"هنا في قطر، وفي اكاديمية التفوق الرياضي، يغدو حالمو اليوم أبطال الغد، هنا سنكتشف أفضل المواهب الرياضية اليافعة ونطلقها الى العالمية. ووُعدنا ان نصنع من الأمل فوزاً، ومن الموهبة بطولة، وأن نعدّ رياضيينا بدنياً وفكرياً ليقهروا التحديات. وعندما ينطلقون الى النجومية سيحملون في جعبتهم ما يحققون به احلامهم ويلهمون به احلام اجيال قادمة". ما تقدم ليس انشاء عابراً، او شعارات طنانة، بل هو مختصر لبرنامج عمل وأهداف القائمين على اكاديمية التفوق الرياضي ASPIRE التي انطلقت فكرتها منذ اعوام، وبدأت بلورة خطواتها التنفيذية في تموز يوليو الماضي، وكُشف النقاب عن اقسامها، ومجسم مرافقها وشعارها اواخر ايار مايو الماضي. وشهدت "الحياة" هذه الولادة، اضافة الى إعلان اطلاق عملها في المنشآت العصرية التي تنجز ورشتها قريباً لتفتتح ابوابها رسمياً في ايلول سبتمبر المقبل، مع بدء العام الدراسي الجديد. ستشكل الأكاديمية اضافة مطلوبة وضرورية الى النهضة الرياضية الشاملة التي تشهدها قطر في الفترة الأخيرة. وترفد الأندية والاتحادات بمواهب معدة جيدة تمثل البلاد خير تمثيل خارجي وتحصد الميداليات والألقاب، فضلاً عن الإعداد التربوي الحديث، لذا لم يكن غريباً تنفيذ التفاصيل كلها المتعلقة بالأكاديمية على اعلى المستويات والمعايير من خلال الاعتماد على اكثر منشآت التدريب تطوراً وبمقاييس ومعايير دولية. هذا ما اوضحه الى "الحياة" المدير العام للأكاديمية الألماني توماس فلوك المتمرس في القطاع الرياضي على الصعيدين الميداني والإداري، كونه عداء سابقاً في جري ال100م برقم شخصي مقداره 4،10 ثانية. وعمل خلال تخصصه الجامعي في العلوم الرياضية والتربية مدرباً لعدد من الرياضيين. وبعد نيله شهادة الدكتوراه في كولونيا، أسهم ما بين 1993 و2003 في تحويل مركز ميونيخ الأولمبي الى أحد أبرز المؤسسات الرياضية الرائدة في العالم، وخرّج اكثر من 80 بطلاً من حملة الميداليات الأولمبية من بينهم السبّاحة فرانشيسكا فان ألمسيك. وتقع الأكاديمية في المحيط الذي يضم مدينة خليفة الرياضية ومنشآتها المؤلفة من الملعب الأولمبي ومستشفى حمد الطبي والحوض الأولمبي ومجمع القاعات المقفلة ونادي المنتخبات ونادي السيدات والمسجد والمركز التجاري ومركز الطاقة... اي ضمن مساحة اجمالية تقارب 160 مليون متر مربع، من بينها 150 ألف متر مربع لحرم الأكاديمية حيث تشيّد مرافقه بوتيرة متسارعة على مساحة 125 ألف متر مربع. وتضم الأكاديمية مباني أربعة للدراسة والإقامة والإدارة والطعام والترفيه، فضلاً عن باحة الملاعب الخارجية والقاعات والتي ستظللها قبة عملاقة بطول 240م، هي الأكبر في العالم، والمركز الطبي. وتحتوي الأكاديمية قاعة اوديتوريوم فريدة من نوعها، في شكل كرة مؤلفة من طابقين، وجهزت صفوفها ليستوعب كل منها 25 طالباً فقط. وانطلاقتها في السنة الدراسية الثانية، والأولى في المباني المعدة لها ستكون في متناول نحو 100 طالب في سن 12 و13 عاماً اختيروا بعناية وفق معايير صارمة ودقيقة. على ان يصبح عددهم ألف طالب في السنوات المقبلة، فضلاً عن نظام للمنح الدراسية وتخصيص 20 في المئة من المقاعد لغير القطريين. وصمم المنشآت المهندس الفرنسي الشهير روجيه تاليبير مصمم ملعب بارك دي برنس في باريس، والاستاد الاولمبي في مونتريال. وكشف انه استوحى التصميم من خلال البنية المناسبة للرياضة، "أردت التأكيد انه يمكن مزاولتها في اي مكان، والقبة العالية المقوسة ترمز الى الارتفاع اي نشدان الأعلى والأهداف السامية والمساحة للتنفس". نشر الثقافة الرياضية ويعتبر فلوك ان نشر الثقافة الرياضية هو الخطوة الصحيحة في عملية البناء المنشود "وهناك امور كثيرة ستكون من اولوياتنا ضمن هذا الإطار وفي مقدمها الصحة والمجتمع... ولا شك في ان ما سيتحقق قريباً سيجعل قطر ودول المنطقة قبلة الأنظار، ولا سيما اننا نخطط لنخرّج ابطالاً أولمبيين في دورة 2012". وشرح الدكتور حازم العنتباوي الخطوات العملانية الأولى على هذا الصعيد، فأفاد ان الاختيار الأولي انحصر في كرة القدم وألعاب القوى "وذلك مرتبط بشعبية هاتين الرياضتين بصورة رئيسة حيث المواهب موجودة في المجتمع المحلي، فضلاً عن ان "أم الألعاب" وإنجازاتها تميّز قطر عن سائر دول المنطقة... ولاحقاً سنضيف رياضات وألعاباً أخرى ضمن برنامج متكامل يغطي تدريجياً مجموعة من المسابقات ولا سيما الأولمبية منها". وتعزيزاً لهذا الطرح، اشار رئيس الاتحاد القطري لألعاب القوى العميد دحلان الحمد الى ان "أم الألعاب" تحتاج الى قطف المواهب ذات الأعمار الصغيرة، "انخرط الجيل الحالي في الإعداد في سن متقدمة نسبياً. ما يعني انه لو توافرت لأفراده ظروف التطوير في سنواتهم الأولى لكانت انجازاتهم افضل... وهذا هو الدور الذي ستلعبه الأكاديمية من دون شك. لذا سنعتمد برنامج تنسيق مشترك، ولا سيما ان هذه المؤسسة الرائدة ستتولى الخامات علمياً ورياضياً، فتصل إلينا ناضجة وجاهزة". وعلى غرار الجانب التعليمي العام، تولي الأكاديمية الجانب التقني والمعلوماتي العناية اللازمة عملياً وتدريبياً في منهاج الدراسة، لذا فإن الدائرة المتخصصة في هذا المجال ستسهم في جوانب عدة. اما النظرة الفنية فكانت محور وقفتنا مع المدرب الفرنسي فيليب تروسييه، الذي طالما نادى بتأطير اللاعبين منذ سنواتهم الميدانية الأولى، والتقى في طرحه مع رأي رئيس الاتحاد الآسيوي محمد بن همام حول "الفكرة الكبيرة والأولى من نوعها في المنطقة والنابعة من الرؤية الحكيمة... وستشكل نقلة نوعية في المستقبل وتضع الرياضة القطرية على الطريق الصحيح". واعتبر تروسييه ان مقومات الإعداد الجيد ستتوافر من خلال المنشآت العصرية والإقامة المرفهة "واعتماد قواعد التدريب القويم والسلوك المنتظم ستدعّم صفوف المنتخب، وهو الوحيد القادر على عكس الصورة الصحيحة للرياضة القطرية في الخارج".