فوجئ رجال الأمن والاستخبارات في المغرب أن أحد المطلوبين في إطار التحقيق في الهجمات الانتحارية بالدار البيضاء في 16 أيار مايو الماضي، اختار السجن ملاذاً للاختباء. إذ عمد يوسف عواد الذي ورد اسمه في قوائم مطلوبين بتهم الضلوع في هجمات إرهابية منذ حوالى عام، إلى طريقة مبتكرة في التواري عن الأنظار. لقد زور بطاقة هوية وراح يتاجر بالمخدرات على نحو علني يضمن معه القبض عليه سريعاً. وهكذا كان، وأودع السجن في مدينة سلا بعدما دانته محكمة باسم "بوتشيش" بتهمة الاتجار بالمخدرات، وكادت الأمور تستمر على ما يرام، لولا "امتيازات" لسجناء الحق العام، منها الاتصال هاتفياً بذويهم. وساعد عواد في التخفي، ان زملاءه في تنظيم "الصراط المستقيم" الذي يتزعمه "أمير الدم" يوسف فكري حكم عليهم، في غالبيتهم، بالإعدام، مما حتم نقلهم إلى سجن القنيطرة شمال الرباط والذي يؤوي المحكومين بأحكام قاسية، في حين ان معتقلين في إطار هجمات الدار البيضاء، وضمنهم شيوخ "السلفية الجهادية"، وزعوا على سجني سلاوالدار البيضاء في زنازين خاصة. وظل عواد يقضي "أياماً هادئة" في زنزانة "الحق العام"، حتى قاده "سوء حظه" إلى الاتصال بأحد أقاربه الذي يعتقد بأن هاتفه وضع تحت التنصت. وبذلك تحول "امتياز" المكالمات الهاتفية إلى مصيدة. وورد اسم عواد في التحقيقات في جرائم "أمير الصراط المستقيم" المتهم بقتل أشخاص عديدين في الدار البيضاء والناضور واليوسفية، تحت مبرر "الخروج عن الإسلام". وشكل تفكيك التنظيم والذي بدأ قبل هجمات الدار البيضاء نقطة الانطلاق في رصد التنظيمات المتطرفة، خصوصاً "السلفية الجهادية" و"التكفير والهجرة" و"الصراط المستقيم". ويعتقد بأن عواد الذي بدا مطمئناً إلى نجاته من الملاحقة القضائية في ملف الإرهاب، قد يكون وراء ايهام مصالح الأمن أنه كان واحداً من الانتحاريين قبل ظهور نتائج التحليلات، كذلك تسربت معلومات مفادها أنه قد يكون بين الفارين خلال عملية دهم مسكن في الدار البيضاء قبل أيام حين تمكن رجال الأمن من اعتقال مطلوبين في مقدمهم عبدالمالك بوزكارن. وقد يكون فضول عواد لمعرفة سير التحريات الأمنية دفعه إلى المغامرة والاتصال بأحد أفراد أسرته. وسيؤدي اعتقاله إلى فتح مناطق الظل في التعاطي الأمني مع الظاهرة الإرهابية، خصوصاًَ لجهة الربط بين تجارة المخدرات والإرهاب.