ولي العهد يعزي رئيس وزراء اليابان في وفاة توميتشي موراياما    سعود بن بندر يستقبل مشرف البعثة التعليمية في البحرين ومدير تعليم الشرقية    نائب أمير نجران يُدشِّن أسبوع مكافحة العدوى    محافظ الأحساء يستقبل مساعد قائد قوة أمن المنشآت في الشرقية    ولي العهد يعزّي رئيس وزراء اليابان في وفاة توميتشي موراياما    اختتم مشاركاته في اجتماعات دولية موسعة ..الجدعان: ضرورة بناء نظام مالي عالمي أكثر ابتكاراً واستدامة    8.8 تريليونات دولار أصول الصناديق السيادية بالشرق الأوسط في 2030    جذب استثمارات هندية في الصناعات المتقدمة    «النقل»: 39 مليون راكب استخدموا قطارات السعودية    الدبلوماسية العامة في عصر الإعلام الرقمي.. قوة ناعمة    تعاون بين أمانتي «مكة وجازان» لتبادل التجارب البلدية    أكدت استعدادها للتسليم عند تهيئة الظروف.. حماس تعلن العثور على جثة أسير إسرائيلي    السعودية ترحب بوقف النار بين باكستان وأفغانستان    من «النساج» إلى «الوروار».. الطيور تبهر زوار المدينة    يخدع زوجته المشلولة ويبيع منزلهما ويختفي    الخليج يستعيد نغمة الانتصارات بنقاط الرياض    سمو ولي العهد والرئيس الفرنسي يستعرضان هاتفيًا تطورات الأوضاع في قطاع غزة والجهود المبذولة لإنهاء الحرب في القطاع    المنتخب السعودي.. من «منتخب النتائج» إلى «منتخب المنهج»    سعود بن نايف يشدد على التعاون لخفض الحوادث المرورية    عُقل الزلفي.. الأطلال والذكريات    التعليم.. رحلة تبدأ من الجودة    «المساحة» : زلزال الخليج العربي بعيد عن أراضي السعودية    طالبات جامعة نورة يتألقن في مسابقة الترجمة الصينية    الأزياء الجازانية.. هوية تنسجها الأصالة وتطرّزها الذاكرة    مهرجان البحر الأحمر يكشف أفلام دورته الخامسة    حين تسرق الثمرة.. ويبقى الجذر صامداً    دعوة إلى استعادة نعمة الملل في زمن الضجيج    بهدف تعزيز الشفافية والحوكمة في جمع التبرعات.. لائحة جديدة لتنظيم إنشاء وتمويل الأوقاف    بطاقة الأولوية لم تعد أولوية !!    مدرب الأهلي "يايسله": مازال شغفي مستمرًا مع الأهلي.. ونسعى للانتصار غداً آسيوياً    تداول ينخفض 5 نقاط    "التحالف الإسلامي" يعقد دورة تدريبية وورشة عمل حول "التعامل مع التطرف الفكري في البيئة التعليمية" في المالديف    أسعار النفط تتراجع    الرياض تحتضن ختام مؤتمر رؤساء وأمناء الاتحادات الآسيوية لكرة القدم 2025    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 36 شهيدًا    وصافة مستحقة    وزارة الخارجية: المملكة ترحب بتوقيع باكستان وأفغانستان على وقف فوري لإطلاق النار    الحوثي يحتجز 20 موظفا أمميا    أسياد البحرين 2025: أخضر اليد يكتسح المالديف.. وأخضر الصالات يتعادل مع البحرين    أمير الشرقية يكرم مواطنين لإخمادهما حريقا في محل تجاري بالجبيل    رئيس الشورى يرأس الاجتماع التنسيقي العربي    تحديث ومواءمة النطاقات الإشرافية البلدية    الذئاب تكشف حال الفارس    نائب أمير جازان يزور الأديب إبراهيم مفتاح للاطمئنان على صحته    لا مال بعد الموت    غدًا.. أمانة منطقة جازان تُنظّم ملتقى "خُطى التطوع" لتمكين العمل البلدي والإسكاني    فرع الشؤون الإسلامية بجازان ينفّذ حملة وقائية ضد الإنفلونزا الموسمية في صبيا    مفردات من قلب الجنوب 26    3 مسببات للحوادث المرورية في منطقة عسير    ديوان المظالم يحصل على شهادة الهلال الأحمر للسلامة الإسعافية    باحثون صينيون يصممون روبوتًا دقيقًا ثلاثي الأبعاد للعلاج الدقيق    القطان يحتفل بزواج حسن    «911» يتلقى 83 ألف مكالمة في يوم واحد    إصابة الإعلامية نجوى إبراهيم في حادث بأميركا    إنجاز طبي ينهي أزمة زراعة الكلى عالمياً    «ابن صالح» إمام المسجد النبوي ومربي الأجيال.. توازن بين العلم والعمل    أكثر من 13 مليون قاصد للحرمين الشريفين خلال أسبوع    لائحة لإنشاء الأوقاف وتمويلها عبر التبرعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مركزية ثقافية مضادة !
نشر في الحياة يوم 09 - 01 - 2006

في ندوة عن العلاقات الثقافية العربية الإفريقية شاركت فيها أخيراً لفتت انتباهي بنية الخطاب الذي يستخدمه باحثون عرب في حديثهم عن القارة الإفريقية، فهو خطاب يختزل إفريقيا ويقلصها ويعيد تكوينها تاريخيا بحيث تصبح هذه القارة السوداء الغنية بلغاتها المحلية كالسواحلية واليوروبا، وثقافاتها، وعاداتها وتقاليدها العريقة الضاربة في التاريخ، مجرد اكتشاف عربي جرى في لحظة ماضية من التاريخ، قبل الإسلام وبعده.
وبدلاً من الحديث عن المشترك بين العرب والأفارقة، في الثقافة والمصير وتجربة الاستعمار، سمعنا كلاماً يجرد الأفارقة من أصالتهم اللغوية والثقافية والتاريخية. لقد جرى إلحاقهم بنا بصورة من الصور، وحل العرب القدماء، على صعيد الخطاب، محل المستعمرين الأوروبيين في القرنين التاسع عشر والعشرين. كما عدت اللغات الإفريقية المحلية سليلة اللغة العربية أو منبثقة من جذورها الأولى أو لهجاتها المختلفة في شبه الجزيرة العربية.
ثمة بعض الحقائق المتواترة في ما يتعلق بعلاقة العرب بإفريقيا، ومن ضمنها انتشار الإسلام في هذه القارة الشاسعة، قديماً وحديثاً. ولا بد من أن العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية التي ربطت العرب بالأفارقة أقرب إلى التدامج والتأثر المتبادل منها إلى الغزو والاستعمار ومحو العرب لتقاليد الأفارقة وثقافاتهم. لكن الخطاب، الذي سمعته، والذي يتكرر في كثير من الكتابات التي تتناول العلاقات العربية الإفريقية، شبيه بخطاب الاستشراق الأوروبي الذي يلحق الشرق بالغرب، والجنوب بالشمال، ويعيد النظر في ثقافات الشعوب المغلوبة بصفتها ثقافات فرعية متخلفة تدور في فلك الغرب المتحضر المتقدم.
إنه خطاب ذو نزعة مركزية تتقصد الهيمنة والإلحاق وتقليص الآخر، وتحويله إلى مجرد تابع، وجعل ثقافته اقتباساً حرفياً وانعكاساً مرآوياً لثقافة الغالب ومنجزه الحضاري. ونحن نقع هنا في الخطأ ذاته الذي وقع فيه المستشرقون الغربيون الذين أعادوا اختراع الشرق، بحسب إدوارد سعيد، ليشددوا على اختلاف الشرق عن الغرب، ويبرروا ما سموه"مهمة تحضير"الشعوب الشرقية المختلفة"أي بلغة سياسية استراتيجية خشنة: ليبرروا الاستعمار والقتل ونهب ثروات الشعوب المستضعفة.
لكن علاقة العرب بإفريقيا لم تكن استعمارا، ولذا فإن اللجوء إلى لغة تخضع الأفارقة وثقافتهم للهيمنة العربية، سواء جرى الحديث عن الماضي أو الحاضر، هو من قبيل الوقوع في قبضة خطاب استشراقي مذموم نبهنا الراحل إدوارد سعيد في الصفحات الأخيرة من كتابه"الاستشراق"من الوقوع في براثنه عندما نقرأ أنفسنا ونقرأ الآخر.
من المخجل أن نتعامل نحن المثقفين العرب مع إفريقيا بصفتها جسماً خاملاً يتنافس عليه العرب والغرب، فهي في الحقيقة ليست كذلك وإن كانت في يوم من الأيام محل نهب وتخريب ومحو للإنسان والهوية. إن إفريقيا قارة شاسعة مملوءة بالثروات والإبداع، وهي تمتلك هوياتها التي تكونت نتيجة تلاقح الثقافات على مدار التاريخ. ليست القارة السوداء انعكاساً لنا أو انعكاساً لهم. هي لا تدور في فلكهم أو فلكنا، بل إن لديها همومها ورسالتها ومشكلاتها التي فاقمها الاستعمار على مدار ثلاثة قرون من الزمان. إنها قارة تقف على حافة الانقراض، بسبب هذه المشكلات التي هي في جزء منها من صنع الأفارقة أنفسهم وفي البقية الباقية هي من صنع الاستعمار الذي نهب القارة وأفقر روحها.
ومهمة البشرية، ونحن من ضمنها، أن نمد يد العون لإفريقيا الفقيرة المصابة بأكثر الأمراض فتكاً في هذا العصر: الإيدز. مهمتنا أن ننظر إلى تاريخ تلك القارة وحاضرها بصفتهما نتاج تلاقح حضاري، لا أن نمارس مركزية عربية إسلامية في مقابل المركزية الغربية التي ننتقدها في خطابنا الثقافي ونحمل عليها كل يوم !.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.