عادت مئات من الناشطات الكويتيات بخفي حنين من جلسة مجلس الأمة البرلمان الكويتي أمس، والتي تفادت غالبية النواب فيها تقديم مساندة مبكرة لموضوع الحقوق السياسية للمرأة، بينما اكدت الحكومة على لسان رئيس الوزراء الشيخ صباح الاحمد أنها ماضية في مشروعها منح المرأة هذه الحقوق، وقال:"أملنا كبير بأن هذا الموضوع سيمر". وتجمع حوالي 500 من النساء والفتيات المؤيدات لحق المرأة أمام مبنى مجلس الأمة منذ الساعة الثامنة صباحاً وتسببن في اغلاق شارع الخليج العربي أمام المرور لبعض الوقت، الى حين سُمح لهن بالدخول لحضور الجلسة البرلمانية. وارتدت معظم الفتيات ثياباً زرقاً، ورفعن لافتات كتب عليها"حقوق المرأة الآن"و"معاً في 2007"، موعد الانتخابات المقبلة و"النساء كويتيات ايضاً"و"نصف الديموقراطية ليس ديموقراطية". وشارك رجال وشباب من الليبراليين في التجمع، ورفعوا لافتات كتب عليها"طال انتطارها فآن أوانها"، و"نريد التضامن الحكومي"اي ان تتحرك الحكومة جدياً لاقرار التعديل المقترح على قانون الانتخاب الذي وضع عام 1962، ويحصر حق الانتخاب والترشح في الذكور. اما في قاعة المجلس فوضع نواب ليبراليون، مثل عبدالوهاب الهارون وعلي الراشد، شارات مؤيدة لحق المرأة على صدورهم. وتضمنت الجلسة موضوعين مهمين بالنسبة الى ملف الحق السياسي للمرأة، أولهما طلب الحكومة من لجنة الشؤون الداخلية البرلمانية استعجال تقريرها حول اقتراح تعديل قانون الانتخاب، والثاني التصويت على تعديل حكومي لقانون المجلس البلدي، يعطي النساء حق المشاركة في انتخابات هذا المجلس ايضاً. لكن مسار الجلسة جاء على غير ما تشتهي سفن المؤيدين لحق المرأة، فلم يحدد موعد للجنة الداخلية لإنهاء تقريرها، ورفض المجلس بغالبية 35 ضد 25 تعديل قانون المجلس البلدي، ومشاركة النساء فيه. بل ان النواب العشرة الذين كانوا قدموا طلباً للشكوى ضد قانون الانتخاب لدى المحكمة الدستورية سحبوا طلبهم. واذا كان هذا ليس كافياً بالنسبة الى الناشطات فإن رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي بادر في لحظة ما خلال المناقشات الى اخراجهن جميعاً من قاعة المجلس، بسبب تكرارهن التصفيق والاستحسان لنواب تحدثوا مؤيدين لحق المرأة، بينما تمنع اللائحة الداخلية للبرلمان قيام الجمهور بالاستحسان والاستهجان. وطلبت الحكومة في بداية الجلسة، وعلى لسان وزير الدولة محمد ضيف الله شرار، من لجنة الشؤون الداخلية استعجال البت في شأن قانون الانتخاب، فلما أراد الخرافي البدء بالتصويت على هذا الطلب، قال شرار ان الحكومة لم تحدد موعداً معيناً في طلبها ما ينفي الحاجة الى التصويت. فلم يحدث تصويت، وكان منتظراً ان يكون التصويت على استعجال التقرير - لو حصل - أول مؤشر الى الموقف النهائي للمجلس من الحقوق السياسية للمرأة. ولما جاء موعد مناقشة التعديل الحكومي المقترح في قانون المجلس البلدي، اعترض نواب من المؤيدين لحق المرأة على النص الذي استخدمته الحكومة في التعديل، اذ تضمن عبارة انه"استثناء من قانون الانتخاب". وقالوا انه إذا كانت الحكومة تريد تغيير قانون الانتخاب نفسه فلمَ تستند اليه أو تستثني منه في اقتراحها الخاص بالمجلس البلدي. وبعد مداولات صوّت المجلس ب35 صوتاً في مقابل 25 ضد المادة الثالثة من القانون، المتضمنة مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية، ما جعل الحكومة تتحفظ عن قانون البلدية الجديد، وربما ستسعى الى رده الى البرلمان بمرسوم أميري. وخلال الجلسة أعلن النائب محمد الصقر انه قرر وتسعة من زملائه سحب طلبهم الذي قدموه الشهر الماضي بأن يطلب المجلس من المحكمة الدستورية اعادة تفسير قانون الانتخاب لانهاء ما يعتبرونه تناقضاً بين القانون والدستور الكويتي الذي نص على المساواة بين المواطنين. وقال الصقر ان المحكمة لو نظرت في هذا الطلب يتعطل أمر مناقشة حق المرأة برلمانياً لفترة طويلة، و"بما أن الحكومة قدمت اقتراحاً يصحح قانون الانتخاب، سحبنا الطلب لاتاحة المجال أمام المقترح". وكان مؤيدون لحق المرأة اعتبروا تقديم طلب التفسير للمحكمة الدستورية فرصة لإقرار حق المرأة بعيداً عن البرلمان والتحالف القبلي البرلماني فيه. ورفضت المحكمة الدستورية طعوناً سابقة في قانون الانتخاب قدمها ناشطون، لأنها رأت ان طلب تفسير القوانين مقتصر على الحكومة والبرلمان. وبعد الجلسة سعت الحكومة الى تأكيد استمرار جهودها في سبيل اقرار الحق السياسي للمرأة، وقال الوزير محمد شرار انه سيجتمع الاسبوع المقبل مع لجنة الشؤون الداخلية من أجل التوصل الى موعد معين لتقديم تقريرها حول مشروع تعديل قانون الانتخاب الى المجلس والتصويت عليه، لبت هذه القضية التي طال انتظارها، ومن الممكن أن يحدث ذلك الشهر المقبل. أما الشيخ صباح فاعتبر ان رفض المجلس مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية"ليس له علاقة بمسعانا نحو الحقوق السياسية للمرأة، فأملنا كبير بأن قانون الانتخاب سيمر ان شاء الله". ونفى رداً على سؤال صحافيين ما رددته صحف كويتية من ان الحكومة بصدد حل البرلمان، اذا لم يوافق على حقوق المرأة، وقال:"لم نفكر في هذا الموضوع، وان شاء الله لن يحدث". وتكشف جلسة أمس ان التحالف الاسلامي - القبلي بين النواب، لا يزال قوياً في معارضته موضوع المرأة، على رغم اسابيع من الزخم الاعلامي والسياسي الذي اعطاه مؤيدون لحقوق المرأة، وساندتهم فيه الصحف اليومية الخميس بالاضافة الى الاعلام الحكومي. وكان قائد التجمع السلفي خالد السلطان قال في ندوة ليل الاحد ان مساعي الحكومة"نحو اقحام المرأة في المعترك السياسي تأتي بضغوط أميركية"، وأشار الى وجود شخصية اجنبية في الكويت تتحرك لانجاز هذا الموضوع.