تبادلت في الاسبوعين الأخيرين رسائل مع قراء كثيرين موضوعها اكثاري من المواضيع السياسية في حين انهم يفضلون المواضيع الخفيفة. الموضوع ليس جديداً ورأيي من رأي هؤلاء القراء من دون مجاملة، إلا أنني اقول بصدق انني اشعر بحرج أن اهاذر القراء وهناك مجزرة يومية في العراق، وأحياناً في الأراضي الفلسطينية، ومع خلفية الصيف في لبنان. مع ذلك أحاول، وقد اكتب موضوعاً خفيفاً مع ادراكي أن كارثة عربية ستحدث يوم النشر لأننا في موسم الكوارث، فأحاول أن اضم الى البسمة بعض الفائدة على سبيل التمويه... على النفس قبل الآخرين. كتبت أخيراً أن النساء أذكى، من وحي نتائج الامتحانات في المدارس والجامعات في كل بلد. وفي حين أنني عالجت الموضوع في شكل أرجو أن يكون الشارع بسمة، فإنه يبقى جدياً. وأمامي الآن دليل آخر على ذكاء النساء هو فوزهن للسنة الثانية على التوالي بمسابقة جريدة التايمز للعبة الرياضيات سودوكو. وقرأت أن راشيل روث، وعمرها 32 سنة، فازت على 116 متنافساً آخر، بينهم 72 رجلاً. شخصياً ما كنت أدخل مثل هذه المباراة إلا ومسدس مصوب الى رأسي، فأنا أعرف مدى قدرتي، وهي من مستوى قدرة رجال الأمة لا نسائها. أسأل القارئ: من تنقذ من الغرق، امرأة ذكية أو رجلاً ذكياً أو بابا نويل؟ والجواب: المرأة الذكية لأن الشخصيتين الأخريين خرافيتان. أذكي من الفائزة بمباراة سودوكو تلك التي قال لها شاب انها قد لا تراه مهماً أو مناسباً الآن، غير أن والده على فراش الموت في المستشفى وسيرث منه مليون دولار. البنت تزوجت الوالد. وأستطيع أن امضي مرة اخرى، ولا خوف من نكء الجراح لأن الرجل لن يفهم"القفشة"فأكتفي بالرجل الذي وقف أمام آلة الوزن، وخرجت له ورقة تقول انه ذكي، موهوب، نشيط. وأخذت زوجته الورقة وقرأتها وقالت: الآلة اخطأت أيضاً في تقدير وزنك. انتقل الى الصلع، وقد كتبت مقالاً خفيفاً عنه بعدما خفت أن أكون على الطريق. وأرى الموضوع مهماً للغاية، لأن الرجال يهتمون به الى درجة أن يزرعوا شعراً. وقد حاولت أن أقدم آخر المعلومات الطبية عن الموضوع، وأن امزجها ببعض الهذر. وأعرف أن قراء كثيرين سيسعدهم أن يعرفوا أن امامي موضوعاً مهماً للغاية يؤكد أن العلماء وجدوا علاجاً للصلع، وأنه سيهزم مع حلول العام 2010. والتفاصيل كثيرة وتصعب ترجمة الجزء العلمي منها، غير أن الحكومة البريطانية وافقت على استعمال علاج الصلع الجديد، ما يعني أنه نجح في الاختبارات الرسمية. اعتقد أن العلاج سيأتي متأخراً لرئيس الوزراء توني بلير الذي سقط شعر رأسه حثيثاً منذ توليه رئاسة الوزراء سنة 1997، لأنه تعهد بالاستقالة السنة المقبلة. والشعر مهم ولا جدال. فالسياسي العمالي نيل كينوك أصر على أنه خسر الانتخابات لأنه أصلع، والسياسي المحافظ وليام هيغ شكا مثله من أن صلعه وراء خسارته، وقال ان رئيس حزب المحافظين الحالي ديفيد كامرون لا يملك شيئاً افضل مما عنده سوى الشعر. أمامي دعاية يظهر فيها رجل أصلع فوقه الكلمات"ذهب مع الريح"وتحته تحذير"لا تجعل هذا يحدث لك". شعري يذهب مع الدوش لا الريح، وتعددت الأسباب والنتيجة واحدة. أهم مما سبق موضوع السمنة الزائدة أو المفرطة، وهو موضوع آخر وشّيته ببعض الطرف مع أن هناك إجماعاً على أن السمنة تسبب أكثر الأمراض. الواقع أنني ما كدت أكتب عن الموضوع حتى توافرت احصاءات أوروبية تظهر أن بريطانيا تتقدم بقية الدول الأوروبية في السمنة الزائدة، وحظي الموضوع بعد ذلك بتغطية اعلامية اغراقية وتجمع لي ملف آخر عن السمنة، مع أن رأيي لا يزال واحداً وهو أن افضل"رجيم"في غياب سبب مرضي، هو أن يغلق السمين، أو السمينة، فمه أو فمها. أستطيع أن أمارس أي رجيم، إلا أنني بحاجة الى دواء للشعر لا تخسيس وزني، فهذا معقول. وقد لاحظت أن اصعب ما في الرجيم ليس أن يراقب الانسان ما يأكل بل أن يراقب ما يأكل الآخرون. السمنة في السنوات الأخيرة تسببت في مشكلة أخرى، فهي اوقعت السمناء في خلاف مع التكنولوجيا، ذلك أن أهم سمات هذه أن يعمل الواحد منا على كومبيوتر"لاب توب"ويتعامل معه. والعبارة الانكليزية تعني جهاز كومبيوتر محمولاً يضعه بطل التكنولوجيا فوق حضنه، غير انني أعرف كثيرين من دون حضن، أو لم يروا حضنهم منذ سنوات. وأكثر هؤلاء"أمّي كومبيوتر"أصلاً، إلا أنه يستطيع أن يعتذر عن جهله بعدم توافر حضن لزوم التكنولوجيا المتقدمة. وأخيراً، فقد كنت شكوت من عدم قراءة كثيرين نص محاضرة البابا بنديكتوس قبل التعليق عليها، وسرّني أن أتلقى رسالة ممتازة بالانكليزية من القارئ رودريك فاسي، وهو مسلم، عن الكلمات"لا اكراه في الدين"التي وردت في الآية 256 من سورة"البقرة". البابا كان اعتبرها من أوائل الوحي، وقد نسختها آيات السيف اللاحقة، وقلت ان سورة البقرة مدنية، وآيات السيف سبقتها. غير أن القارئ يسجل أن الواحدي النيسبوري في كتابه"اسباب النزول"ينقل عن تفسير الطبري أن الآية نسختها آيات لاحقة أمرت بقتال أهل الكتاب. فالقارئ نفسه يقول بعد ذلك ان الطبري وحيد في هذا التفسير. ما أعتقد أن لا خلاف عليه هو أن"لا اكراه في الدين"من الآيات المحكمات فلا تنسخ، ولعل شيخ الأزهر الشيخ الدكتور محمد سيد طنطاوي الذي شرح للبابا في مقال نشرته"الاهرام"معنى الجهاد في الاسلام يكمل فضله بتنويرنا عن"لا اكراه في الدين". اختتم بتصحيح سريع. ففي مقالي في 19 الجاري قلت ان"جنود المارينز"قتلوا الصحافي البريطاني تيري لويد، فجاءت الترجمة الى الانكليزية"المارينز الملكيون"أي أنهم بريطانيون، وليسوا أميركيين كما كتبت بالعربية. وتلقيت رسائل الكترونية عدة بالانكليزية تنبهني الى الخطأ في الترجمة، وهو غير مقصود من المترجمين.