هل يُفكر البعض في التكنولوجيا، وخصوصاً التقنيات الرقمية المتطورة المرتبطة بالكومبيوتر والانترنت، باعتبارها نوعاً من"الحل السحري"للمشاكل كلها؟ هل يرى البعض في التقنية وانجازاتها القوية نوعاً من عصا سحرية، تُضرب بها الأشياء فتنقلب من حال الى حال؟ تدفع أشياء كثيرة الى التفكير بهذه المسألة، خصوصاً عند تأمل الطريقة التي يحلّ بها البعض ما يعترضه من اشكاليات. ويعطي قطاع الأعمال في العالم العربي نموذجاً لذلك التفكير"السحري". في رحاب تكنولوجيا الكومبيوتر تتعرض الأعمال في المنطقة لمشاكل كثيرة بعضها لا علاقة له مباشرة بالتكنولوجيا، يجد كثيرون الحل في التقنية، كما ظهر بوضوح في سياق المعرض السنوي الإقليمي للتكنولوجيا الرقمية "جيتكس دبي 2006". ولم يقتصر حضور تلك القطاعات على زيارة مسؤوليها المعرض أو حتى عقد الصفقات، بل تجاوز الأمر ذلك الى حجز مساحات داخل المعرض والتواجد في أجنحة متخصصة طوال فترة العرض. فلم يكن غريباً أن تجد جناحاً لشركة وساطة في الأسهم، أو لهيئة الطرق والمواصلات في دبي التي لا تترك وسيلة ولا اقتراحاً الا وتلجأ اليه في محاولة لحل أزمة مستعصية بالفعل. بعض هذه المشاكل ناتج من خصوصيات نمو القطاعات الاقتصادية في المنطقة، وخصوصاً عندما يصبح ايقاعها غير متوافق مع بنيتها التحتية واستعداداتها البشرية والتشريعية. وحققت القطاعات الاقتصادية الأكثر نمواً في منطقة الخليج حضوراً طاغياً في معرض"جيتكس دبي 2006"الذي شهد إبرام صفقات عدة بين شركات تقنية وشركات استثمارية في مجالي الأسهم والعقارات على وجه الخصوص. وفي المقابل، عكست المنتجات والحلول التقنية المطروحة في المعرض منافسة قوية من جانب مصنعي التقنية على تقديم حلول لأكثر المشاكل التي تواجه قطاعات الأعمال في المنطقة مثل أزمة ازدحام المرور واختناقات حركة السير التي يعاني منها كثير من مدن المنطقة في ظل الطفرة العمرانية الهائلة عربياً وخليجياً. وينطبق الوصف نفسه على الضغوط التي تعاني منها شبكات تداول الأسهم في ظل الطفرة التي ولت، وصعوبة حجز الوحدات السكنية المطروحة للبيع في دول المنطقة وخصوصاً في الإمارات وغيرها. بل ان بعض القضايا السياسية المستجدة على المنطقة مثل انتخابات المجلس الوطني الاتحادي في الإمارات التي تجرى للمرة الأولى في كانون أول ديسمبر المقبل وجدت لها صدى كثيفاً في أروقة معرض"جيتكس دبي 2006"عبر جناج خاص بالهيئة الوطنية للإشراف على الانتخابات، فيما بدا وكأنه محاولة للبحث عن حلول سحرية لمشاكل الواقع المستعصية باستخدام التكنولوجيا. وفي هذا السياق، وقّعت شركة"شير سوفت"الكندية شراكة مع"صن غارد"السويسرية لإطلاق منتج الكتروني موحد لخدمة وسطاء أسواق الأسهم والمستثمرين في المنطقة، وتوفير حلول تداول آمنة للأسهم خالية من أي مخاطر، على حد قول المسؤولين فيها. وأوضح نزار فريني المدير التنفيذي لشركة"شير سوفت"أن برنامج "شير تريد"الذي طوّر في دبي بمساهمة شركة"صن غارد"يوفر لوسطاء البورصات العربية الخليجية والمستثمرين فرصة آمنة وسلسة لتداول الأسهم من دون مخاطر، إذ يقدم معلومات فورية وسريعة، من خلال تقنية تُعرف باسم"الوقت الحقيقي"أي أثناء عملية التداول فعلياً، الأمر الذي يسهل على المستثمر اتخاذ القرار المناسب وتنفيذ عمليات البيع أو الشراء في بيئة آمنة. وأشار الى ان البرنامج يمتاز بقدر كبير من المرونة بحيث يمكن تغيير آلية عمله ليلبي عمليات التداول التي تتم في أسواق الأسهم مهما كبر حجم تداولها أو صغر. ويرصد البرنامج عمليات البورصة بدقة متناهية تمنع أي عمليات تداول غير قانونية وترصد أي مخاطر متوقعة. ويعمل البرنامج بنظام متقدم يوفر للعملاء معلومات دقيقة بوسائل ولغات متعددة وسهلة عبر الهاتف النقال والإنترنت من أي مكان"كما يربط المستثمر بأحدث مؤشرات السوق والتطورات التي تجرى فيه. وقال فريني:"أسواق المال تزدهر بقوة ما دعانا الى تأسيس شركة"شير سوفت"فى دبي وتنفيذ عمليات الربط الإلكتروني مع سوق دبي المالية، وسوق أبو ظبي للأوراق المالية وسوق الأوراق المالية في المملكة العربية السعودية تداول، وذلك لرفد المستثمرين والوسطاء في تلك الأسواق بالمعلومات وعمليات التداول ومؤشرات السوق في الوقت الحقيقي". وأكّد فريني ان أسواق الأسهم في المنطقة على رغم أدائها الجيد في حاجة الى برامج اكثر دقة تقدم معلومات فورية وتقوم بتنفيذ عمليات عدة وضبطها في آن واحد، بطريقة مضمونة وآمنة وخالية من المخاطر، لا تؤدي الى ضياع حقوق الآخرين. الكومبيوتر وپ"اختناق"المواصلات في جناح ضخم في معرض"جيتكس دبي 2006"، تظهر منصة تُعبّر عن محاولة"هيئة الطرق والمواصلات في دبي"استخدام التقنية الرقمية لحل مشكلة ازدحام المرور التي تهدد بخنق بيئة الأعمال الناجحة في الامارة . وكما يقول المسؤولون في الهيئة، فان الغرض من المشاركة تأكيد التزام حكومة الامارة حل المشكلة باستخدام أحدث التقنيات التي تيسر حركة السير ومراقبتها في آن واحد، وكذلك استغلال المعرض لتوعية الجمهور العريض بأهمية التعاون في حل المشكلة. الحلول التكنولوجية في القطاع العقاري كانت بارزة بقوة هي الأخرى في ظل الطفرة الكبيرة التي يشهدها هذا القطاع. فقد شهد"جيتكس دبي 2006"إبرام صفقات عدة لإنشاء بوابات الكترونية لتداول العقارات، وصفقات لتوفير حلول تقنية لشركات الاستثمار والتطوير العقاري، حيث تتنافس الشركات التكنولوجية لتوفير تلك الحلول والخدمات خلال المعرض. الشركات الخليجية الكبرى التي باتت عابرة للقارات حرصت على الحضور بقوة في المعرض، حتى لو كان مجال عملها لا علاقة مباشرة له بالتكنولوجيا! وهكذا، أُعلن عن توقيع صفقات مع شركات تكنولوجية عالمية عدّة وفي هذا الإطار جاء إعلان"دبي العالمية"، التي تدير عشرات الموانئ عالمياً، عن توقيع صفقة مع شركة"أوراكل" Oracle الأميركية المتخصصة في قواعد بيانات المعلوماتية. وأعلن الطرفان أن"بوابة دبي التجارية"التابعة لمجموعة"دبي العالمية"التي تضم كل الخدمات الإلكترونية الخاصة بمؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة في دبي، انتقلت إلى حلول قواعد البيانات من"أوراكل"بسلاسة تامة خلال إجازة عيد الفطر المبارك. وأضحت تلك البوابة تعمل بشكل كامل على تقنية"أوراكل". وتعد"دبي العالمية"مجموعة قابضة تعمل في العديد من قطاعات الأعمال الإستراتيجية في دبي. وقال وسيم حموي كبير مديري تقنية المعومات في"دبي العالمية"، ان الصفقة التي تم الإعلان عنها تشير الى التزام قوي توفير أرقى الخدمات. وأوضح حسام دجاني نائب الرئيس الأول في"أوراكل"في الشرق الأوسط وأفريقيا، ان العملية تعد إحدى أضخم العمليات التي تمت اعتماداً على حلول"10 جي"10g في العالم". وتابع قائلاً:"تشهد هذه البوابة الإلكترونية إنجاز أكثر عمليات الأعمال حساسية وأهمية، ويقصدها مستخدمون من تخصصات مختلفة ومتفاوتة، ومنهم على سبيل المثال موظفو السلطات الجمركية، ومسؤولو سلطة الموانئ، والمتداولون في مركز دبي للسلع المتعددة". وكان لافتاً أن تجد مكتباً للوساطة في الأسهم بين العارضين في"جيتكس". فقد حرصت"شركة الإمارات للأسهم والسندات"مثلاً على التواجد داخل المعرض بحناح خاص بها، ما دفع البعض الى إعطاء تكهنات متفاوتة عن أساب تلك الخطوة. ورأى البعض أنها ربما مثّلت نوعاً من الهروب من الأسواق التي تمر في مرحلة تأرجح حادة وتراجع مخيف. وربما كان ذلك أيضاً تعبيراً عن انصراف الناس عن أسواق الأسهم، ما خفف من الإقبال على شركات الوساطة. ولم تكتف"شركة الإمارات للأسهم"بالمشاركة للمرة الأولى في"جيتكس دبي"بل استغلت ذلك الحدث التكنولوجي الأبرز على المستوى الإقليمي لتدشين خدمة التداول في الأسهم عبر الأوامر الصوتية. وبفضل تلك الخدمة، لم يعد التعامل مع النظام الإلكتروني للأسهم قاصراً على الاستعلام عن أسعار الأسهم كما هو متبع منذ فترة إنما امتد ليشمل إمكان إعطاء أوامر البيع والشراء صوتياً. وكما أوضح محمد على ياسين مدير عام"الإمارات للأسهم":"أن المعرض فرصة لعرض خدماتنا على قاعدة عملاء محتملين كبيرة للغاية. فقد زار المعرض في الدورة السابقة ما يزيد على 120 ألف شخص. كما وجدنا أن مشاركتنا في معرض للتكنولوجيا ستلفت إلينا الأنظار أكثر مما لو شاركنا في معرض للخدمات المالية. وفضلاً عن ذلك أصبحت تطلعات العملاء كبيرة هذه الأيام"والمستثمر يأتي إليك ويسأل عن خدمة الانترنت وخلافه قبل فتح الحساب مع انه قد لا يستخدمها بصورة فورية. وأرى انه يتعين بذل الجهد لتوعية المستثمرين بأهمية استخدام التكنولوجيا لأنها فاعلة وسريعة وتسهم في خفض النفقات".