حققت الحكومة الكويتية امس اختراقاً كبيراً ضد كتلة المحافظين في مجلس الامة البرلمان ونجحت في تغيير قانون الانتخاب بما يعطي المرأة حقي الترشيح والانتخاب. وتمت في الجلسة البرلمانية الموافقة المبدئية ثم النهائية على تغيير القانون بغالبية 35 نائباً - بينهم 14 وزيراً - ضد 23 وامتناع نائب واحد هو رئيس المجلس جاسم الخرافي، وذلك بعد نقاش صاخب استمر ثماني ساعات. وسيوسع دخول المرأة الى الحياة السياسية قاعدة الناخبين من نحو 145 الفاً حالياً الى اكثر من 400 الف في تموز يوليو عام 2007 موعد اقرب انتخابات برلمانية. وتزامن النجاح الحكومي امس مع الذكرى السنوية السادسة"للرغبة الاميرية"بمنح المرأة الحق السياسي، اذ اعلن امير الكويت الشيخ جابر الاحمد الصباح في 16 ايار مايو 1999 عن رغبته في تعديل القانون. لكن الرغبة التي جاءت بمرسوم في فترة حل البرلمان احبطها النواب في تشرين الثاني نوفمبر من العام نفسه عندما تمكنت الكتلة المحافظة من الاسلاميين والقبليين من اسقاط المرسوم بفارق صغير من الاصوات. وقالت ناشطات ل"الحياة"امس ان تاريخ 16 ايار صار عيداً للمرأة الكويتية. وسيحمل رئيس الوزراء الشيخ صباح الاحمد ورقة انتصاره امس في حقيبته عندما يتوجه الى واشنطن الشهر المقبل، إذ كانت الحكومة الاميركية ألحت على الكويت منذ سنوات بأن تبادر الى اعطاء المرأة الحقوق السياسية. وقال نواب خلال مناقشات حادة امس ان موضوع المرأة يفرض على الكويت بضغوط خارجية، وهو ما نفاه الشيخ صباح بشدة قائلاً ان منح المرأة حقوقها يأتي برغبة أميرية. مفاجأة الحكومة... والنواب الستة وكانت تسربت مساء الاحد معلومات الى النواب بأن الحكومة تعتزم مفاجأتهم في جلسة الاثنين بطلب سحب التقرير الخاص بقانون الانتخاب من لجنة الشؤون الداخلية البرلمانية والاسراع بطرحه للتصويت، وهو ما كان. وسعى النواب المعارضون طوال ثماني ساعات من المداولات الى استخدام كل البنود الاجرائية الممكنة لتعطيل التصويت وافشال الجلسة لكن مساعيهم اصطدمت بالغالبية التي حشدتها الحكومة وتضمنت الليبراليين والشيعة وبعض المستقلين، وكذلك نواباً من القبائل بينهم محسوبون على التيار الاسلامي، وهذا كان من مفاجآت الجلسة. اذ صوت نواب مثل طلال العيار وسالم الحماد وراشد الهبيدة وعصام الدبوس وعلي الهاجري وعواد برد العنزي - والاخير من الكتلة الاسلامية - الى جانب الحكومة خلال جلسة امس، وبدا واضحاً للمعارضين ان الحكومة اخترقتهم وان الغالبية معها، وهو ما دعاهم الى اقتراح تعديل آخر على قانون الانتخاب ينص على ألا تخالف اجراءات الانتخاب احكام الشريعة الاسلامية. ويعني ذلك بشكل خاص ان تتم عملية الانتخاب بشكل مستقل بالنسبة الى الرجال والنساء. ومما حاوله النواب المحافظون امس وكادوا ينجحون فيه انهم قدموا اقتراحات لخفض سن الناخب من 21 الى 18 عاماً وكذلك السماح للعسكريين بالمشاركة في التصويت. لكن الحكومة تمكنت من احباط ذلك وتأجيل هذا الاقتراح الى جلسة لاحقة. ومن المتوقع الا ينجح هذا الاقتراح ابداً لأن الحكومة تعارضه بشدة. وبعدما صوت النواب نهائياً وقف الشيخ صباح الاحمد، وقال:"اشكر النواب الذين صوتوا مؤيدين للمرأة والذين صوتوا معارضين أيضاً لأن هذه هي الديموقراطية، ان نقبل الرأي والرأي الآخر، وأهنئ اخواتي نساء الكويت على حصولهن على حقوقهن السياسية وهذه هي الرغبة الاميرية لتشارك المرأة في بناء الوطن". ثم وقف النائب السلفي فهد الخنة وكان من اشد المعارضين فتلا الآية الكريمة"وعسى ان تكرهوا شيئاً وهو خير لكم"، ثم قال ان المرأة الكويتية"ستقف مع من عارضوا التعديل لأنها تعلم أنهم فعلوا ذلك حرصاً على المجتمع وتطبيقاً لأحكام الدين". وفور اعلان النتيجة هتفت الناشطات اللاتي حضرن الجلسة فرحات, ووقف شبان ليبراليون وانشدوا النشيد الوطني الكويتي ورددوا هتافات مؤيدة للمرأة، ورافق خروج الوزراء والنواب من قاعة المجلس صخب وهتافات، وصافحت الناشطات النواب الذين دعموا المرأة وقامت الشاعرة المعروفة الشيخة سعاد الصباح بتقبيل رأس الشيخ صباح الاحمد شكراً له. وتحدثت سعاد الصباح الى"الحياة"فقالت:"هذا يوم سعيت من اجله منذ عشرين سنة، فقد حملت هموم المرأة الكويتية خلال كتاباتي وأشعاري ومحاضراتي، وانا اشكر من صوت للمرأة ومن صوت ضدها، لأن حق المرأة الكويتية تحقق من خلال عمل برلماني صحيح"، ولدى سؤالها عما اذا كانت تنوي هي الترشح للانتخابات نفت ذلك وقالت:"لم اكن اسعى في يوم من الايام الى منصب سياسي، ونحن أسرة آل الصباح لا ندخل العمل البرلماني بالترشيح وهذا عرف قديم ومعمول به"، ودعت الى مؤتمر وطني كويتي يمهد لدخول المرأة الحياة السياسية ولنشر الوعي. زيادة الرواتب وكانت الحكومة سعت في بداية جلسة الامس الى استرضاء النواب متساهلة حيال مطلب قديم لهم بزيادة الرواتب، وتمت الموافقة بعد نقاش سريع على اقتراح بزيادة 50 ديناراً 167 دولار لموظفي الحكومة والقطاع الخاص والمتقاعدين من الكويتيين. وستضع هذه الزيادة عبئاً اضافياً على الموازنة السنوية يبلغ 110 مليون دينار 400 مليون دولار.