يتابع العالم باهتمام كبير تطور عمليات خطف الأجانب في العراق وآخرهم فيليبيني وبلغاريان قتل احدهما، لكن قلة قليلة تتحدث عن مصير مئات المدنيين العراقيين الذين فقدوا في الأشهر الماضية. واقتاد رجال مسلحون نوفل عادل حجويل 14 عاماً وهو في طريقه الى مدرسته في وسط بغداد، الى سيارتهم وهددوا بقتله ما لم تدفع عائلته فدية قدرها خمسون ألف دولار. وبعد اسبوع من المفاوضات المكثفة مع الخاطفين قررت عائلة حجويل ان تدفع كل مدخراتها البالغة ستة آلاف دولار لاطلاق سراح ابنها. لكن المعاناة الناجمة عن عملية الخطف التي جرت في كانون الاول ديسمبر الماضي دفعت العائلة الى مغادرة العراق. وبدأت الشرطة العراقية الناشئة في بغداد تنفيذ خطة لتخليص شوارع العاصمة العراقية من الجريمة المنظمة كعمليات الخطف والقتل. وقال العقيد عدنان عبدالرحمن، الناطق باسم وزارة الداخلية، إن قوات الشرطة تمكنت الاثنين من انجاز أكبر عملية لها منذ غزو العراق بقيادة الولاياتالمتحدة واعتقلت أكثر من 525 من المشتبه بهم. وتسعى الشرطة إلى ان تبرهن للمدنيين الذين يعيشون في خوف مستمر من أن يقعوا فريسة غياب القانون، انها جادة في عملها. لكن المبادرة الجديدة جاءت متأخرة جداً لعائلة حجويل التي غادرت العراق قبل نحو اسبوعين متوجهة الى سورية، بعد استمرار عصابات محلية في مضايقتها وتهديدها بالقتل خمس مرات. وقبيل مغادرة العائلة العراق، تحدث نوفل عن حادث خطفه، فقال: "تم اقتيادي الى المقعد الخلفي لسيارة ونقلت الى منزل خال". واضاف: "وضعت بعد ذلك في غرفة تم تثبيت ستائرها على الحائط بمسامير. وقد ربطوا قدمي بشريط لاصق وقيدت بسلاسل بنافذة الغرفة". وتابع الفتى، الذي يشعر بالخوف عندما يذكر الحادث، ان خاطفيه الثلاثة أبلغوه أنهم سيقتلونه ما لم يدفع والداه فدية. وتابع: "ضربوني بمسدس وصفعوني. ظننت أنني سأموت". وطالب الخاطفون بخمسين ألف دولار مقابل اطلاقه. وقال عادل حجويل 53 عاماً والد نوفل: "أبلغتهم اننا لا نمتلك ذلك القدر من المال وان عليهم قتله. وسأدفع تكاليف الجنازة". واستمر الجدل حول الفدية سبعة أيام اتفق الطرفان بعدها على ستة آلاف دولار، وهو ما يشكل "كل مدخراتنا طوال حياتنا"، على ما قال والده. لكن فقدان العائلة لما أدخرته مالياً أنقذ حياة ابنها. وقالت هناء 50 عاماً والدة نوفل: "عندما خطف ابني شعرت بألم كبير في داخلي. شعرت انه ضاع مني، وعندما عاد لم أعرف من أين أبدأ بتقبيله". اعتقل الخاطفون، لكن عادل حجويل قال إنهم خرجوا من السجن بعد شهرين وعادوا إلى تهديد عائلته. وأضاف: "لا يوجد لدينا نظام ولا حكومة حقيقية". ويعتقد عادل أن عائلته تعرضت للمضايقة لأنهم من الصابئة، وهي جماعة دينية من الأقلية اشتهرت بعملها في صياغة الذهب وعرف عنها الثراء. وهذا، كما أكد أنه لا ينطبق على عائلته. وغادر عادل وزوجته وابنه العراق، لكن ابنتيه المتزوجتين فضلتا البقاء. وقال: "حتى مع الحكومة الجديدة لن يتغير شيء. تلك العصابات ستبقى وستستمر في القتل والسرقة". ويشهد العراق ارتفاعاً في معدلات الجرائم وأعمال العنف منذ الحرب، بينما يتجول المدانون الذين اطلق الرئيس العراقي السابق صدام حسين سراحهم بحرية في الشوارع. واستمرت الهجمات الدموية اليومية في تشكيل مصدر قلق للحكومة الموقتة التي انتقلت اليها السلطة، وتبدو في أمس الحاجة إلى اثبات قدرتها على احلال الاستقرار من جديد في البلاد. وزادت عمليات الخطف خصوصاً في الأشهر ال15 الماضية بينما يخطف محتالون ولصوص مدنيين للحصول على مبالغ مالية مقابل الافراج عنهم. لكن هؤلاء ليسوا مرتبطين بشبكات قطع الرؤوس. وقال خبير أجنبي ساعد في المفاوضات التي تمت للافراج عن عديد من الرهائن إن "هناك مئات من الرهائن العراقيين". وأكد الخبير، الذي طلب عدم كشف هويته، أن عمليات الخطف هذه "عمل قذر للغاية". وأوضح العقيد في الشرطة العراقية داود سليمان ان افراد شرطة بغداد تمكنوا خلال الأسبوع الماضي من انقاذ حياة أربعة عراقيين بينهم طفل في الحادية عشرة من عمره، خطف للمطالبة بفدية. وفي الوقت ذاته، اطلق مسلحون وابلاً من الرصاص ورموا قنابل يدوية على متجر لبيع المشروبات الكحولية في بغداد الأحد الماضي قبل خطف زوج شقيقة صاحب المتجر حيدر أحمد حسن 30 عاماً. وقال مؤيد فارس الذي يعمل محاسباً في المتجر ان "العصابة عرفت انه كان يعمل في المتجر لذلك جروه الى سيارتهم وأخذوه بعيداً ولا نعرف ماذا حدث له".