في وقت تزداد فيه صعوبة الحصول على وظيفة العمر، وتتحول فيه الوظائف في القطاعين الحكومي والخاص إلى حلم بالنسبة إلى كثيرين، يلجأ كثير من الشباب إلى اختبار الوظيفة الموقتة، تحاشياً للبطالة. هل يمكن أن تشكل الوظائف الموقتة بديلاً من الوظيفة الثابتة أو أن تتحول التجربة الموقتة إلى دائمة؟ وهل يمكن الشاب الاعتماد على هذا النوع من الوظائف لتأمين مستقبله؟ شغل وقت الفراغ يقف جون عزيز إلى جوار إحدى الكافيتريات المنتشرة في حرم جامعة القاهرة. يعرض عليك بأسلوب جذاب أن تجرب نوعاً جديداً من العصائر. "قد يلعب معك الحظ و تكسب معنا جائزة"، يقول مبتسماً. تخرج جون حديثاً في كلية الهندسة. فكر في الالتحاق بعمل موقت بدافع استثمار وقت الفراغ إلى أن يحين موعد التحاقه بالخدمة العسكرية. "وجدت ما أشغل به نفسي. وفي الوقت نفسه بدأت أعتمد على ذاتي وأتحمل جزءاً من نفقاتي". وعلى رغم التعب الذي يلحق به جراء العمل، فإن جون يعترف بأنه لا يخلو من المتعة "خصوصاً عند استلامك الراتب. ينتابك شعور بالسعادة لا يوصف" . ويرفض جون تحويل عمله مندوباً للمبيعات إلى مهنة مستقبلية "لأنها بعيدة تماماً من مجال دراستي. كما أنها غير مضمونة على المدى الطويل. ولكن لا مانع لدي من أن تكون تجربة موقتة". أما عمرو خريج الإعلام، فلجأ إلى هذا النوع من الوظائف ليكف عن "طلب المصروف من والديه"، تلافياً للإحراج الذي يسببه الأمر. إلا أن ذلك لم يمنعه من البحث عن وظيفة دائمة تتفق وتطلعاته المستقبلية. الطلاب أيضاً ومما لا شك فيه أن العمل الموقت الذي استقطب الكثير من الخريجين، لم يوفر الطلاب. تعمل سمر أسامة الطالبة في كلية الآداب في مجال الإكسسوارات النسائية في أحد المعارض المتنقلة، فخبرتها بحاجيات بنات جنسها سهلت مهمتها وأوجدت لها "مكاناً وعملاً مستقلاً وشبه دائم لأن المعارض تتكرر في مواسم عدة خلال العام"، كما تقول. أما حاتم حسين فيبحث عن عمل موقت "في الإجازات الصيفية"، لئلا يؤثر ذلك على مستواه الدراسي. حاتم لم يسبق له العمل في وظيفة موقتة، غير أن شقيقه أتيحت له الفرصة للعمل في مهرجان السياحة والتسوق العام الماضي. واستطاع في شهر واحد أن يجمع مبلغاً كبيراً من المال. وعلى رغم إقبال الطلاب على العمل بصورة موقتة طمعاً بالمردود المادي الوفير في أحيان كثيرة، إلا أن محمود إبراهيم طالب في كلية الهندسة قسم البترول والمعادن، يطرح وجهة نظر جديدة مختلفة، إذ يرفض الربط بين العمل وبين العائد المادي. ويعرض تجربته في العمل والتدريب الصيفي في إحدى شركات البترول في منطقة البحر الأحمر: "كونت قدراً كبيراً من المهارة العملية. إضافة إلى الفرص التي أتاحت لي الالتقاء بالقائمين على الشركة". عمل ودراسة ولما كان بعض الطلاب يفضلون العمل في إجازة الصيف أو بعد التخرج، استطاع آخرون أن يجمعوا بنجاح بين العمل والدراسة. يعمل محمد محمود طالب في أكاديمية عين شمس مندوب مبيعات في إحدى شركات المواد الغذائية لقاء أجر يومي يقارب السبعة دولارات، مما يمنعه من متابعة المحاضرات جميعها في الأكاديمية: "أحضر المعامل والسكاشن العملي كل أسبوع أما المحاضرات فلا التزم بحضورها كلها". وعن مدى تأثر مستواه الدراسي بالعمل، يقول محمد انه يتفرغ في الشهور النهائية للمذاكرة، وأن الأمر لا يحتاج إلى اكثر من "تنظيم للوقت بدليل أنني احصل على تقديرات متوسطة، وأنا سعيد بذلك". الموقت أصبح دائماً "تنظيم المعارض من أكثر المجالات التي فتحت فرص رزق جديدة، ودائمة للشباب"، يقول محمد حسن خريج المعهد الفني الصناعي عن عمله في مجال تنظيم المعارض الشرائية، وهو يعمل لدى شركة تؤجر صالات عرض في النوادي والجامعات وغيرها، وتقوم بإعادة تأجير وحدات مجهزة داخل هذه الصالات للشركات والأفراد على شكل أجنحة عرض. ويضيف محمد: "أصبحت المعارض توفر فرص عمل دائمة لكثير من الشباب، كونها تستمر طوال العام، وتنتقل من مكان إلى آخر". مما لا شك فيه أن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية دفعت الشباب إلى التفكير في فتح مسارات جديدة للعمل، حتى ولو كانت موقتة، بخاصة إذا اقترن ذلك مع رغبة في تحقيق الذات. جامعة القاهرة