أطفأ مهرجان الاغنية السورية الذي تقيمه وزارة الاعلام على مسرح قلعة حلب، شمعته العاشرة في 13 الجاري، وأنهت فاعليات ايامه الثلاثة الجدل الدائر في جدوى استمراره والدور الذي يمكن ان يلعبه في استعادة مكانة الاغنية السورية والنهوض بواقع الاغنية العربية المتردية. وتزامن وضع نظام داخلي للمهرجان مع اطلاق برنامج عمل يوزع الفاعليات على مدار العام للخروج بحلة جديدة في الدورات المقبلة واختبار الآلية التي تستهدف تسويق الاغنية السورية والفنانين الشباب. وأشار مدير المهرجان الفنان أمين الخياط الى انه "سيستحدث برنامج نصف شهري يجوب المحافظات السورية بغية اختبار الاصوات الشابة في الاغاني التراثية والشائعة ليشارك الفائزون في الدورة المقبلة"، معترفاً بالتقصير ازاء المطربين الفائزين بالدورات السابقة "اذ لم تتبن الاذاعة والتلفزيون اياً منهم". وشغلت قضية التسويق الاعلامي أذهان المعنيين، فرصدت موازنة خاصة بالفائزين الأوائل تستثمر في تصوير فيديو كليبات لأغانيهم وسمح للفائزين في المهرجانات السابقة بتقديم اغان جديدة في الدورة الحالية، ونشَّط ذلك من همة المتسابقين على رغم البرود الواضح على ملامحهم والقصور في اختيار الكلمات والألحان التي تناسب المهرجانات الغنائية. ورأت اللجنة العليا للمهرجان ان تقديم فاعليات المهرجان مجاناً للفضائيات العربية ومنحها حرية اختيار الفقرات التي تناسب برامجها يسهم في تسويق أسماء المتسابقين ويعزز من حضور الأغنية السورية في ذاكرة المتلقي العربي. وساعد الحضور المكثف لوزير الاعلام أحمد الحسن في ضبط أمور التنظيم والسير على ايقاع واحد طوال المهرجان. ودعا الوزير، الذي ناب عن راعي المهرجان رئيس مجلس الوزراء محمد عطري، في كلمة الافتتاح الكتاب والشعراء والملحنين ليقيموا جسراً "بين الحداثة والأصالة، بين روح القديم وعقل الجديد بما يحفظ الهوية والاوطان، وبما يسهم في تحقيق برنامج التطوير والتحديث في كل متجه ومكان". ودعت ادارة المهرجان مديري المهرجانات الغنائية العربية وخبراء موسيقيين ومتخصصين في مجال الغناء لحضور جميع النشاطات لتقويم الخطوات والجهود المبذولة وتقديم اقتراحات لتعديل مسار العمل ليأخذ منحى جديداً يكفل تلميع صورته وطلته وتفاعل الجمهور معه. وشهد اليومان الأولان عقد ورشة عمل ثقافية بعنوان "صورة الفنان المغني في الواقع الغنائي المعاصر" بمشاركة الباحثين الموسيقيين فيكتور سحاب وصميم الشريف وهاشم قاسم، وهدفت الورشة الى مواجهة الفنانين الشباب المعنيين مع الملحنين والباحثين الموسيقيين للبحث في الادوار المتبادلة بينهم. واستعرضت الدراسات المقدمة عوامل صناعة الفنان ودور وسائل الاتصال الحديثة فيها. وخصص اليوم الاخير من المهرجان لتقديم العديد من الجوائز الجديدة، وذهبت جائزة افضل اغنية للأطفال الى الطفلة غزل هندي بينما حظي عمر الشعار بالجائزة الأولى للأغنية الشعبية وسونيا مقديد للأغنية الطربية التي تقدمها محافظة حلب. ونالت نوال سمعان جائزة عن أفضل أغنية ويوسف طافش عن أفضل كلمات وصديق دمشقي وخالد حيدر مناصفة عن أفضل لحن. وكرمت الشهادات التقديرية للمهرجان الفنان صباح فخري والموسيقي الراحل شفيق شبيب والفنان محمد محسن، اضافة الى نعيم حمدي والناقد صلاح الدين محمد والباحث صميم الشريف نتيجة اسهاماتهم في المهرجان. ووجهت حملة انتقادات لادارة المهرجان لجهة اختيارها قلعة حلب مكاناً لاقامة الدورة الحالية على رغم الغبار المتناثر فيها بسبب الحفريات ومطبات الصوت التي تعيق اداء الآلات الموسيقية وتدفع المطربين الى اعتماد طريقة "البلاي باك". والأهم من ذلك، انفاق مبلغ مئة مليون ليرة سورية نحو مليوني دولار على الدورات العشر من عمر المهرجان في مقابل عجزها عن تسويق اغنية سورية واحدة او مطرب واحد من مئتي متسابق شاركوا فيها على أمل استعادة الريادة للاغنية السورية ايام الخمسينات من القرن الماضي. ويترقب المهتمون موعد الدورة المقبلة من المهرجان "الاحتفالية" للمراهنة على حصاد المنحى الجديد له.