم جمال الطبيعة الصينية لفنان صيني بمعرض بالرياض واميرات سعوديات يثنين    ترامب يحث الكونغرس على "قتل" إذاعة (صوت أمريكا)    تحسن أسعار النفط والذهب    حامد مطاوع..رئيس تحرير الندوة في عصرها الذهبي..    تخريج أول دفعة من "برنامج التصحيح اللغوي"    عسير.. وجهة سياحة أولى للسعوديين والمقيمين    أسرة الزواوي تستقبل التعازي في فقيدتهم مريم    الإطاحة ب15 مخالفاً لتهريبهم مخدرات    وزير الداخلية يعزي الشريف في وفاة والدته    الخارجية الإيرانية: منشآتنا النووية تعرضت لأضرار جسيمة    تصاعد المعارك بين الجيش و«الدعم».. السودان.. مناطق إستراتيجية تتحول لبؤر اشتباك    غروسي: عودة المفتشين لمنشآت إيران النووية ضرورية    استشاري: المورينجا لا تعالج الضغط ولا الكوليسترول    "التخصصات الصحية": إعلان نتائج برامج البورد السعودي    أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الصحة بالمنطقة والمدير التنفيذي لهيئة الصحة العامة بالقطاع الشمالي    من أعلام جازان.. الشيخ الدكتور علي بن محمد عطيف    أقوى كاميرا تكتشف الكون    الهيئة الملكية تطلق حملة "مكة إرث حي" لإبراز القيمة الحضارية والتاريخية للعاصمة المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تقبل واشنطن بتسليم الأمن الى حلفاء طهران ؟ . حكومة "الوحدة الوطنية" في العراق : شروط وشروط مضادة ومخاض قد يطول
نشر في الحياة يوم 01 - 03 - 2007

يكاد التاريخ يعيد نفسه. فأزمة تشكيل الحكومة العراقية بعد الانتخابات النيابية في كانون الثاني يناير 2005 تتكرر الآن وربما بحدة أكثر نتيجة دخول فرقاء جدد الى البرلمان فضلاً عن التجاذب الحاصل حول النتائج والشكاوى من خروقات وتزوير تقول المفوضية العليا للانتخابات ان بتها لن يغير كثيراً في النتائج الأولية التي أسفرت عن تقدم"الائتلاف العراقي الموحد".
والتنافس على مناصب الرئاسات الثلاث، الجمهورية والحكومة والبرلمان، ليس أبرز ملامح الأزمة المتجددة، كما ان التجاذب بين أركان"البيت الواحد"في"الائتلاف العراقي الموحد"الذي حاز أكبر نسبة من مقاعد الجمعية الوطنية لاختيار مرشحه لرئاسة الحكومة، لن يحجب الضوء عن مسائل أكثر اهمية من تسمية المرشح لهذا المنصب، وأهمها شكل الحكومة الجديدة حكومة وحدة وطنية أم تحالف ثنائي أو ثلاثي وهوية وزيري الداخلية والدفاع، والعلاقة بين القوات الاميركية والحكومة العراقية التي لن تستطيع التهرب من مواجهة البند المتعلق بتحديد جدول زمني لانسحاب القوات الأميركية، فضلاً عن الاتفاق على برنامج عمل الحكومة خصوصاً في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والعلاقات مع الدول المجاورة ومؤتمر المصالحة المقرر عقده بين نهاية شباط فبراير وبداية آذار مارس برعاية الجامعة العربية.
ويضاف الى هذه التحديات الحكومية، تحد آخر لا يقل أهمية يتمثل باتفاق البرلمان الجديد على تشكيل لجنة خاصة للبحث في كل مواد الدستور واقتراح توصيات باجراء تعديلات على بعض المواد، ثم طرحها على الاستفتاء العام، كما نص على ذلك الدستور نفسه الذي أقر منتصف تشرين الأول اكتوبر الماضي. ويتوقف هذا الأمر كثيراً على رغبة الكتلتين الرئيستين في البرلمان"الائتلاف الموحد"و"التحالف الكردستاني"اللذين لا يخفيان مواقفهما بعدم الرغبة باجراء تعديلات جوهرية على الدستور، بل وضعا الالتزام بالدستور شرطاً أمام الكتل البرلمانية الأخرى الراغبة في المشاركة في الحكومة.
وكان السنّة عارضوا مسودة الدستور وحاولوا اسقاطها في الاستفتاء بسبب رفضهم بعض البنود فيها وأهمها تبني النظام الفيديرالي وقانون اجتثاث البعث وتوزيع الثروات الطبيعية. وبعد تدخل مكثف من السفير الأميركي في بغداد زلماي خليل زاد أضيفت فقرة الى الدستور تنص على اعادة النظر في بنوده من جانب البرلمان المقبل، ما دفع السنة الى وقف مقاطعتهم للعملية السياسية عبر المشاركة في الاستفتاء على الدستور ثم الانتخابات النيابية في كانون الاول ديسمبر الماضي وفوز"جبهة التوافق الوطني"السنية في المرتبة الثالثة بعد"الائتلاف"و"التحالف".
والمنافسة على رئاسة الوزراء تكاد تنحصر بين زعيم"حزب الدعوة الاسلامية"رئيس الوزراء الحالي ابراهيم الجعفري وعادل عبد المهدي، القيادي في"المجلس الأعلى للثورة الاسلامية"فيما انضم الى السباق رئيس"حزب الفضيلة الاسلامية"نديم الجابري على رغم ضعف حظوظه في الفوز.
وعلى رغم ان كلاً من المتنافسين الرئيسيين على رئاسة الحكومة، عبد المهدي والجعفري، يتمتع بمميزات مختلفة إلا ان كفتيهما متقاربتان، فيما التنافس بينهما ليس على برنامج سياسي مختلف لكل منهما بقدر ما هو تنافس داخل"البيت الواحد". فعبد المهدي مقبول أكثر لدى أطراف شيعية والأكراد وبعض السنة، فيما الجعفري مقبول أكثر لدى"التيار الصدري"مع تحفظ الأكراد وبعض السنة.
وفيما يسعى المتنافسان الى حشد التأييد والدعم لدى كل القوى الفاعلة والمؤثرة للفوز بهذا المنصب بات واضحاً ان كتلة"التيار الصدري"في"الائتلاف"هي العامل الحاسم في تحديد هوية رئيس الوزراء. وعلى رغم ان التيار الصدري لم يعلن رسمياً بعد ترشيحه الجعفري لرئاسة الحكومة إلا ان بعض رموز هذا التيار أعلنوا مراراً تفضيلهم ترشيح الجعفري.
ويتوقع ان يتولى التيار الصدري العمل على"تسويق"ترشيح الجعفري لدى القوى المعترضة أو المتحفظة عن ترؤسه الحكومة، خصوصاً لدى"جبهة التوافق"السنية والأكراد، علماً بأن زيارة الجعفري الأخيرة الى كردستان ولقائه مسعود بارزاني وجلال طالباني أوجدت مناخاً جديداً بين الطرفين يزيل تحفظ الأكراد في حال اتفق"الائتلاف"على ترشيحه، علماً بأن عبد العزيز الحكيم كان سبقه الى الاجتماع بالقيادات الكردية وصدرت بيانات تؤكد التحالف بين"الائتلاف الموحد"و"التحالف الكردستاني".
ويرى مطلعون ان"المجلس الأعلى"سيواصل طرح اسم مرشحه عادل عبد المهدي لمنصب رئاسة الوزراء، لكن ليس الى حد الاصطدام بالتيار الصدري"حفاظاً على وحدة الصف الشيعي وخشية ايقاظ الخلافات القديمة بين الطرفين".
پ
عوامل داخلية وخارجية
تتحكم بتشكيل الحكومة العراقية عوامل داخلية وخارجية. ولا يخفى ان واشنطن وطهران أبرز عاملين خارجيين في تأليفها، وتسعى كل منهما الى تكريس نفوذها في العراق الذي لن تتم ترجمته إلا على حساب الأخرى في ظل الصراع المعلن بين الطرفين. لكن نفوذ الولايات المتحدة في الساحة العراقية بدأ يضعف وقدرتها على التأثير أخذت تتضاءل كما رأت صحيفة"نيويورك تايمز"في أحد تقاريرها عن العراق منتصف الشهر الماضي. وتركز واشنطن حالياً جهودها، كما سعت بعد انتخابات كانون الثاني العام الماضي، على محاولة الحد من نفوذ ايران عبر تشديد الضغوط على حليف طهران الرئيسي "الائتلاف الموحد" بهدف"الحد من الأضرار"من جهة والضغط لاشراك حليفها اياد علاوي في الحكومة ومنحه، إن أمكن، دوراً أمنياً من جهة ثانية.
وفي أبلغ اشارة الى تراجع النفوذ الأميركي في العراق وجهت واشنطن رسائل مباشرة الى طهران تعرض عليها التعاون في الملف العراقي، الأمر الذي ردت عليه طهران ببرودة شديدة، موضحة انها تريد التفاوض مع واشنطن على كل الملفات العالقة، وان السفير الأميركي في بغداد ليس الشخص المؤهل لذلك.
أما ايران فان نفوذها في العراق تكرس عن طريق حلفائها التقليديين في"الائتلاف الموحد"فضلاً عن علاقاتها الوثيقة مع الأطراف الكردية، فيما ترى وجود فرص حقيقية للتعاون مع القوى السنية الفائزة في الانتخابات "جبهة التوافق" لوجود قواسم مشتركة لعل أهمها"إسلامية"هذه القوى والموقف من القوات الأميركية، يعززها احتمال مشاركة"التوافق"في حكومة وحدة وطنية بجانب"الائتلاف".
ولا شك في ان الادارة الأميركية تشعر بالخيبة لنتائج الانتخابات العراقية التي أشادت بنزاهتها قبل ان تعود وتشكك بنتائجها، خصوصاً بعد تأكدها من تقدم"الائتلاف الموحد"وتراجع كبير لحلفائها علاوي. وكأن الخيبة التي أصيبت بها واشنطن لم تكن كافية حتى صاحبتها مرارة شديدة من جراء فوز التيار الاسلامي لدى السنة "جبهة التوافق" ليكتمل عقد البرلمان المقبل بفوز القوى الاسلامية الشيعية والسنية. ولم يتأخر رد الفعل الأميركي تعبيراً عن الخيبة والمرارة فجاء سريعاً بعد أيام من اعلان نتائج الانتخابات بعدم تخصيص مبالغ جديدة في الموازنة الأميركية لاعمار العراق كما كان يحصل في السنوات الماضية.
ويتندر مطلعون على"الورطة"التي أوقعت واشنطن نفسها بها في مسألة الانتخابات، باشارتها الى التيار البعثي صالح المطلك الترشح بقائمة مستقلة بهدف اكتشاف مدى حجم التأييد الشعبي للبعثيين الذي جاء هزيلاً للغاية ولحساب الاسلاميين.
أما على الصعيد الداخلي فيلاحظ اصرار مختلف الاطراف العراقية، خصوصاً القوى الكردية، على تشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة تضم الكتل الرئيسية الأربع الفائزة في الانتخابات، وهي"الائتلاف العراقي الموحد"التي تضم الأحزاب الشيعية الرئيسية، و"التحالف الكردستاني"و"جبهة التوافق العراقية"السنية و"القائمة العراقية الوطنية"بزعامة اياد علاوي.
وحجر الزاوية في العامل الداخلي يبقى التفاهم بين قائمتي"الائتلاف الموحد"و"التحالف الكردستاني"الذي يبدو ان الطرفين حريصان على استمراره وتعزيزه نظراً الى تقارب نظرتهما الى معظم الأمور الرئيسة، بدءاً من محاربة الارهاب والالتزام بالنظام الفيديرالي واجتثاث البعث، والأهم التفاهم الذي حصل أخيراً بين رئيس"الائتلاف"عبدالعزيز الحكيم وابراهيم الجعفري مع الزعماء الأكراد في شأن كركوك، من دون أن يعني ذلك تطابق مواقف الطرفين في كل هذه المسائل أو غيرها.
ووضع الطرفان"الائتلاف"و"التحالف"تصوراً مشتركاً، أو شروطاً، لقبول مشاركة القوى الأخرى في حكومة وحدة وطنية، أهمها الالتزام ب"مكافحة الارهاب"والالتزام بالدستور، بما يعني القبول بالنظام الفيديرالي واجتثاث البعث. وتزامن ذلك مع دعوة التيار الصدري، أحد المكونات الرئيسة في"الائتلاف الموحد"الى استبعاد قائمة علاوي من المشاركة في الحكومة لأسباب عدة أهمها اتهام الصدريين حكومة علاوي بشن الحرب عليهم خصوصاً في النجف ومدينة الصدر في بغداد واعتقال قادتهم وكوادرهم الذين ما زال بعضهم في السجون حتى الآن، علماً بأن قائمة علاوي لم تعلن بعد استعدادها للمشاركة في الحكومة المقبلة.
ويلاحظ ان"جبهة التوافق"ترفق اعلان رغبتها بالمشاركة في حكومة وحدة وطنية بمواقف تبدو متعارضة مع مواقف"الائتلاف"و"التحالف"لا سيما من قضايا مكافحة الارهاب والفيديرالية واجتثاث البعث. ويفسر هذا"التناقض"برغبة"التوافق"في الايحاء لمحازبيها بتمسكها ب"الثوابت"خلال التفاوض، علماً بأن اتصالات مبكرة أجرتها مع"الائتلاف"و"التحالف"للتفاهم على المشاركة في الحكومة أظهرت خلالها مرونة كبيرة وتفهماً واستعداداً ل"تقديم تنازلات متبادلة لتحقيق المصلحة الوطنية".
وتأتي هذه التصريحات واعلان الشروط بين الكتل الرئيسة الفائزة في الانتخابات في سياق التمهيد للمفاوضات، أو هي، على الأصح، مرحلة أولى منها، في أن تشكيل الحكومة المقبلة ومحاولة كل طرف رفع سقف مطالبه من الحصص الوزارية وغيرها.
پ
پصراع على الملف الأمني
واحتدم الصراع على الوزارات الأمنية الداخلية والدفاع كما جرى لدى تشكيل حكومة الجعفري السابقة، مع خروج الضغوط الأميركية الى العلن هذه المرة اذ شن السفير الأميركي زلماي خليل زاد في بغداد حملة على وزير الداخلية بيان جبر صولاغ على خلفية التجاوزات في معتقل الجادرية متهماً اياه بالطائفية ومشيراً الى عدم جواز تبوؤ مسؤول حزبي هذا المنصب، في محاولة لاستباق اعادة تكليف جبر بهذا المنصب، الأمر الذي ردده الجنرال جون فينز، قائد القوات البرية الاميركية في العراق، الذي حذر في"نيويورك تايمز"من ان الخصومات الطائفية قد تحول قوات الأمن العراقية إلى"ميليشيات أو عصابات مسلحة"معبراً عن"القلق"في حال"تم استبدال اصحاب الكفاءة في الوزارات الامنية بآخرين من طائفة معينة يعتمدون ايديولوجيات محددة"، مشدداً على"مراقبة ما يحصل في وزارة الدفاع عن كثب".
واشتد هذا الصراع بين"الائتلاف الموحد"والأميركيين مع تقدم المفاوضات بين"الائتلاف"والأكراد و"جبهة التوافق"لتشكيل حكومة وحدة وطنية وقبيل الاعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، لكن الأهم انه جاء بعد تصاعد العمليات الانتحارية التي استهدفت خصوصاً الشيعة وأسفرت عن مقتل أكثر من ثمانين شخصاً خلال 48 ساعة قبل نحو أسبوعين.
وفي تصعيد غير مسبوق ضد القوات الأميركية رد رئيس"الائتلاف"عبد العزيز الحكيم على الحملة الأميركية متهماً"القوات المتعددة الجنسية وأطرافاً سياسية عراقية تدعم الارهاب بالمسؤولية عن الجرائم الطائفية القذرة"، في اتهام ضمني واضح لهذه القوات بالتواطؤ في التحريض على الفتنة الطائفية الأمر الذي سارعت الى نفيه. ورأى الحكيم ان هذه"الاعتداءات تصاعدت بعد الضغوط الكبيرة التي مارستها القوات المتعددة الجنسية على وزارتي الداخلية والدفاع لمنعهما من اداء دورهما في مكافحة الارهاب".
ومعلوم ان القوات الأميركية ما زالت تمسك بالملف الأمني على رغم"نقل السيادة"الى العراقيين في حزيران يونيو 2004، خصوصاً أجهزة الاستخبارات، وما زال المستشارون الأميركيون في هذه المواقع يمارسون سلطاتهم ويعارضون الكثير من التوجهات العراقية الرسمية خصوصاً"تطهير"هذه الأجهزة من البعثيين الذين اخترقوها وثبت تعامل بعضهم مع الجماعات المسلحة، ما أدى، في رأي"التحالف"الى شل عمل الأجهزة الأمنية أو الحد من فاعليتها وأفسح في المجال أمام المجموعات المسلحة لالتقاط أنفاسها ومحاولة اعادة تنظيم صفوفها الأمر الذي انعكس تدهوراً أمنياً واسعاً في البلاد.
ومما يزيد من اصرار كل طرف على مواقفه الادراك المشترك بأن السيطرة على الأجهزة الأمنية في بلد من دول العالم الثالث كالعراق ستحدد الى حد كبير السيطرة على مقدرات الدولة خصوصاً مع بدء التأسيس لحكم دائم في العراق لمدة أربع سنوات.
وهكذا، وعلى رغم وجود أكثر من 20 وزارة، ونحو 4 أو 5 وزارات تعتبر سيادية الداخلية والدفاع والمالية والخارجية والنفط يبدو"الائتلاف"مصراً على الاحتفاظ بوزارة الداخلية أولاً، ومنح وزارة الدفاع الى سني أو غيره يتفق معه في الخطوط العريضة ثانياً، ويظهر استعداداً للتفاوض على الوزارات الأخرى.
"وحدة وطنية"... ضعيفة
يضع"الائتلاف"في أولويات البرنامج السياسي لأي حكومة وحدة وطنية بند"مكافحة الارهاب"، ويعتبر ان تطبيق هذا البرنامج، خصوصاً تأمين الخدمات وانعاش الاقتصاد وصولاً الى الاستقرار السياسي لن ينجح إلا بمعالجة الملف الأمني أولاً. ولذلك سيكتسب انتماء من سيتبوأ منصبي وزارتي الدفاع والداخلية أهمية قصوى، ويؤشر في الوقت نفسه الى مدى نفوذ"الائتلاف"ونجاحه في مقاومة الضغوط الأميركية.
ويسود اعتقاد بأن مجرد تشكيل حكومة"وحدة وطنية"بعد انتخابات نيابية عامة يمكن ان يساهم في وقف العنف والمقاومة في البلاد الذي تمارسه جماعات متضررة أساساً من انهيار نظام البعث السابق وقيام نظام جديد نتيجة مشاركة قوى سنية في الحكومة تعتبر ضامناً لمصالح هذه الطائفة وتعبر عن آرائها. ويشار في هذا الصدد الى وقف العمليات المسلحة خلال الانتخابات بعد مناشدة"جبهة التوافق"فصائل"المقاومة المسلحة"لضمان نجاح الانتخابات، كما عبرت"التوافق"عن شكرها لهذه الفصائل على وقف عملياتها وحمايتها مراكز الاقتراع.
ويبرز في المقابل اعتقاد بخطأ هذا الانطباع، مفاده ان ليس ل"جبهة التوافق"نفوذ كبير على المجموعات المسلحة على رغم ايحائها بذلك واستخدام هذا النفوذ المزعوم ورقة ضغط أو مساومة. ومهاجمة مقرات"الحزب الاسلامي"وتهديد قياداته شاهد على ذلك. ويعتقد بعض المراقبين ان هذه المجموعات أوقفت عملياتها العسكرية لأسباب مختلفة، منها المصلحة التكتيكية لاثبات قدرتها على الأرض تمهيداً للتفاوض معها، فيما تذهب أوساط الحكومة الى ان اجراءاتها الأمنية، خصوصاً اغلاق الطرق، ساهم في وقف هذه العمليات.
ويعتقد بعض المراقبين ان الحل الأمني لن ينجح في وقف العمليات المسلحة ما لم يترافق مع مبادرات سياسية، وضرورة تقديم"الائتلاف"تنازلات مهمة كاشراك عناصر من قوى سياسية معارضة في الحكومة واعطائها دوراً رئيسياً ومشاركاً في اتخاذ القرارات وتقرير السياسات. والمدخل الرئيسي لهذه الخطوات خروج"الائتلاف"من أسر المواقف المسبقة عن"المظلومية التاريخية"وووقف التصرف كأقلية أو كطرف معارض، والنظر بدلاً من ذلك الى المستقبل لبناء العراق الجديد بمشاركة كل أبنائه. وهذه هي اللحظة التاريخية التي يفترض ب"الائتلاف"، الذي يحتفظ بأكبر كتلة في البرلمان، اغتنامها لتقديم تنازلات تؤسس للعراق الجديد وفق ثوابت يتفق عليها كل أبنائه.
وعلى رغم ان حكومة الوحدة الوطنية تشكل، نظرياً، اطاراً جامعاً لمكونات البرلمان يمكنها من تطبيق برنامجها من دون معوقات إلا ان ذلك دونه صعوبات وعوائق، أهمها ان أي حكومة توافقية ستتسم بالضعف وعدم الحسم فضلاً عن الخشية من التشرذم نتيجة ضعف تجربة العمل المشترك وقوة الولاءات الحزبية والطائفية وربما تفوقها على الولاءات الوطنية بسبب طبيعة تركيبة الحكومة التي تتألف من قوى سياسية متنافرة لا يجمع بينها برنامج وطني موحد سوى شعارات عامة يكاد يتفق عليها كل القوى، مثل الالتزام بوحدة العراق واستقلاله واحترام الحريات الخاصة والعامة وتعزيز الاقتصاد ومحاربة الفساد... الخ.
وقياساً على حكومة الجعفري المنتهية ولايته التي تشكلت من حليفين رئيسين،"التحالف الكردستاني"و"الائتلاف الموحد"، يخشى ان يصاب العمل الجماعي لحكومة التوافق بالشلل نتيجة بقاء مرجعية الوزراء خارج الحكومة، وبالتحديد الى زعمائهم السياسيين الذين يصدرون التعليمات لهم. ويستدل بذلك على عدم قدرة البرلمان على التقدم بحل لمشاكل الفساد المتهم فيها مسؤولون سابقون كبار بسبب اعتراض جهات سياسية رئيسية مشاركة في الحكم على الاجراءات القضائية.
وهنا لا بد من ملاحظة الأمور التالية التي تصاحب الحديث عن تشكيل حكومة وحدة وطنية:
أولاً: تصاعد العمليات الانتحارية التي تستهدف مدنيين في ظل جو داخلي مشحون أصلاً واحتقان طائفي وانقسام عرقي وتربص خارجي.
ثانياً: استمرار التجاذبات بشأن نتائج الانتخابات وسط اتهامات بالتزوير فاقم الاصطفاف الطائفي الذي رافق الحملة الانتخابية واستمر بعدها.
واللافت انه بدل ان يشكل الاحتكام الى صناديق الاقتراع مخرجاً للخلافات وعنصر توحيد بدت الانتخابات وتداعياتها وكأنها تهديد للوحدة الوطنية بعدما فاقمت من الخلافات والانقسامات الى حد تهديد بعض الأطراف باللجوء الى السلاح.
واذا كانت حكومة الوحدة الوطنية مرآة للجمعية الوطنية أو تعبيراً عن الأطراف المتنافسة فهي في أحد وجوهها حالة متقدمة تبدي هذه الأطراف في اطارها استعدادها لتقديم تنازلات متبادلة للتوصل الى قواسم مشتركة بعيداً من الهيمنة والتفرد، لحفظ مصالح الجميع، إلا انها في الوقت نفسه قد تحمل بذرة الخلافات التي يمكن ان تستعر بين الأطراف المختلفة فتشلّ عمل الحكومة أو تعطل قدرتها وتعرض البلاد الى أزمات قد يطول أمدها. فهذه هي طبيعة الحكومة التوافقية التي تضم قوى مختلفة.
فهل ينجح العراقيون، الذين ذهبوا ثلاث مرات الى صناديق الاقتراع خلال سنة واحدة، من اجتياز هذا الاستحقاق تمهيداً لطي صفحة مراحل الحكم الانتقالية التي بدأت مع مجلس الحكم اواخر عام 2003 وارساء دعائم أول حكومة دائمة تنبثق من ارادة الناخبين منذ أكثر من نصف قرن تنتشل العراق من المشاكل التي يتخبط بها وتحقق له الحرية والاستقلال وتحفظ مصالح أبنائه في الأمن والخدمات؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.