مهرجان الرياض للمسرح يتألق في ثالث أيامه بعروض مسرحية وحفل غنائي    تراجع أسعار الذهب إلى 4339.50 دولارا للأوقية    مزادات الأراضي تشتعل بصراع كبار التجار    الرئيس الأوكراني يتوقع مواجهة بلاده عجزا في المساعدات يصل إلى 50 مليار يورو العام المقبل    بطولة "قفز السعودية".. عبدالرحمن الراجحي بطل شوط نقاط كأس العالم 2026    نابولي يثأر من ميلان ويتأهل لنهائي كأس السوبر الإيطالي بالسعودية    الأردن يمنح الجنسية الأردنية للمدرب المغربي جمال السلامي    القبض على يمني في جازان لترويجه نبات القات المخدر    «الائتمان المصرفي» ينمو ب391 مليار ريال خلال عام 2025    "أنا ما برحتُ تألقًا وسَنَا"    إستراتيجية واشنطن في لبنان وسوريا بين الضغط على إسرائيل وسلاح حزب الله    تخريج 335 كفاءة وطنية ضمن برامج التدريب بمدينة الملك سعود الطبية    جامعة سطام تحتفي باليوم العالمي للغة العربية تحت شعار "نفخر بها"    مصير مباراة السعودية والإمارات بعد الإلغاء    "القوات الخاصة للأمن والحماية" نموذجٌ متكامل لحفظ الأمن وحماية مكتسبات التنمية    أمير منطقة جازان يستقبل القنصل الهندي    أمير جازان يستقبل الفائز بالمركز الأول في مهرجان الأفلام السينمائية الطلابية    الأولمبياد الخاص السعودي يقيم المسابقة الوطنية لكرة السلة    طقس شتوي وأمطار تنعش إجازة نهاية الأسبوع في جيزان    جمعية أرفى تحصد فضية جائزة "نواة 2025" للتميز الصحي بالمنطقة الشرقية    الفتح يتعادل مع النصر وديًا بهدفين لمثلهما    Center3 إحدى شركات مجموعة stc وهيوماين توقعان شراكة لبناء مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي بسعة تشغيلية تصل إلى 1 غيغاوات في المملكة    برعاية سمو محافظ الأحساء.. افتتاح الفرع الثاني لجمعية الرؤية التعاونية    تعليم الطائف ينفّذ لقاءً تعريفيًا افتراضيًا بمنصة «قبول» لطلبة الصف الثالث الثانوي    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل مفتي جمهورية رواندا    السعودية تستضيف كأس السوبر الإيطالي    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تحتفي باللغة العربية في يومها العالمي    إمارة منطقة مكة المكرمة تشارك في النسخة العاشرة لمهرجان الملك عبدالعزيز بالصياهد    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تعيد توطين طائر الجمل بعد غياب 100 عام    برعاية أمير المدينة.. اختتام مسابقة "مشكاة البصيرة" لحفظ الوحيين    أمير تبوك يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    أمير الشرقية يكرّم داعمي جمعية «أفق» لتنمية وتأهيل الفتيات    الإحصاء: ارتفاع عدد المراكز اللوجستية إلى 23 مركزا في 2024م    أمير القصيم يواسي خالد بن صالح الدباسي في وفاة زوجته وابنتيه    مرتفعات تروجينا وجبل اللوز تشهد تساقط الثلوج وهطول الأمطار    ندوات معرفية بمعرض جدة للكتاب تناقش الإدارة الحديثة والإبداع الأدبي    سورية: مقتل شخص واعتقال ثمانية بعملية أمنية ضد خلية ل«داعش»    نعمة الذرية    احتجاز الآلاف و70 من طواقم صحية بجنوب دارفور «الصحة العالمية» تطالب بالإفراج الآمن وغير المشروط    موسم الشتاء.. رؤية طبية ونصائح عملية    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يشخص أورام الرئة عبر تقنية تنظير القصبات الهوائية بالأشعة الصوتية EBUS    سمو ولي العهد يعزّي ولي عهد دولة الكويت في وفاة الشيخ جابر مبارك صباح الناصر الصباح    900 مليون لتمويل الاستثمار الزراعي    في ذمة الله    الكلية التقنية بجدة تنتزع لقب بطولة النخبة الشاطئية للكرة الطائرة 2025    البيطار يحتفل بزفاف مؤيد    القحطاني يحصل على الماجستير    هنأت ملك بوتان بذكرى اليوم الوطني لبلاده.. القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة جابر مبارك    تصاعد الاستيطان الإسرائيلي يثير إدانات دولية.. واشنطن تؤكد رفض ضم الضفة الغربية    تعزيزاً لمكتسبات رؤية 2030.. المملكة مقراً إقليمياً لبرنامج قدرات المنافسة    تعول على موسكو لمنع جولة تصعيد جديدة.. طهران تعيد تموضعها الصاروخي    حرقة القدم مؤشر على التهاب الأعصاب    علماء روس يطورون طريقة جديدة لتنقية المياه    تصعيد ميداني ومواقف دولية تحذر من الضم والاستيطان    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشروعات التي تنفذها أمانة المنطقة    الهيئة العامة للنقل وجمعية الذوق العام تطلقان مبادرة "مشوارك صح"    «المطوف الرقمي».. خدمات ذكية لتيسير أداء المناسك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"منكم وإليكم"... كلنا شركاء في الإرهاب
نشر في الحياة يوم 14 - 10 - 2004

عجباً كل العجب لحالنا نحن المسلمين، خصوصاً العرب نشارك في الجرم والجريمة بعواطف وأحاسيس نسميها مواقف إنسانية وعادات كريمة ونبررها بالوقوف إلى جانب المضطهدين في الأرض وعندما نعلم أنها ذهبت لقتل الناس نتذاكى بصمت ولا نقول "أسفاً".
حقاً... كنا لا نعلم أن ما نقدمه من تبرع مالي باليد اليمنى في خفاء حتى لا تعلم اليسرى ما تنفق اليمنى، ونضع الريالات والدولارات في صناديق التبرعات بحسن النية، أن الشك يدور حولنا وربما نحن شركاء في قتل الأنفس البريئة والدماء المعصومة. وليت الأمر يقف عند هذا الحد بل ان ألسنتنا تبقى طويلة وتجر ارتالاً من الجيوش المدرعة دفاعاً عن جماعات انتحارية باسم الدين وكرامة الأمة. ويتناسى هذا الإنسان العربي أنه مخلوق "ضعيف"، أقوى ما يملك حدة اللسان وقدح المتفوقين من دون وعي أو تفكير لكي يصل إلى ما وصلوا إليه.
كنا في السابق نمتدح العاملين في جمع التبرعات وأعمال الخير ونثق بهم، ولم نشك يوماً في أننا نُسرق علناً ونشارك في القتل من دون وعي، بل نسير في طريق التهلكة بالمشاركة بأموالنا وتبرعاتنا القليلة التي ما أن تخرج من جيوبنا حتى تتحول إلى كرات من اللهب في أجساد الأطفال والابرياء.
ليتنا نتعلم من دروس الزمن ونجعلها مستفادة بالقدر الكافي للأجيال القادمة، ونتوقف عن لغة التبجيل والثناء في المجالس والديوانيات من دون فهم أو سوء فهم لعمل هؤلاء المفسدين العابثين الذين سرقوا العقول المسالمة أمثالنا وغشوها، وحولونا من دون لا ندري إلى شركاء في العنف والقتل وتردي أوضاع الأمة بأكملها.
يقال ان الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين كان ينظر إلى المساعدات العسكرية العلنية التي كانت تصله على ظهور الشاحنات من الدول الخليجية ابان حرب الخليج الأولى لردع التفوق العسكري الإيراني وهزيمته، ويبتسم ثم يقول: "منهم وإليهم"، ولم يكن أحد يهتم بما يقول أو يفهم مغزى ومدلول هذا الكلام المبطن ومدلوله، ان صحت الروايات، وما أن غزا الكويت سنة 1990، حتى تذكر الخليجيون تلك العبارة جيداً وفسروها بدرجة "امتياز"، ولكنهم كانوا يضعون لأنفسهم المبررات بحجة أنه "كان عربياً قومياً ولا يعلمون ما يرمي إليه".
في الجزء الثاني من الشريط الذي بثه التلفزيون السعودي بعنوان "حقائق من داخل الخلية"، كشف اثنان من المطلوبين الذين تحتجزهم السلطات الأمنية السعودية هما خالد الفراج وعبدالرحمن الرشود، أن خلية تنظيم "القاعدة" كانت تحصل على الدعم المادي بجمع التبرعات ومشاريع "إفطار صائم" وطرق أخرى ملتوية باسم الدين الإسلامي مثل جمع تبرعات باسم "أطفال العراق".
وجاءت الحقيقة المزعجة على ألسنة أعضاء الخلية الإرهابية والاعتراف بما هو أدهى، وليتنا بقينا على جهلنا عالمين. حيث أوضح الرشود وهو من عايش أفراد الخلية في المنازل المهجورة والاستراحات العشوائية والتصق بهم عن قرب، أنهم "لا يلتزمون أداء الصلوات في وقتها وأنهم يجمعونها من دون مبرر، ولا يصلّون التراويح ولا يلتزمون الصلوات بل ينامون إلى ما بعد العصر ويسهرون الليل ويبذخون ويسرفون من تلك التبرعات والمشاريع الخيرية، ويصدرون الفتاوى ويتفوهون بالعلم الشرعي وإجازة الفتاوى التي تروق لهم، خصوصاً التي تخالف مبادئ الإسلام الحق". وزاد الفراج أن أعضاء خلايا "القاعدة"، أكثرهم جهلة، بل لديهم "جهل مركب"، فهم يكفرون الأئمة والخطباء ويحللون قتل كل من لبس الزي العسكري. فهل علينا أن ننتظر بعد هذه الحقائق المزعجة دلائل وبراهين أخرى لكي يصدق من لم يصدق، خصوصاً أن من ساقها إلينا نشأ بين أحضان تلك الخلايا.
على كل فرد عربي ومسلم أن يظهر الموقف من هذه الجماعات علناً بدل استمرار الفساد باسم الدين وجمع التبرعات باسم الصائمين والأطفال والأسرى. ونتفق جميعاً "ان الحلال بين والحرام بين"، فالشمس تشرق كل صباح وتغيب عند كل مساء، ومن لا يصلي ويأمر بالصلاة ويسهر الليل ويأمر بقيام الفجر ويبذخ ويكذب ويقتل ويفجر هو "مجرم" و"إرهابي" تجب المساعدة في القبض عليه واعتقاله.
تذكرت أننا شركاء لهؤلاء في القتل والتفجير وأعمال العنف والإرهاب حتى وان كنا لا نعلم، وعلينا ان نسأل كيف مددناهم بالمال والملبس باسم أعمال الخير ونحن نفعل الشر "اختيارياً".
لم تأت الحكمة العربية الشهيرة "إتق شر من أحسنت إليه" من فراغ، فهذه الجماعات والخلايا المتطرفة المصابة بأمراض العنف قالت لنا كلمتها واستغلت سذاجتنا وغباءنا المطبق، وكررت عبارة صدام مرة أخرى في الألفية الجديدة بقولها: "منكم وإليكم".
لسنا قادرين على إنكار ان تلك الجماعات جمعت التبرعات من أموالنا، ونحن من تبرع عند الإشارات المرورية، ونحن نأكل على طاولات المطاعم، ونحن نتبضع في الأسواق. بل جمعت من داخل المساجد ومن عند بوابات المدارس والجامعات علناً وليس خفية. فنحن من دفع الريال والعشرة ريالات باسم فلسطين والعراق والشيشان والبوسنة والهرسك في ظروف بيض مبهمة تحمل شعار "إفطار صائم"، أذاً كيف لا نكون شركاء؟
ما قاله الفراج والرشود جدير بالمراجعة والفهم لمعرفة أبعاده وتأثيراته، وضرورة إيجاد الحلول العقلية الناجعة لتجفيف منابع تمويل العنف والإرهاب، حتى لا يزداد حمام الدم وتتزايد فتاوى التكفير والتفجير، وإلا سيثبت قطعاً أننا شركاء في الأعمال الإرهابية بنسبة 100 في المئة وليس بنسبة 50 في المئة، خصوصاً أننا أصبحنا نعلم، وذهبت حجة "لا نعلم".
* كاتب وصحافي سعودي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.