وفد الشورى يطّلع على برامج وخطط هيئة تطوير المنطقة الشرقية    محافظ القريات يرأس المجلس المحلي للمحافظة    أرصفة بلا مشاة !    «التجارة» تضبط 374 مخالفة ضمن جولاتها التفتيشية في المدينة    «طيبة»: إتاحة فرصة التحويل الداخلي والخارجي للدراسة بالجامعة وفروعها    رئيس جمهورية قيرغيزستان يمنح رئيس البنك الإسلامي للتنمية وسام الصداقة المرموق    جابر عثرات الاتحاد    رئيس الأهلي!    فشل التجربة الهلالية    انطلاق معسكر أخضر ناشئي الطائرة .. استعداداً للعربية والآسيوية    اتفاقيتا تعاون بين "المظالم"‬ و "البلدية والقروية" و "التنمية العقارية"    تغييرات الحياة تتطلب قوانين جديدة !    الشاعر محمد أبو الوفا ومحمد عبده والأضحية..!    التخبيب يهدد الأمن المجتمعي    ماكرون يحل الجمعية الوطنية ويدعو إلى انتخابات في 30 يونيو    اليحيى يتفقد جوازات مطار الطائف الدولي واللجان الإدارية الموسمية بمركزَي التنعيم والبهيتة    الأمير سعود بن نهار يتفقد مواقيت الإحرام ونقاط الفرز الأمني بالمحافظة    مدير عام الجوازات يتفقد جوازات مطار الطائف الدولي    الجبير يلتقي وكيل "وزارة الخارجية البرازيلية للشؤون السياسية"    «ضربه وبكى وسبقه واشتكى».. عمرو دياب هل يلقى مصير ويل سميث؟    المها الوضيحي تحت ظل شجر الطلح    دراسة: التدابير السعودية نجحت في الحد من تأثير الحرارة على صحة الحجاج    خادم الحرمين يأمر باستضافة 1,000 حاج من ذوي الشهداء والمصابين من أهالي غزة استثنائياً    ضيوف الرحمن يوثقون رحلتهم الإيمانية    أمير الرياض يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة الهلال    الائتمان المصرفي يُسجّل 2.7 تريليون ريال    فيصل بن سلمان يرأس اجتماع مجلس أمناء مكتبة الملك فهد الوطنية    ضيوف الرحمن في السعودية    طرح أرامكو يقفز بتداولات تاسي إلى 54 ملياراً    110 آلاف منشأة تستفيد من إعفاء غرامات "التأمينات"    الأخضر يختتم تحضيراته لمواجهة الأردن    د. العيسى: ما يعانيه الشعب الفلسطيني سيبقى محفورًا في كل ضمير حيّ    ختام بطولة العالم للبلياردو في جدة    TikTok يختبر خاصية Snapstreak    وزارة الدفاع البريطانية تكذب مزاعم الحوثي بتعرض مدمرة لهجوم    جازان: إحباط تهريب 220 كيلوغراما من نبات القات    أمير القصيم يوجه بتوثيق الطلبة المتفوقين في كتاب سنوي    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تعتني بثقافة الحج وتاريخ الحرمين    شفاعة أمير الحدود الشمالية تثمر تنازل أولياء دم الجميلي عن بقية مبلغ الصلح    لا اتفاق مع إسرائيل إلا بوقف الحرب    أمير تبوك يواسي عامر الغرير في وفاة زوجته    قطاع صحي ومستشفى تنومة يُنفّذ فعالية "مكافحة التدخين"    "تعليم الرياض" يطلق حملة إعلامية تثقيفية بالتخصصات الجامعية    الوزاري الخليجي: ثروات المنطقة المغمورة للكويت والسعودية فقط    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الوزاري للحوار الاستراتيجي الخليجي-التركي    فريق طبي "ب"مركزي القطيف" ينقذ حياة مقيم    الأرصاد: ابتداء من غد الاثنين استمرار ارتفاع درجات الحرارة لتصل إلى 48 درجة مئوية    تقييم: رصد عدد من المواقع الوهمية التي تنتحل هوية موقع "تقدير" لتقييم أضرار حوادث المركبات    شرائح إنترنت واتصال مجانية لضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج    ليس للمحتل حق «الدفاع عن النفس»..!    بارقة أمل.. علاج يوقف سرطان الرئة    توفير الأدوية واللقاحات والخدمات الوقائية اللازمة.. منظومة متكاملة لخدمة الحجاج في منفذ الوديعة    نصيحة للشعاراتيين: حجوا ولا تتهوروا    استفزاز المشاهير !    مرسم حر    التنظيم والإدارة يخفِّفان الضغط النفسي.. مختصون: تجنُّب التوتّر يحسِّن جودة الحياة    «إنجليزية» تتسوق عبر الإنترنت وهي نائمة    الجهات الحكومية والفرق التطوعية تواصل تقديم خدماتها لضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفارقات في مواقف مجموعات سياسية . الفيديرالية العراقية بين الحاجة الموضوعية والتهويلات
نشر في الحياة يوم 17 - 10 - 2006

من المقارقات المحزنة في العمل السياسي العراقي ما أثير من لغط وتشكيك في شأن الموقف من قانون الاجراءات التنفيذية لتشكيل الأقاليم على أساس اتحادي فيديرالي الذي أقره مجلس النواب.
مبدئياً لا ينبغي انكار حق أي أحد أو جهة في الاختلاف حول هذه المسألة، فهي من المسائل المهمة المتعلقة برسم مستقبل العراق بشكل عام والشكل الاداري للدولة بوجه خاص. غير أن الانحراف عن هذا الحق واطلاق الاتهامات ضد اصحاب الرأي الآخر أمر مرفوض بكل الأعراف الديموقراطية، فضلاً عن أنه مناف للاعتبارات السليمة المطلوبة في التعامل السياسي والانساني بوجه عام.
فالمعروف أن الدستور الدائم وكذلك برنامج الحكومة الحالية المسماة حكومة الوحدة الوطنية والمتمثلة فيها الأطراف السياسية جميعاً، تضمنا الالتزام بالمبدأ الفيديرالي في بناء الدولة وتوزيع سلطاتها الادارية بين المركز والاقليم وفق صيغ معينة.
وترتب على ذلك أن يقوم مجلس النواب باتخاذ الاجراءات التنفيذية خلال ستة أشهر من بدء عمله، الأمر الذي طرح مهمة البحث في مشروع القانون أخيراً والمتعلق بكيفية اقامة الاقاليم. أي أن مجلس النواب كان أمام استحقاق دستوري لا بد أن يلتزم بانجازه بصرف النظر عن الآراء والمقترحات الخاصة بمضامين هذا القانون وتفاصيله. وفي الوقت نفسه كانت هناك مهمة ملحة أخرى أمام مجلس النواب تتطلب استحداث لجنة خاصة لمراجعة الدستور واقتراح التعديلات الضرورية على مواده. وكان ينبغي أن تنجز هذه المهمة خلال الأشهر الاربعة من بدء العمل في مجلس النواب.
وبذلك يتضح أن المجلس كان يواجه ضرورة معالجة هاتين المسألتين من غير تأخير ووفقاً لأحكام الدستور، كما برزت الحاجة لأن تبحث هاتان المسألتان بصورة مترابطة أو بحزمة واحدة من الاتفاقات لما لهما من أهمية جوهرية بسبب التنوع في الآراء والمقترحات الداعية لتعديل الدستور الدائم وكذلك للشكل الفيديرالي للدولة. لذا عقد ممثلو الكتل النيابية مداولات مضنية خلال الأسابيع الماضية في شأن هاتين القضيتين، وتوصلوا الى اتفاق يقضي باعطاء الأولوية لحسم التعديلات الدستورية خلال سنة واحدة تمهيداً لمعالجة القضايا الأخرى، ولكي تكون أساساً يوفر تقارباً في وجهات النظر للبحث في موضوع الوحدات الفيديرالية وكيفية تشكيلها. كما اتفق على أن ينفذ قانون الاجراءات التنفيذية لاقامة الأقاليم في مدة زمنية لا تقل عن ثمانية عشر شهراً، أي بعد الانتهاء من التعديلات على الدستور الدائم خلال سنة. وبهذا توافرت ضمانة جدية لتأجيل موضوع الأقاليم وتشكيلها في الظروف الراهنة العسيرة التي تمر بها البلاد.
هذه هي خلفية التصويت الذي تم أخيراً على قانون الاجراءات التنفيذية لتشكيل الاقاليم، وهي تؤكد أن تفاهماً واضحاً توافر بين الكتل النيابية حول طريقة العمل التي من شأنها أن تؤجل التورط بأي معضلة أو خلاف حاد في هذا الوقت، والتركيز في المقام الأول على انجاز التعديلات الواجب ادخالها على مواد الدستور، وهي التعديلات التي تمس الكثير من المجالات الحيوية ولا تنحصر في الشكل الفيديرالي للدولة فقط.
عدا ذلك من الضروري ان نؤكد على النقاط التالية لاجلاء الصورة عن الموقف الذي اتخذناه في شأن قانون الاجراءات التنفيذية لتشكيل الأقاليم:
1 - ينحصر القانون بشرح التدابير العملية والادارية لتشكيل الاقاليم طبقاً لأحكام الدستور الدائم ولا يتضمن تحديد أي صيغة للوحدات الفيديرالية. وهو يشترط توافر 50 في المئة من الناخبين المسجلين وليس المصوتين لتأكيد صلاحية الاستفتاء على اقامة الاقاليم. كما تخضع اجراءات الاستفتاء ونتائجه لمراجعة مجلس الوزراء ومفوضية الانتخابات المستقلة.
2- تنفيذ هذا القانون مؤجل ثمانية عشر شهراً الى حين انجاز التعديلات الدستورية، وهذه نقطة جوهرية مهمة توفر ضمانات حقيقية لمنع أي خطوة لاقامة الأقاليم قبل الاتفاق على الدستور الدائم في شكله النهائي. لا سيما أن مجلس النواب شكل اللجنة المطلوبة من 27 عضواً ويشترك فيها جميع الكتل النيابية. لذا فإن التراجع الذي حصل في موقف بعض الكتل ازاء جلسة التصويت على قانون الاقاليم هو أمر غير مفهوم وغير مبرر.
3 - من حيث المبدأ لا نرى أي مشكلة في اعتماد الشكل الفيديرالي للدولة النابع من مبررات ومعايير موضوعية تقتضيها الحاجة لتقسيم السلطات وفق المبادئ السليمة للادارة الحديثة، كما تؤكدها التجارب الناجحة لعشرات الدول الفيديرالية في العالم كالهند والولايات المتحدة وسويسرا وألمانيا والامارات العربية المتحدة وغيرها.
4 - لذا فإن اختيار الصيغة المناسبة للوحدات الفيديرالية في المستقبل يجب أن يقوم على دراسة الحاجات والمتطلبات الموضوعية اقتصادية واجتماعية وسكانية واختيار القرار المناسب.
5 - كما اننا عارضنا ونعارض التورط بافتعال الكيانات الفيديرالية على أساس طائفي أو مذهبي. إذ ان أي خطة أو مشروع من هذه الشاكلة سيلحق ضرراً بالوحدة الوطنية والمصالح العليا المشتركة للبلاد.
6- أي صيغة للهيكل الفيديرالي للدولة يجب أن ترتكز على وجود مركز قوي قادر على ادارة الدولة الاتحادية وسياساتها العامة ضمن صلاحيات وسلطات محددة، ويسهر على حماية وحدة البلاد ومصالح الفئات الاجتماعية والسكانية المختلفة ضمن ضوابط دستورية ومؤسسية قوية، ويقطع الطريق على أي محاولة لتقسيم البلاد.
نعتقد أن التعرف الكامل على حقائق الأمور والاحتفاظ بمنهج موضوعي في إدارة الحوار وصراع الآراء بين جميع الأطراف مسألة حيوية بغية التوصل الى حلول سليمة ازاء هذه القضية أو تلك من قضايا البلاد. ولعل الحاجة تبرز وتشتد هذه الأيام للتذكير بمخاطر التورط بأي نوع من أساليب التهويل والمبالغة وحرف الوقائع لأغراض الكسب السياسي الضيق. فما أحوجنا هذه الأيام لتهدئة أحوال البلد وخلق المناخ المناسب لمعالجة القضايا المختلفة في جو من التسامح والتفاعل الايجابي والابتعاد عن اساليب الابتزاز والاتهام والتهديد وافتعال المعارك الجانبية.
* كاتب وسياسي عراقي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.