«متمم» يشارك في ملتقى الميزانية العامة للدولة 2026م    ارتفاع أسعار النفط وخام برنت يصعد إلى 62.98 دولار للبرميل    القمة الخليجية ال46 ترسم ملامح مرحلة جديدة من العمل المشترك    توتر دبلوماسي متصاعد بين موسكو وأوروبا    العفو الدولية تتهم قوات سودانية بارتكاب جرائم حرب في مخيم زمزم    تحركات جديدة في ملف الرفات وفتح معبر رفح    «الداخلية» تحقق المركز الأول لأفضل فيلم توعوي لعام 2025    منتخب الأردن ينتصر على الإمارات بافتتاح مبارياته في كأس العرب 2025    مجمع بيش الثانوي يُفعّل اليوم العالمي لذوي الإعاقة    الشباب والفتيات جيل يتحمل المسؤولية بثقة ونضج    القبض على يمني في المدينة المنورة لترويجه مواد مخدرة    افتتاح متحف زايد الوطني في أبوظبي    السعودية والبحرين توقعان 9 مذكرات تفاهم في عدد من المجالات    الدفاع المدني يحتفي بيوم التطوع    سيبراني تطلق "سيبراني وان إنتل" كإحدى أهم ابتكارات مستقبل القطاع    ضبط مصنع في الرياض يتلاعب بأعداد المناديل الورقية داخل العبوات    نقاط خدمة جديدة لحافلات المدينة    منال القحطاني تعيد الحياة لطفلة في لحظة حرجة    لم يكن يعبأ بأن يلاحقه المصورون    نادي الطيران.. بين التأسيس والثبات    إقحام أنفسنا معهم انتقاص لذواتنا    لجنة التنسيق السعودية الكويتية: الاتفاق على مبادرات مصانع المستقبل والتكامل في سلاسل الإمداد وقواعد المنشأ    طالبان تؤكد أن أفغانستان لا صلة لها بمهاجمة الحرس الوطني بواشنطن    إثراء" يستعد لإطلاق حفل "أقرأ" الختامي في نسخته العاشرة.. الجمعة    مُحافظ الطائف يستقبل مدير فرع وزارة الصحة بالمحافظة    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالمنطقة ويدشّن وحدة المشاركة التطوعية    أمير الشرقية يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالمنطقة ورئيس وأعضاء جمعية الرحمة الطبية    زراعة عسير: ضبط 760 كجم من الأسماك والدواجن غير الصالحة للاستهلاك الآدمي    خلال معرض الطيران العام 2025 الوعلان القابضة تستعرض خدماتها المتنوعة في قطاعي الطيران والسيارات    الطلاق الصامت.. انفصال بلا أوراق يُربك الأسرة    أمير الرياض يشهد توقيع اتفاقيات بين "الموارد البشرية" وعدد من الجهات    المملكة تقفز بنسبة المناطق البحرية المحمية إلى 61.1 %    ألقى بابنته من الشرفة لرفضها فسخ خطبتها    «الجوازات»: الهوية الرقمية لا تستخدم في عبور منفذ سلوى    الهلال يطلب إعفاء بونو من كأس أفريقيا.. ونونيز يريد الرحيل    اندثار المواهب والحلول لإعادة اكتشافها وصقلها    مجرد (شو) !!    قبل عرضها على سبيستون    أضخم منصة عالمية للاحتفاء بالحرف اليدوية.. «الثقافية» تمثل السعودية بمعرض أرتيجانو آن فييرا    القيادة تهنئ رئيس الإمارات بذكرى اليوم الوطني لبلاده    الحوثي يعدم المدنيين بتهم «مزيفة»    تصعيد متواصل رغم دعوات التهدئة الأمريكية.. نتنياهو يخطط لمنطقة «منزوعة السلاح» في سوريا    القيادة تعزي رئيس سريلانكا في ضحايا إعصار ديتواه الذي ضرب بلاده    المملكة الثالث عالمياً في نماذج الذكاء الاصطناعي    5.4 مليار ريال يديرها المستشار الآلي    جودة النظام الصحي تسبق مهارة الطبيب    شبه القراءة بالأكل    نور الرياض    منازل نجران.. تراث أصيل    ضبط 21134 مخالفًا للإقامة والعمل وأمن الحدود    ألونسو: أهمية مبابي أكبر من أهدافه    في جزيرة شورى وزيرا الرياضة والإعلام والإعلاميون.. أمرهم شورى!    3 ملايين مخطوطة تتصدر حديث ثلوثية الحميد    انطلاق فعاليات القمة الخامسة لرعاية العيون بمشاركة نخبة من الكادر الطبي    السفراء الجدد يؤدون القسم أمام ولي العهد    رجل الدولة والعلم والخلق الدكتور محمد العقلاء    "الشؤون الإسلامية" تنفذ أكثر من 47 ألف جولة رقابية في المدينة المنورة    القيادة تعزي الرئيس الإندونيسي في ضحايا الفيضانات والانزلاقات الأرضية ببلاده    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعرة حنان عاد تخرج من مفهوم الجيل
نشر في الحياة يوم 26 - 11 - 2006

في وقت تتحدد سماتٌ معينة لجيل أدبي وتتحول السمات تلك إلى شكل من أشكال القيمة الفائضة، يصبح، في الوقت نفسه، الخروج من هذه السمات قيمةً مرتَجَعة لا منظورة تفترض إعادة رسم حدود للنص والهوية والعالم الشعري. نقطة مزدوجة القيمة تتركز عند مفهوم الجيل، قيمة معكوسة بالخروج منه، وأخرى باتجاهه بتعزيز السمات. من هنا، لم يعد بالإمكان استخدام المشتَرَك إلا بصفته إسماً يدلّ، لا على حكم قيمة، بل على وصف وشيءٍ من التعريف.
ضمن هذه الازدواج، وفي قيمته، يُمْكِن فهم خروج الشاعرة اللبنانية حنان عاد من جيلها، وفي كتابها الصادر في بيروت،، لدى"دار الإبداع - الحرف الذهبي". ومن عنوانه يتضح مضمون الخروج السالف وشكله:"لؤلؤ الروح على صهوة القيمة". وقد تبدى خروج عاد، الافتراضي بطبيعة الحال، من جيلها، من خلال الانتقال الجذري من الجزء إلى الكل، ومن اليومي إلى اللازمني، ومن محدودية الوعي الفردي إلى وعي الكون. يُلاحَظ في هذه العوالم نوعٌ من الاستدارة لقيم شعرية تخلو منها كثير من التجارب، بسبب التغير الجذري الذي طرأ على الكتابة الشعرية باتخاذها أشياء العالم والخبرة الفردية والتفاصيل اليومية صورةً توحَّدت لديها أغلب تجارب الشعراء الجدد من نهاية الثمانينات. وفي تجربة عاد نتذكر القيمة المعكوسة التي مهّدنا بها سالفاً في الخروج من الجيل. ويبرز هذا الخروج من خلال مدلول الزمن الذي يتغير عند عاد تبعاً للنظام الذي يظهر من خلاله فإذا كان الإحساس بالزمن مرتبطاً بالانفعال الداخلي يتحول ويصبح ساكناً أو زمناً لا زمنياً:"أحبِبْني/ يكف الوقت عن الثرثرة/ أقبض على كنوز الزمن". وإن كان الزمن بمعناه المتداول فيحافظ على معناه الدال التراكمي والمحسوب. أهمية معنى الزمن ليست بمجرد كونها علاقة بين المتحرك والساكن، بل تكشف قلق كينونة أول ما ينتجه تقويض الزمنية نفسها باعتبارها تهديداً للكينونة. لهذا نرى مثلاً في الشعر الصوفي، أو الفلسفي، على الدوام، تلك العلاقة المتوترة مع المفهوم الوقتي للزمن باتجاه المفهوم غير القابل للحساب والتراكم له، وباختصار هو اللازمنية. نقرأ، إذن، في"لؤلؤ الروح"مستوى من مستويات الوعي الصوفي بالعالم، حيث يصبح الهاجس الكلّي مسيطراً، ويكون البحث عن أرض خلاص، أو فكرة يقين، عاكساً لقلق روحي ينظّمه العقل لتحويله علْماً أو ثقافة أو معرفة. لهذا فإن عاد تستخدم قيمة مزدوجة، هي الأخرى، للوعي الصوفي، من خلال اللجوء إلى شكل البراءة الأولى في مواجهة النتائج غير الخلاّقة للعقل،
تعيدنا الشاعرة عاد إلى شراكة المنهج الاستدلالي بالحدس، وهي شراكة عنيفة تضع النص بمواجهة نفسه دائماً. فشراكةٌ، كهذه، تفترض النظام الصارم للعقل في الوقت الذي يتهيّأ فيه الحدس للمعرفة من دون أي وسيط. ومهما تنازلت الشعرية عن إرثها المتروك في الذهني فإنها تعود إليه في الوقت الذي ترى فيه الأمر مناسباً. فالحركة العفوية للنص، والحدس، والتخفف من البلاغات، واليومي والمعاش، وسوى ذلك، ينطبق عليها، في علاقتها مع الذهني، المثل الدارج: تشرب من البئر وترمي فيه حجراً! ذلك لأنها وهي في تخففها منه تستدين منه.
أفادت الشاعرة من شراكة العقل بالحدس من خلال تأثير الأول على اللغة، والثاني على الرؤية. فبدت لغتها مكثّفة باترة تتخفف من أي تزيين صوتي أو خواتم يفترضها تحويل المكتوب إلى منطوق، فلا تُلْمَح زيادات أو إسهاب، ليكون الصوغ مبنياً على أساس من مهمة محددة تقوم بها اللغة ثم تغادر فوراً.
في عدد من النصوص نقرأ استخدام الشاعرة المفرط للمضاف والمضاف إليه الذي يُعزى، أولاً، إلى نزعة وصف وتفسير يفترضها النشاط الذهني أحياناً وهو في طريقه لتحديد موضوعه، ولقد بدا هذا الاستخدام في كثير من قصائد الكتاب مفرطاً أثّر على الحركة التلقائية لبعض النصوص التي بدت، معه، وظيفية الطابع، من عنوان الكتاب نفسه إلى المتن:"ضفاف الحلم - جحافل القلق - قسوة الجلد - ميناء الوقت الضئيل - نبض الأزل - حوافز الخلود - مهرجان النور -نول الدهشة - صمت الهيكل - جنون الغضب - أتون القسوة - مرآة العدم -موانئ اللهفة - أمارات الرأفة - صحارى الزيف - ثريات اليقين. وإلى غيرها من استخدامات متكررة لهذا المضاف تقوم مقام التعريف وهي تحدس! ومقام القبض وهي تفلت! ومقام الزمني وهي كونية. لربما جاء هذه الاستخدام ليعكس هو الآخر قلق التجربة من داخلها، عبر الأدوات، حيث تتناقض لتصوّر الاصطدام الأولي الذي عبّرت عنه الشاعرة بپ"رذاذ"اليقين وپ"شلاّل"الشك.
قيمة فائضة تجلت بالمجايلة، وأخرى معكوسة تتجلى، بالخروج من الجيل. جدلية تتناوب عليها الشعريات، نقضاً وإثباتاً. والاختبار في مستويين يستوليان على القيمة غير المعرّفة للمعنى الشعري: مستوى جدلي يبدأ في الاستدلال. وآخر، جدلي أيضاً، إنما ينتهي به.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.