تمسك الرئيس محمود أحمدي نجاد ب"صواب" تصريحاته التي دعا فيها الى"محو اسرائيل عن خريطة العالم"، غير عابئ بالإدانة الدولية او بمحاولات مسؤولين في نظامه التخفيف من وطأة هذه التصريحات. في المقابل، صعّد المجتمع الدولي حملته ضد الرئيس الايراني الذي اتهمه مجلس اوروبا ب"تحدي القيم الدولية علناً"، وطالبت اسرائيل بعقد اجتماع طارئ لمجلس الامن ودعت الاممالمتحدة الى طرد ايران، في حين طالب نواب اميركيون ب"تدابير شديدة"ضدّها. وفي طهران، حاول رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني علي أكبر هاشمي رفسنجاني الذي يتولى حالياً الاشراف على مجلس الرقابة على السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية، ايجاد مخرج لكلام أحمدي نجاد ومحاولة التوفيق بين البعد الايديولوجي للثورة الإسلامية الإيرانية والموقف السياسي للسلطة والدولة الإيرانية من خلال التشديد على الازمة التاريخية بين اليهود والحركة الصهيونية والمجتمع الدولي، خصوصاً الغربي، والتي تفاقمت بعد الحرب العالمية الثانية. واعتبر رفسنجاني أن التراجع في الايديولوجية اليهودية أو الصهيونية عن شعار"من النيل الى الفرات"تحت ضغط المقاومة، إضافة الى الانتصار الذي تحقق بالانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة اضافة الى الهزيمة المفروضة التي اضطرت اسرائيل الى الاعتراف بها في جنوبلبنان، تمهد الطريق لزوال هذا"الكيان الغاصب". ودعا الولاياتالمتحدة الى التقليل من حجم"ملفها"مع العالم الإسلامي بالتخلي عن دعم هذا"الكيان الإرهابي الذي يتحدى شعور الشعوب الإسلامية ويمارس الإرهاب والقتل بحق الشعب الفلسطيني المظلوم"، معتبراً أن الاستفتاء على الدستور العراقي يشكل ضربة قاسية للمشروع الأميركي بتطبيق شعار"من النيل الى الفرات"الصهيوني. وخاطب رفسنجاني الدول الغربية بالقول إن"العالم ليس أصمًا أو أبكماً حتى يعتقد أنه من خلال الضغوط على سورية ولبنان بإمكانه الاعتقاد أن أزمة القضية الفلسطينية والجولان منتهية". وأضاف أن إيران"ليس لديها أي مشكلة مع اليهود والدين المقدس، بل المشكلة مع الصهيونية التي تضم جزءاً من المجتمع اليهودي". واستعاد الاقتراح الذي أعلنه مرشد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي بالدعوة الى اجراء"استفتاء عام وحرّ في فلسطين يشارك فيه الجميع مسلمون ويهود ومسيحيون من السكان الأصليين لفلسطين ويتمكنون على اثره من العيش بسلام جنباً الى جنب، ونحن على ثقة بأن الأكثرية ستكون للفلسطينيين، وذلك سيكون لمصلحة اليهود وتعايشهم مع الآخرين في النهاية". وشدّد على أن الموقف الإيراني هذا يدلّل على أن"إيران تسعى جاهدة وصادقة الى معالجة الأزمة الفلسطينية"، معرباً أن أمله في أن تحلّ أزمة الشعب الفلسطيني بشكل واعٍ وذكي. وفي السياق نفسه، قال المسؤول الايراني عن الملف النووي علي لاريجاني ان سياسة بلاده ازاء اسرائيل والفلسطينيين"لم تتبدل، ان الفلسطينيين هم الذين يجب ان يدافعوا عن حقوقهم ويقرروا مصيرهم". وندّد ب"التفسير التعسفي"الذي قام به"بعض وسائل الاعلام الغربية وبعض الدول"لتصريحات احمدي نجاد وما اسماه"التلاعب الاعلامي"بغية الايحاء بان ايران تسعى الى امتلاك القنبلة النووية. الرئيس يتمسك بمواقفه في"يوم القدس العالمي" الى ذلك، خرج الآلاف من الإيرانيين في سائر المدن الإيرانية وقراها للاحتفال ب"يوم القدس العالمي"الذي أعلنه الإمام الخميني. ورفع المتظاهرون شعارات"الموت لأميركا وإسرائيل وبريطانيا"، واعلنوا غضبهم وسخطهم من الجرائم الإسرائيلية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني، مرددين شعار"شارون يرتكب الجرائم وبوش يدعمه"، وتاركين لهذا الغضب بالتعبير عن نفسه من خلال احراق الأعلام الأميركية والإسرائيلية والبريطانية. وشارك الرئيس الايراني في جانب من التظاهرات حيث تمسك ب"صواب وعدالة"تصريحاته. ونقلت عنه وكالة الانباء الايرانية قوله:"انهم احرار في ما يقولونه وكلماتهم ليس لها اي اهمية. من الطبيعي انه اذا كانت الكلمة صائبة وعادلة فانها ستثير رد فعل"، مضيفاً:"كلماتي هي كلمات الشعب الايراني". وتابع:"انهم يعتقدون انه على العالم بأكمله طاعتهم ... انهم يدمرون العائلات الفلسطينية ويتوقعون الا يعترض عليهم احد". وانتهت التظاهرات بإصدار بيان يعبر عن موقف شبه رسمي أعاد تأكيد الدعم القاطع لتصريحات أحمدي نجاد، محذراً إسرائيل من التمادي في قتل الفلسطينيين واستثارة مشاعر المسلمين، ومهدداً الدول الساعية الى التطبيع مع إسرائيل ب"الغضب الشعبي عن الخيانة لفلسطين والمخاطرة بمستقبل البلاد والسير بها نحو الاضطراب والعنف لأن الشعوب الإسلامية لن ترضى بأقل من ازالة إسرائيل والقضاء عليها"، على اعتبار ان اسرائيل"غدة سرطانية". وطالب المتظاهرون الأممالمتحدة باعتماد سبيل الاستفتاء العام والحرّ وعودة كل المهجرين الفلسطينيين الى أراضيهم من أجل عودة الهدوء والاستقرار الى المنطقة ووضع حد للحرب الطويلة بين الفلسطينيين والكيان الغاصب للقدس. اسرائيل تشكو الى مجلس الامن من جانبها ا ف ب، طلبت اسرائيل امس اجتماعاً طارئاً لمجلس الامن، وسلم سفير اسرائيل في الاممالمتحدة دان غيلرمان المنظمة الدولية طلباً بطرد ايران لأن"اي دولة عضو تدعو الى العنف والدمار كما فعل الرئيس الايراني، لا تستحق مقعداً في هذه المنظمة المتحضرة". وقال وزير الخارجية سلفان شالوم من باريس للاذاعة الاسرائيلية:"زودت سفيرنا في الاممالمتحدة تعليمات بوجوب دعوة مجلس الامن الى اجتماع طارئ وتحدثت بالامر مع الامين العام للامم المتحدة كوفي انان". وقال الناطق باسم الخارجية مارك ريغيف:"ينبغي على المجتمع الدولي ان يضع ايران امام مسؤولياتها ... اما ان يوقف هذا البلد دعواته الى تدمير اسرائيل والتي تشكل انتهاكاً لشرعة الاممالمتحدة، واما انه سيجد نفسه معزولاً داخل المجتمع الدولي"، مطالباً ب"تدابير ملموسة ازاء ايران". الى ذلك، دعا العديد من النواب الاميركيين الى اتخاذ"تدابير شديدة"بحق ايران، وقال السناتور الديموقراطي جون كيري المرشح السابق للرئاسة ان هذه التصريحات"تتجاوز سقف المقبول ... ولا تفضي الى ضرورة منع ايران من تطوير اسلحتها النووية فحسب، بل تذكر في شكل مخيف المجتمع الدولي بأنه آن الاوان لاتخاذ تدابير شديدة تجبر ايران على التخلي عن دعم الارهاب". ودعا الرجل الثاني في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب توم لانتوس"الاممالمتحدة وكل الدول المتحضرة الى اتخاذ اجراءات مناسبة في الاممالمتحدة وعلى المستوى الفردي تنديداً بالتصريح". واعتبر رئيس الجمعية البرلمانية في مجلس اوروبا امس ان احمدي نجاد"يتحدى علنا قيم المجتمع الدولي"و"يثير صدمة وقلقا عميقينن"، واصفا تصريحاته بأنها"غير مقبولة".