عاهد رئيس منظمة التحرير الفلسطينية مرشح حركة"فتح"لانتخابات رئاسة السلطة الفلسطينية محمود عباس الرئيس الراحل ياسر عرفات في كلمته التأبينية في المجلس التشريعي في رام الله الثلثاء"ان لا يهدأ لنا بال حتى يتم تطبيق حق العودة لشعبنا وانهاء مأساته في اللجوء"و"اقامة دولة فلسطين المستقلة ...". والسؤال الملح الآن بعد وفاة عرفات واعدة انتخاب الرئيس الاميركي جورج بوش لولاية ثانية هو هل يستطيع الشعب الفلسطيني اقامة دولة مستقلة له ذات سيادة على اراضي الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشريف في غضون الشهور المقبلة، اوقبل انتهاء الولاية الثانية للرئيس بوش؟ ان الاجابة القصيرة عن هذا السؤال هي"نعم"اذا كنا نتحدث عن قدرة الشعب الفلسطيني وقيادته على اقامة مؤسسات حكم دستوري ديموقراطي والتخطيط لتنمية الاقتصاد وتطوير التعليم والمؤسسات والاطر الصحية وانعاش الحياة الثقافية وما الى ذلك من مقومات الاستقلال. لكن هذه القدرات ستبقى الى حد كبير معطلة، في اطار انشاء الدولة، رغم وجود اعداد كبيرة من الخبراء والمهنييين والمحترفين المتعلمين الفلسطينيين لاسباب واضحة اهمها استمرار الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية وتقسيم تلك الاراضي الى كانتونات معزول بعضها عن بعض وبسبب الحصار الخانق الذي تفرضه على حركة الناس عن طريق الحواجز العسكرية وجدار الفصل العنصري وسد المعابر الداخلية والمعابر الدولية امام الفلسطينيين، اضافة الى الاعتداءات العسكرية والاغتيالات وتجريف المزارع وقطع الاشجار والارزاق باجراءات مصممة كلها لمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة. والواقع ان اياً من رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون والرئيس الاميركي بوش لا يبدو جاداً اطلاقاً في مسألة تنفيذ"خريطة الطريق"وصولاً الى حل للصراع الفلسطيني - الاسرائيلي على اساس دولتين. فالأول، شارون، اعلن على لسان اكبر مساعديه دوف فايسغلاس ان الهدف من خطته للانفصال من جانب واحد عن الفلسطينيين بالانسحاب من قطاع غزة انسحاباً غير تام يبقي القطاع سجناً كبيراً مقطوعاً عن العالم ومن اربع مستوطنات يهودية صغيرة من شمال الضفة الغربية هو وقف عملية السلام ومنع قيام دولة فلسطينية. اما الثاني، بوش، فقد اعطى شارون فوق ما طلب منه عبر رسالة الضمانات التي وصف فيها اسرائيل ب"الدولة اليهودية"امعاناً في محاولة الغاء عروبة فلسطين التاريخية، مسلّماً لاسرائيل بضم الكتل الاستيطانية اليهودية الكبرى في الضفة الغربية، ممارساً بذلك قوة الامبراطورية الاميركية الطاغية ل"اعطاء ما لا يملك لمن لا يستحق". ثم ان بوش الذي وافق شارون على مقاطعة الرئيس الفلسطيني الراحل ونادى بقيام قيادة فلسطينية بديلة رغم ان عرفات انتخب ديموقراطياً صار مؤيداً لارجاء قيام دولة فلسطينية وغير قابل الا بما يقبل به حزب ليكود اليميني الاسرائيلي. ان اي حل مشروط ب"الامن اوّلاً"لاسرائيل لن يؤدي الى دولة فلسطينية مستقلة، وهذا الشرط لا تبتغي اسرائيل من ورائه سوى ايجاد كيان فلسطيني تابع لها او"جالس في حضنها"، حسب تعبير شارون في مقابلة مع صحيفة"لوموند"الفرنسية قبل سنوات عندما كان في المعارضة. اما نيل الاستقلال فلن يتحقق الا بانتهاء الاحتلال اوّلاً، وبعدئذ يمكن ان يسود الأمن بالتساوي للشعبين الفلسطيني والاسرائيلي. ويبقى غير ذلك عبثاً في عبث.