عندما فاز الحزب الاشتراكي الديموقراطي الحاكم في السويد في الانتخابات سنة 1999، كانت قضية المرأة من القضايا المهمة في برنامجه السياسي. لذا عندما تشكلت الحكومة الحالية اختار رئيس الوزراء يوران برشون اعضاء حكومته بالتساوي بين الجنسين. وركبت بقية الاحزاب البرلمانية موجة المساهمة في تحسين وضع المرأة سياسياً، فتم اختيار 45 في المئة من نواب البرلمان من النساء. لكن توزيع مقاعد الوزارات بالتساوي وخلق شبه مساواة بين النواب في البرلمان، لم يخفيا الامر الواقع: المرأة السويدية، في سوق العمل، لا تزال تعامل على انها اقل مستوى من الرجل... على رغم ان السويد تعد من دول العالم الاول في حقوق الفرد والعدالة الاجتماعية. تظهر الدراسة التي اجرتها دائرة "المساواة" شبه الرسمية، ان المرأة السويدية لا تزال تعمل ضمن المهن الكلاسيكية، مثل: السكرتاريا والتمريض والحضانة والتدريس. وتشرح المسؤولة في دائرة "المساواة" انيتا هاريمان ان "المرأة تحصل على 82 في المئة من قيمة راتب الرجل، وذلك بسبب نوعية العمل الذي تقوم به. نحن نحاول المساهمة عبر حملات التوعية ودورات التأهيل، في مكافحة عدم المساواة في الرواتب بين المرأة والرجل". وشكلت الحكومة السويدية وزارة خاصة بقضايا المساواة في سوق العمل، اوكلت الى الوزيرة منى سالين التي كانت في بداية الامر معارضة لنصوص قوانين خاصة بتوسيع المجال امام المرأة للدخول في الوظائف المهمة. الا ان الوزيرة سالين غيرت موقفها ذلك وادخلت قضية "الكوتا" إلى برنامجها السياسي، لأنه، كما تقول: "سيكون شبه مستحيل معالجة الفروقات الواسعة بالرواتب وبمناصب العمل وبقوانين التقاعد بين المرأة والرجل". وقضية التقاعد تعد من الأمور المهمة في حياة المواطن السويدي، لأن معظم السويديين يتقاعد في عمر 65 سنة، ويحصل الموظف على معاش تقاعدي مبني على الراتب الذي كان يحصله قبل التقاعد، إضافة الى المعاش التقاعدي العام الذي يحصل عليه المواطنون كافة بصرف النظر عن راتبهم او منصبهم. والكثير من المتقاعدين يختارون الانتقال الى بلد اقل برودة من السويد كدولة جنوب افريقيا او اسبانيا، للعيش فيه، خصوصاً ان راتبهم التقاعدي له قيمة مالية اكبر في تلك الدول. محاولات لردم الهوّة لكن المحاولات التي تقوم بها الحكومة السويدية بالتعاون مع البرلمان من اجل ردم الهوة بين المرأة والرجل في سوق العمل، لا تعطي النتائج المرضية التي تنظر اليها الدولة، اذ ان اهم المناصب في الشركات الكبرى يحصل عليها الرجال. ودعت الحكومة قبل فترة، الشركات التي عندها اكثر من 100 موظف الى اجتماع مع الوزراء من اجل مناقشة قضية المرأة في سوق العمل ومنحها فرص تبؤ مناصب مهمة في الشركات. وأحد الاساليب التي تتبعها الحكومة من اجل مساعدة النساء العاملات، اغراء الشركات بخفض الضرائب في حال فتح الباب امام عدد من النساء في الوصول الى مناصب مهمة في الشركة. تحاول نقابة العمال السويدية، المعروف عنها ضمن الحكومات الاوروبية انها هي التي تتحكم في قوانين سوق العمل في السويد بفضل تنظيمها للعمال بطريقة تمكنها من فرض شروطها على اي حكومة تأتي الى السلطة، ان تردم هوة الرواتب بين النساء والرجال عبر العمل لفرض راتب الحد الادنى. ويقول السكرتير المكلف ملف الرواتب في النقابة ارلاند اولاوسون ان "الحد الادنى للأجواء يساهم في تعزيز وضع المرأة في سوق العمل لأنه من المعروف أنها تتقاضى راتباً اقل من راتب الرجل". ويحصل الموظف الذي يتقاضى الحد الادنى على 17500 كرون سويدي، اي ما يعادل 2000 دولار اميركي في الشهر. وكبقية بلدان العالم، يذهب القسم الاكبر من الراتب لدفع ايجار البيت والديون وما شابه ذلك. ومن اجل تذكير الحكومة السويدية بأن وضع المرأة العاملة في هذا البلد غير متساو مع وضع الرجل، طبع مكتب "المساواة" السويدي 14000 كتيب صغير تذكّر بالقانون البرلماني الذي يمنع عدم المساواة بين الرجل والمرأة في سوق العمل، كما يشير الى الثغرات الموجودة حالياً، ومنها الهوة بين الرواتب ومناصب العمل. تلك الكتيبات وزعت على الوزارات وادارات الدولة والشركات الكبرى في السويد، املاً في تحسين وضع المرأة السويدية في سوق العمل.