فييرا: "السعودية مركز عالمي للرياضات القتالية"    الأهلي يبتعد عن الأحمد    دراسة متخصصة: ثقة الجمهور بالإعلام الرقمي "متوسطة" وتطوير مهارات الصحافيين مطلب    المرور : كن يقظًا أثناء القيادة    وزارة الصناعة والثروة المعدنية و ( ندلب) تطلقان المنافسة العالمية للابتكار في المعادن    السفير المناور يقدم أوراق اعتماده سفيرًا للمملكة لدى المكسيك    الذهب يرتفع إلى 3651.38 دولار للأوقية    رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه يحضر أول مواجهة"Face Off" بين كانيلو وكروفورد    إثيوبيا تدشن اليوم سدا ضخما لتوليد الطاقة الكهرومائية    "لا أساس من الصحة" لإعلان أسطول مساعدات تعرّض أحد قواربه لضربة من مسيّرة    نيبال تتراجع عن حجب مواقع التواصل الاجتماعي    أمير منطقة المدينة المنورة يرعى حفل افتتاح ملتقى "جسور التواصل"    الجيش اللبناني ينتشر في الجنوب لضبط الأمن    الإطاحة بملوثي البيئة «بمواد خرسانية»    نائب أمير تبوك يثمن جهود البريد السعودي بالمنطقة    نائب أمير المنطقة الشرقية يعزي أسرة الزامل    أطلقها وزير الموارد البشرية لتعزيز صحة العاملين.. لائحة لخفض معدل الأمراض والإصابات المهنية    الفرنسي «ماتيو باتويلت» يحمي عرين الهلال حتى 2027    في ختام معسكره الإعدادي.. الأخضر يرفض الخسارة أمام التشيك    تجاوزو فان بيرسي.. ديباي هدافاً ل «الطواحين»    القيادة الكويتية تستقبل تركي بن محمد    بدء استقبال طلبات تراخيص«الحراسة الأمنية»    «السفارة بجورجيا» تدعو المواطنين لتحديث جوازاتهم    9 إجراءات إسبانية ضد إسرائيل لوقف الإبادة الجماعية    قاتل المبتعث «القاسم» يدعي «الدفاع عن النفس»    محامي الفنانة حياة الفهد ينفي دخولها في غيبوبة    أنغام تشدو من جديد في لندن ودبي    تفاهم بين «آسان» و«الدارة» لصون التراث السعودي    دواء جديد يعيد الأمل لمرضى سرطان الرئة    140 ألف دولار مكافأة «للموظفين الرشيقين»    "الصحة" تستكمل التحقق من فحوص اللياقة والتطعيمات للطلبة المستجدين    50.2 مليون بطاقة صراف آلي تصدرها البنوك    إصبع القمر.. وضياع البصر في حضرة العدم    عندما يكون الاعتدال تهمة    33.8% زيادة عالمية بأسعار القهوة    يوم الوطن للمواطن والمقيم    حين يحترق المعلم يذبل المستقبل    مرصد سدير يوثق مراحل الخسوف ويقيم محاضرات وندوات    جامعة حائل تحقق إنجازًا علميًا جديدًا في «Nature Index 2025»    علاج جديد لارتفاع ضغط الدم بمؤتمر طبي بالخبر    إسرائيل تواصل تدمير غزة وتقبل اقتراح ترمب    إحباط تهريب (65,650) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي بمنطقة جازان    انطلاق أولى ورش عمل مبادرة "سيف" بمشاركة أكثر من 40 جمعية من مختلف مناطق المملكة    منسوبو أسمنت الجنوبية يتفاعلون مع حملة ولي العهد للتبرع بالدم    فضيلة المستشار الشرعي بجازان: "التماسك بين الشعب والقيادة يثمر في استقرار وطن آمن"    مجلس إدارة جمعية «كبدك» يعقد اجتماعه ال27    وزراء خارجية اللجنة العربية الإسلامية بشأن غزة يعربون عن رفضهم لتصريحات إسرائيل بشأن تهجير الشعب الفلسطيني    أبرز التوقعات المناخية على السعودية خلال خريف 2025    إطلاق المرحلة الثالثة من مشروع "مجتمع الذوق" بالخبر    الأميرة أضواء بنت فهد تتسلم جائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز «امتنان» للعمل الاجتماعي    السعودية تحمي النسور ب«عزل خطوط الكهرباء»    صحن الطواف والهندسة الذكية    كيف تميز بين النصيحة المنقذة والمدمرة؟    وزير الحرس الوطني يناقش مستجدات توطين الصناعات العسكرية    تحت رعاية وزير الداخلية.. تخريج الدورة التأهيلية لأعمال قطاع الأمن العام    النسور.. حماة البيئة    الجوازات تواصل استقبال ضيوف الرحمن    رقائق البطاطس تنقذ امرأة من السرطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يطمئن العرب الى التطمينات الأميركية ؟
نشر في الحياة يوم 06 - 12 - 2006

بددت زيارة الرئيس الاميركي جورج بوش الاخيرة الى عمان قلق حلفائه العرب من امكانية قيام واشنطن المأزومة في مستنقع العراق بتغيير الموازين الاقليمية وفتح محادثات مع ايران وسورية لتسهيل مهمة اعادة الامن والاستقرار لبلاد الرافدين.
أحرزت ما تسمى"رباعيّة الاعتدال العربيّ"هدفاً ثميناً في الوقت الضائع عندما انتزع أحد أركانها، العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني، تطمينات بأن ادارة بوش لن تُدخل طهران ودمشق، الحلف الاقليمي الاقوى هذه الايام، على خط التّهدئة الأمنيّة في العراق من دون شروط. كما أنها لن تغامر بسحب قوّاتها من هناك قبل بسط الأمن. وحسبما رشح من محادثات بوش في عمّان فإن كلامه الذي قيل داخل الغرف المغلقة ولاحقا في مؤتمر صحافي، جاء في وقته ليساهم في تبديد قلق تكتل المصالح الذي تشكل بهدوء خلال الشهور الستة الماضية من الأردن والسعودية ومصر والامارات العربية المتحدة والكويت.
تلك الدول، المقرّبة من واشنطن، وجدت نفسها محشورة بين صعود نفوذ إيران وحلفائها سورية و"حزب الله"و"حماس"وبين اسرائيل على البوابتين الشرقية والغربية وتخبّط سياسة أميركا تجاه المنطقة بسبب هيمنة المحافظين الجدد وفي ذهنهم حماية مصالح طهران وتل ابيب لأسباب تكتيكيّة وعقائديّة مختلفة، حتّى لو أدّى ذلك إلى زلزلة المنطقة. وباتت دول الاعتدال العربي الحلقة الاضعف وسط تنامي خطر تقطيع اوصال الاوطان الى دويلات طائفية او عرقية صغيرة باتت اليد الطولى فيها للاحزاب والميليشيات وليس للحكومات الشرعية.
بوش أبلغ حلفاءه العرب، في ثاني زيارة له للأردن خلال عامين، أنّ واشنطن متمسكة بخياراتها الاستراتيجيّة حيال المنطقة، وستمنع إحداث تغييرات في موازين القوى الإقليمية انطلاقا من دورها في العراق، وأن يدها ستظل بيد الحلفاء.
الاستراتيجية الاميركية، بحسب قراءات لرسميين عرب وديبلوماسيين غربيين، ستبقى لصالح دعم الاتجاه الاميركي والعربي الرافض لتقديم تنازلات لإيران وسورية مقابل مساهمتهما في تهدئة الاوضاع الامنيّة في العراق لأن ثمن ذلك سيكون مكلفاً للجميع: على حساب الملف النووي الايراني وإعادة تعزيز الدور السوري في لبنان واستمرار المواربة في تنفيذ القرارات 1559 و1701. وأي كلام اميركي مع ايران يجب ان يأتي عبر قيام طهران بالتعامل بايجابية مع الشروط الدولية الخاصة بملفها النووي المعلق.
بوش التقط ايضا اشارات متلاحقة عن حلفائه العرب الذين يحضّون إدارته، في الربع الأخير من ولايتها، على تبني استراتيجيّة واضحة تجاه الشرق الاوسط، عمادها حل عادل للصراع الفلسطيني- الاسرائيلي وإعادة التأكيد على قيام دولتين لأن في ذلك وأداً لمسببات وترابط كل الأزمات المشتعلة في العراق وفلسطين ولبنان وربما أبعد من ذلك.
بعد أن أقر بوش علناً بمحوريّة القضية الفلسطينية وجدد التأكيد على طرح الدولتين، على دول المنطقة الآن العمل على تحويل كلام الرئيس المأزوم إلى آليات للتنفيذ. يجب عليها أيضا استثمار بدايات تفهم بوش"المتأخر"حيال التداخل المقلق بين ملفات العراق وفلسطين ولبنان من أجل إقناع إدارته بضرورة تسريع البحث عن حلول من خلال تحريك المسارات بالتزامن.
خلال مؤتمره الصحافي، لم يذكر الرئيس الأميركي سوريّة بالإسم لكنه أشار إلى رفض التدخلات الخارجية في لبنان. في موازاة ذلك ربط بين إيران والإخفاقات على الساحة الفلسطينية وفي العراق ولبنان.
لكن على الرئيس الأميركي أن يعي أيضا أن الإخفاقات تنبع أولا من سياسة حكومة إيهود أولمرت"الغيتوية"الرافضة للاعتراف بحق الفلسطينيين التاريخي ومن حكومة عراقيّة ضعيفة وموالية لايران تعتمد الإقصاء والتهميش شعارا للحكم.
كلام بوش في عمّان، بحسب ساسة وديبلوماسيين، يعني أنه يتجاهل الضغوط على الجبهة الداخليّة منذ هزيمة حزبه الحاكم في انتخابات الكونغرس لصالح الدّيموقراطيين. في المقابل لا بد أن يواجه الرئيس ضغوط لجنة بيكر - هاملتون، ومن بعض الاوروبيين، بخاصة الحليف البريطاني الغاطس أيضا في مستنقع العراق، لجهة المطالبة باشراك ايران وسورية في تسهيل ترتيبات الأمن هناك.
لذلك فإنّ التطمينات الاميركية لن تحمي الشرق الاوسط"الجديد"قيد التشكيل وسط مخاطر قيام ثلاث حروب أهلية في العراق وفلسطين ولبنان بحلول العام المقبل، كما حذّر الملك عبدالله الثّاني عشيّة زيارة بوش.
على الجبهات كافة بات الأفق السياسي مسدودا وذلك نتاج السياسة الأميركية في المنطقة منذ 11 ايلول 2001 حين أطلق صقور المحافظين الجدد في واشنطن مشروع الشرق الاوسط"الكبير"وقسموا العالم ببساطة الى محور خير ومحور شر. حينذاك قدحت واشنطن شرارة حرب عالمية ثالثة على ما يسمى بالإرهاب، واعلنت خطة لنشر الديموقراطية والانفتاح في العالم العربي والاسلامي. ولما تمض سنة واحدة حتى بانت النتائج الكارثية.
فلبنان والعراق وفلسطين تقف على شفا حرب أهلية تنذر بالتقسيم. أما الإصلاحات والديموقراطية في العالم العربي فقد تراجعت إلى ذيل قائمة الأولويات الاميركية في المنطقة وبات الارهاب يهدد اميركا وحلفاءها العرب والاجانب.
في الظل، تكثفت العلاقة التهادنية بين إيران وإسرائيل منذ إطاحة نظام صدام حسين، إذ امتلك هذان القطبان مفاتيح التصعيد او التهدئة في الملفات المشتعلة في بيروت وغزة وبغداد، وبات الصراع اليوم لترجيح كفة الحكومات والانظمة الشرعية أمام قوة الميليشيات.
في لبنان اخفقت كل الجهود في احتواء الخلافات الداخلية. فلجأ الفرقاء الى الشارع لحسم الصراع والبلد يقف اليوم على شفير الهاوية. في فلسطين تقف"حماس"والرئيس محمود عباس على مفترق طرق، بينما وضعت واشنطن الملف الفلسطيني على الرف بانتظار تشكيل حكومة الوحدة الوطنية. هذا الوقت الضائع يمنح اولمرت فسحة جديدة للاستمرار بسياساته العدمية. دول الاعتدال باتت على قناعة اليوم ان تل ابيب لا تريد رؤية دولة فلسطينية مستقلة وهاجسها طمس الهوية الفلسطينية لتحل مشكلتها الديموغرافية. وتأمل بايجاد حل نهائي من خلال ادخال الاردن في معادلة جديدة مع الفلسطينيين تبقي النظام الهاشمي مسؤولا عما تبقى من الاراضي الفلسطينية المتحدة مع الاردن، حيث نصف عدد السكان من اصول فلسطينية وتحمي يهودية اسرائيل.
أولمرت أعفى نفسه من مسؤولية المحاسبة الدولية عندما رمى كرة مبادرة السلام الأخيرة في ملعب الفلسطينيين وهو غير جاد. الاهم ان الحكم عينه خارج الملعب، حيث تشتعل الساحة العراقية بحماقاته.
في العراق سيتمسك بوش برجله"المناسب"نوري المالكي للشهور القادمة. ولا يعني بوش الآن سوى البحث عن مخرج لقواته وانجاز المهمة المتعثرة حتى لو كان الثمن حرباً طائفية في العراق واقتتالاً مفتوحاً لسنوات قادمة، وتحالفاً مع الشيعة على حساب السنة. واعطى بوش المالكي مهلة جديدة لتثبيت اقدامه من خلال الموافقة على تسريع نقل الصلاحيات الامنية دون الخوض في تفاصيل وحدود الخطة.
عادة ما تتراوح مدة الامهال ما بين ثلاثة وستة اشهر، يتوقع خلالها ان يقوم المالكي بإجراء التغييرات المطلوبة ومنها حزمة استحقاقات سياسية لضبط الامن في بلاده. على أن حقول الألغام السياسية والمذهبية ستدفع المالكي لحفر قبر حكومته بيده. متطلبات تسريع نقل الصلاحيات الأمنية تعني معالجة ملفات عالقة لا سيما حل الميليشيات الشيعية المسلحة المتحالفة مع الحكومة، والقضاء على خلايا"القاعدة"ومواجهة التمرد ولجم التدخلات الايرانية على الساحة العراقية وضبط حدود العراق مع دول الجوار، تحديدا ايران وسورية، واشراك السنة المهمشين في العملية السياسية، واعادة بناء جيش نظامي قوي وجهاز امن فاعل. وتلك المهمات هي من سابع المستحيلات في ظل الاوضاع القائمة.
لكن الاتفاق يعطي بوش فرصة لالتقاط الأنفاس وإظهار نفسه امام شعبه والعالم انه يحاول امساك زمام الامور بنفسه في ملف العراق، ربما بانتظار التفكير بسياسة جديدة للشرق الاوسط، تركز على ترابط القضايا المعلقة مع جوهر الصراع القائم وهو حل القضية الفلسطينية.
هذا ما يريده منه حلفاؤه العرب، وهذه ما سيدفعون من اجله من خلال الارتباط الايجابي مع موازين القوى كافة في المنطقة من إيران إلى إسرائيل لكسب اعترافات متبادلة بمصالح وادوار الجميع.
الايام والاسابيع المقبلة ستظهر إذا استوعب بوش رسائل دول الاعتدال، وإن كان باستطاعته إعادة إقناع العالم باحترام دور بلاده، التي انتقلت من مقاعد الحكم إلى معمعة الاقتتال.
* صحافية اردنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.