دعا أكثر من 15 ليبرالياً مخضرماً في الولاياتالمتحدة في رسالة خطية المرشح الرئاسي المستقل رالف نادر الى التراجع عن خطوته "المدمرة وغير الواقعية" والانسحاب من السباق لئلا يتسبب بفوز الرئيس جورج بوش بولاية ثانية أمام المنافس الديموقراطي السناتور جون كيري. وجاءت الدعوة الأخيرة في ضوء استطلاعات للرأي أظهرت اخيراً استمرار نادر في استقطاب أصوات ما لا يقل عن 5 في المئة من الناخبين، خصوصاً الموالين منهم للحزب الديموقراطي. وضمت لائحة الموقعين على الرسالة ممثلي منظمات مختلفة مثل "أميركيون للفعل الديموقراطي" أو "مجلس إحياء العالم"، ويجمعهم الخوف من تكرار سيناريو انتخابات العام 2000، عندما حرم نادر 69 عاماً المرشح الديموقراطي آل غور من فوز محقق. وحصد نادر يومها اكثر من 2.9 مليون صوت، منها 97480 صوتاً في ولاية فلوريدا التي أوصلت بوش الى البيت الأبيض بفارق 500 صوت. وبعث نادر برد الى الديموقراطيين امس دعاهم فيه الى "التروي والهدوء، والثقة بأن ترشحه سيساعد على هزيمة بوش وإزاحته من البيت الأبيض". إلا ان استطلاعات الرأي تشير الى واقع معاكس يفرض نادر كمرشح قادر على كسب نسبة لا يستهان بها من الأصوات، ما يجعله حجر عثرة أمام كيري ما لم ينسحب في الوقت المناسب. ويظهر آخر استطلاع للرأي اجرته مجلة "كابيتال تايمز" وصدر امس في ولاية ميتشيغان الحاسمة انتخابياً، تقدم بوش على كيري بنسبة 47 في المئة مقابل 41 وحصل نادر على 5 في المئة، فيما يشير استطلاع صحيفة "يو اس اي توداي" وشبكة "سي ان ان" في مطلع الاسبوع، انه في حال اقتصر السباق على بوش وكيري، فسيتصدر بوش بنتيجة 47.51 في المئة. اما في حال دخول نادر على خط المعركة، فستتحول النتيجة الى 49 -45، مع بوش متصدراً، و4 في المئة لنادر، ويظهر الاستطلاع الذي اجرته شبكة "سي بي اس" وصحيفة "نيويورك تايمز" في مطلع الشهر الفائت، ان 58 في المئة من ال2.9 مليون الذين صوتوا لنادر في العام 2000 ذهبت أصواتهم الى الديموقراطيين في انتخابات مجلس الشيوخ الصيف الماضي، بينما لم تتعد هذه النسبة 27 في المئة ممن صوتوا لمرشحين جمهوريين. ويؤكد نادر، وهو لبناني الأصل، للديموقراطيين في رسالته ان "وضوح خطابه وجرأته الكلامية في مهاجمة سياسة بوش سيساعدان الديموقراطيين في حملتهم". وقد نجحت هذه الفرضية في ولاية ايوا في آخر كانون الثاني يناير الماضي خلال استحقاق الحزب الديموقراطي. ففي حين تبادل كل من المرشحين المتقدمين هوارد دين وريتشارد غبهارت الاتهامات، عاقب الناخبون كليهما وحل جون كيري وجون ادواردز، سناتور ولاية نورث كارولاينا، في المرتبتين الأولى والثانية تباعاً. ويعارض نادر بشدة سياسات بوش الاقتصادية والأمنية والبيئية، إذ يحمل سجله الطويل في العمل السياسي مبادئ تقدمية تناشد حماية المستهلك وتدعيم الاقتصاد المحلي في وجه سياسات منظمة "نافتا" ومنظمة التجارة العالمية. كما يندد نادر ب"الحرب على العراق والاحتلال الأميركي"، ويدعو إلى وقف التدخل الأميركي لمصلحة إسرائيل، معلناً دعمه الانتفاضة الفلسطينية وحق اللاجئين في العودة إلى أراضيهم. ويسعى المرشح "المخرب" كما يصفه بعض الديموقراطيين، الى جمع مبلغ 15 مليون دولار لدعم حملته، وقد حصل منها حتى الآن على مليون واحد فقط بحسب الأرقام الواردة على موقعه الالكتروني. وتجدر الإشارة الى ان 10 في المئة من هذه القيمة قدمها جمهوريون أمثال بوب شتين، مساعد الرئيس السابق ريتشارد نيكسون، ورجال اعمال أمثال جينو بالوشي وتيرنس جاكوب. وخسرت منظمة "المواطن العام" الداعمة لنادر، مبلغ مليون دولار من التبرعات بعد انتخابات العام 2000 بسبب دور نادر في فوز بوش. كما يتطلع المرشح المستقل الى خوض المعركة في 50 ولاية تعتبر 18 منها حاسمة، ويتوجب عليه قبل ذلك جمع مئات الآلاف من الأصوات لإدراج اسمه على لوائح الاقتراع فيها. أما اذا قرر "حزب الخضر" تبني ترشحه، فسيسهل بذلك المهمة في 23 ولاية له مناصرون فيها. ويتوقع نادر دعماً ترشيحياً من جمهوريين معارضين لسياسة بوش أمثال "روس بيرو" رئيس حزب "تكساس الاصلاحي"، واعضاء في مجلس الشيوخ أمثال "توم ديلاي" الذي لديه تحفظات على سياسة بوش في الانفاق المتزايد وهدر الأموال.