اعتبر الرئيس حسني مبارك أن البحث عن الأسباب الحقيقية للإرهاب"يكمن في تكثيف جهود التنمية في بلاد العالم الثالث ومكافحة الظلم والاضطهاد اللذين لا يزال بعض الدول يمارسهما على شعوبه أو على جيرانه وتحويل الأموال الباهظة التي تنفق على الحروب في العالم إلى التنمية ومحاربة الفقر"، مؤكداً أن من شأن ذلك كله أن"يستأصل الإرهاب من جذوره". وقال مبارك في كلمة إلى مؤتمر"المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية"الذي افتتح أمس إن اختيار المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية لموضوع"إنسانية الحضارة الإسلامية"عنواناً للمؤتمر السنوي للمجلس هذا العام، جاء اختياراً موفقاً"في ظل الظروف الراهنة التي يعيشها عالمنا المعاصر والتي يتعرض فيها الإسلام لشتى أشكال الهجوم عليه وعلى تعاليمه واتهامه بمعاداة حقوق الإنسان في حين أنه هو نفسه دين الرحمة والإنسانية الحريص كل الحرص على كرامة الإنسان وحريته وإرادته والذي جاء لينشر من خلال تعاليمه السامية وتشريعاته الحكيمة السلام والأمن والاستقرار في العالم". وقال:"إذا كان الإسلام قد أكد على القيم الإنسانية التي من شأنها أن تجمع ولا تُفرّق، وتبني ولا تهدم، وتحض على التعاون لتحقيق الخير للبشر كافة فإن مما لا شك فيه أيضاً أن هناك قيماً إنسانية مشتركة في كل الأديان والحضارات، وهذه القيم المشتركة تمثل أساساً راسخاً للحوار والفهم المشترك والتفاعل بين الحضارات والأديان، وعالم اليوم في أشد الحاجة إلى التعاون من أجل مواجهة تحديات العصر وعلى رأسها قضايا الإرهاب العالمي والأخطار التي تهدد البيئة وأخطار الأمراض الفتاكة التي تهدد حياة ملايين البشر في العالم ومحاربة الفقر والاضطهاد والظلم التي لا يزال بعض الشعوب يتعرض لها حتى اليوم". واختتم مبارك كلمته قائلاً:"إذا لم تتعاون الأمم والشعوب وتغلبت المصالح الذاتية على المصلحة الإنسانية لهذا العالم فإن المشكلات ستتفاقم والأخطار ستتزايد الأمر الذي ينذر بأخطار وعدم الاستقرار في مناطق كثيرة في العالم ما يؤدي بدوره من غير شك إلى أخطار تهدد العالم أجمع، ومن مصلحة كل شعوب العالم أن تلتقي على كلمة سواء وأن تتفق على تحكيم العقل وتفعيل القيم الإنسانية المشتركة من أجل أمن واستقرار وسلام هذا العالم". وفي كلمة إلى المؤتمر، انتقد شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي"المسلمين الذين يكتفون بالكلام فقط من دون أن يكون لهم دور فعال في المسيرة العلمية للحضارة الإنسانية". وقال:"الضعفاء لا وزن لهم ولا قيمة مهما جعجعوا بالكلام ضد القوي لأن هذا شأن العَجَزَة، ولهذا يجب على المسلمين أن يأخذوا بعوامل القوة ولا يلوموا المستبد المتجبر على فعله لأن الحياة صراع بين الخير والشر ولن يكون للمسلمين شأن يجعل قرارهم من رأسهم إلا إذا كان طعامهم من فأسهم، فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف". ولاحظ البابا شنودة أن الحضارة الإسلامية"هي طفرة سريعة وقوية ومتوالية انتقلت من الجاهلية إلى روح العلم إلى جائزة نوبل التي حصل عليها رمزان من أعلام المسلمين المعاصرين هما أحمد زويل العالم الفذ، ونجيب محفوظ الأديب، وهما نتاج الحضارة الإسلامية". وقال في كلمته إلى المؤتمر إن"حضارة الإسلام مثلت نقلة من مجتمع البادية إلى الحضر ومن القبيلة العشائرية إلى الدولة المتحضرة والنظام الإدارية الذي ضم مختلف المستويات الوظيفية". وأكد أن"أروع مظاهر إنسانية حضارة الإسلام إنها شرعت إعفاء أهل الذمة من دفع الجزية نظير تعليم ابناء المسلمين حتى ينتشر العلم وحتى سارت مؤلفات علماء المسلمين دوائر معارف موسوعية كابن خلدون مؤسس علم الاجتماع وابن سيناء والفارابي وغيرهم مئات"، وأشار إلى"أن الإسلام قدم موضوع الإنسانية للناس بدءاً من أسماء الله المتصلة بالرحمة والرحيم ما غرس معاني الرحمة والإنسانية في المجتمع المسلم".