خطوة جريئة قام بها اللاعب الإماراتي راشد عبدالرحمن الذي ترك بلاده في ليلة ليس فيها ضوء قمر، ويممّ شطر بلد الحياد المطلق، واقصد سويسرا، إذ احترف من دون إذن ناديه الشعب مع ناد صغير، يحتل ذيل الترتيب العام في الدوري السويسري، ويدعى"يفردون". المشكلة أن ما فعله راشد عبدالرحمن كان سابقة في التاريخ الإماراتي، فهو قرأ ونفذ قرار الفيفا حول احتراف من تجاوزوا ل 23 من العمر، إذا لم يكونوا مرتبطين بعقود مع أنديتهم، وهو ما فعله راشد ببساطة. ولكن القضية تطورت بشكل مذهل إعلامياً وإدارياً، بعدما لحقه زميله محمد سرور وحارس دبي عبيد الطويلة، وما زاد الطين بلة أن الإمارات دخلت هذا الموسم عصر"الاحتراف"في أنديتها الكبيرة، عبر بوابة العين، ثم لحقتها الجزيرة، والحبل ألقى على الغارب، وباتت المسألة مسألة قوانين ولوائح غير موجودة أصلاً وحقوق وواجبات لم يتعود عليها اللاعب العربي أو إدارته اساساً، وفتحت الأبواب لسيول من النقاشات الهادئة حيناً والثائرة أحياناً كثيرة أكثر من ثورة إعصار كاترينا صاحب الاسم الرومانسي والقوة المدمرة، ما اضطر الاتحاد الإماراتي لكرة القدم إلى تشكيل لجنة، هدفها تعديل لوائح الانتقالات بعدما صدق على قرار نادي الشعب بإيقاف راشد عبدالرحمن عن اللعب لمدة عام إلى أن وصلت الأمور ل الفيفا، ولأننا كعرب نهوى الاشاعات ونظريات المؤامرة، لهذا أدخل البعض نادي الوحدة بطل الدوري والجزيرة الثالث على خط هذا التمرد، وقالوا إن القصة وما فيها لعبة محبوكة ومفبركة كي يلعب راشد في النهاية لأحد هذين الناديين، ثم تعالى"الردح"عبر صفحات المجلات والجرائد، واتهام راشد ناديه انه يسعى لتشريد عائلته وأولاده ورميهم في الشارع، بعدما هددوه بسحب بيته منه، وما زالت القضية هي زعيمة أي نقاش رياضي يكون إماراتي طرفاً فيه، والغريب أن الآراء التي سمعتها لا حياد فيها مطلقاً، فهي اما مع راشد ومع ما فعله على اعتبار أن ناديه استكثر عليه ألفي درهم، ولم يوافق له عليها كزيادة على راتبه البالغ ثلاثة آلاف، وعندما علم النادي بالعرض السويسري طلب مليوناً ونصف المليون من الدولارات، ما اعتبره الكثيرون طلباً تعجيزياً"، فيما وقف الآخرون مستنكرين ما فعله واصفين تصرفه بالتصرف الطائش، لأنه اثر سلباً في ناديه وزملائه، ولم يكن صبوراً بما فيه الكفاية ليسمع الجواب الشافي من إدارة الشعب التي كانت ترى فيه واحداً من أبنائها المخلصين خصوصاً انه تربى ونشأ واشتهر في الشعب. ويبدو أن القضية كلها تتلخص في كلمات عدة قالها راشد في حوار مع مجلة سوبر الإماراتية انقلها بالحرف:"لست نادماً على ما قمت به، حتى لو خسرت قضيتي سأكون قد وصلت إلى ما أريد قوله كصرخة في وجه إدارة نادي الشعب... أنا لن اطلب من اتحاد الكرة أن يقف إلى جانبي، أو إلى جانب النادي، اطلب منه الوقوف مع الحق، لماذا يقف الاتحاد دائماً مع الأندية؟ لماذا يُظْلم اللاعب دائماً؟! لماذا لا يوجد احد نلجأ إليه كي نأخذ حقنا إلا هذه الجهة؟ّ وكما يخطئ اللاعب يخطئ الإداري والمسؤول أيضاً..." ويبقى أن نسمع صدى عقلانياً ومؤسساتياً وقانونياً لهذه الصرخة كما وصفها صاحبها، ولا أظنها حكراً على الإمارات وحدها.