قررت فرنسا تعزيز إجراءات الأمن المتبعة من قبلها ورفع وتيرة الاستنفار لمواجهة اعتداءات ارهابية محتملة، وذلك غداة التفجيرات التي ضربت اسبانيا وأثارت حالاً من الشجب والاستنكار الحاد في الوسطين الرسمي والشعبي. وترأس الرئيس الفرنسي جاك شيراك مجلساً وزارياً مصغراً ضم وزراء الداخلية نيكولا ساركوزي والعدل دومينيك بيربين والدفاع ميشال آليو ماري والنقل دومينيك بوسرو، بهدف التحقق من حسن تطبيق اجراءات الأمن المعززة على مستوى البلاد. وكانت الحكومة الفرنسية بادرت منذ وقوع الاعتداءات الى رفع خطة "فيجيبيرات" المعدة لمواجهة الاعتداءات الإرهابية المحتملة، فيما تردد ان اجراءات امنية معززة ستعتمد على صعيد البعثات الفرنسية في الخارج. وولدت تفجيرات اسبانيا انطباعاً عاماً في فرنسا مفاده ان ما حصل هو بمثابة "11 ايلول" استهدف اوروبا بالصميم وترافق مع بوادر تعاطف وتضامن حكومية وشعبية. وأعلنت رئاسة الحكومة الفرنسية ان رئيس الحكومة جان بيار رافاران توجه الى مدريد للمشاركة في "مسيرة التضامن مع ضحايا الإرهاب"، كما توجه ايضاً الى العاصمة الإسبانية للغرض نفسه وزير العدل دومينيك بيربين ووفد يضم عدداً من اعضاء مجلسي النواب والشيوخ. ونكّست الأعلام الفرنسية على المقرات الرسمية حداداً على أرواح الضحايا، فيما شهدت باريس تجمعات عند ساحة التروكاديرو وأمام مقر السفارة الإسبانية. وانقسمت الآراء والتحليلات بشأن المتسببين بالتفجيرات وما اذا كانوا من الانفصاليين الباسك ام من انصار القاعدة، لكنها تقاطعت عند ضرورة التزام الحذر وعدم الفصل بهذا الاتجاه او ذاك في غياب البراهين القاطعة. ورأى وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي انه "ينبغي حالياً عدم ترجيح اي احتمال وتوجيه التحقيقات بكل الاتجاهات والإبقاء على اقصى قدر من اليقظة". ألمانيا وفي ألمانيا، أكد وزير الداخلية الألماني أوتو شيلي أمس، ان الوضع الأمني في البلاد "لم يتغير" بعد الاعتداءات الإرهابية التي وقعت أول من أمس في مدريد. وذكر ناطق باسم الوزارة "ان لا اشارات حتى الآن تشير الى غير منظمة "ايتا" الباسكية السرية ومسؤوليتها عن هذه الاعتداءات". وعلى عكس فرنسا، قال الناطق ان السلطات الألمانية الأمنية لم تتلق أي تعليمات جديدة. واعتبر خبير ألماني في الارهاب أمس ان "ايتا" بدأت على ما يبدو في تقليد نهج "القاعدة". وأعربت الحكومة الألمانية والأحزاب السياسية في البلاد عن "صدمتها العميقة من بشاعة الاعتدادات الارهابية" التي وقعت. وتحدث المستشار غيرهارد شرودر فيها في مكالمة هاتفية مع نظيره الاسباني خوسيه ماريا إثنار عن "نوعية جديدة من الارهاب". وأبلغ وزير الداخلية اوتو شيلي نظيره الاسباني استعداد السلطات الأمنية الألمانية لتقديم كل مساعدة تطلب للبحث عن الفاعلين، معتبراً أن ما حصل "اعتداء على الديموقراطية". وتحدث الخبير الألماني في شؤون الارهاب كاي هيرشمان، نائب رئيس معهد بحوث الإرهاب في أسّن، أمس "عن امكان بدء منظمة "ايتا" نسخ نهجها الجديد عن تنظيم القاعدة لإثبات وجودها بعدما تعرضت لضربات قاصمة ودنت نهايتها". إيطاليا وعززت إيطاليا الاجراءات الامنية في أعقاب اعتداءات مدريد وسط مخاوف من احتمال أن تكون البلاد الهدف المقبل للارهابيين. وطلبت وزارة الداخلية الايطالية من الشرطة تعزيز المراقبة حول الاهداف الاكثر حساسية والمصالح الاسبانية في شكل خاص. واصيبت إيطاليا بصدمة شديدة بسبب الاعتداءات، باعتبارها كانت حليفاً قوياً للولايات المتحدة في الحرب على العراق مثل اسبانيا. واكتشف العديد مما يزعم أنها خلايا إرهابية إسلامية في اراضيها منذ هجمات 11 أيلول. بولندا كذلك شددت بولندا وهي مثل اسبانيا حليف للولايات المتحدة في العراق من اجراءات الامن عند الحدود. ووضعت الشرطة في حال تأهب عالية امس، رداً على مخاوف من ان تنظيم "القاعدة" ربما كان وراء الاعتداءات في مدريد. اليابان وارتأت السلطات في اليابان وهي أوثق حلفاء الولاياتالمتحدة في آسيا انه يجب ان تبقى في حال تأهب تحسباً لهجمات ارهابية محتملة. وقال ياسو فوكودا كبير امناء مجلس الوزراء: "لا نخطط لمراجعة محددة. اننا نعطي اهتماماً كافياً بذلك ونفعل ذلك الآن ايضاً". واضاف: "نتخذ أفضل خطوات ممكنة في شأن الأمن الآن. لكن الارهابيين يتحركون بالطبع ويستهدفون أي ثغرات ولذلك فاننا نحتاج الى دراسة القضايا المختلفة حتى لا يحدث ذلك".