سمو محافظ الخرج يرعى حفل التخرج لمتدربي ومتدربات وحدات التدريب التقني بالمحافظة    أمير منطقة تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    معرض تعاوني للتدريب.. يستقبل 3 آلاف طالبة وطالب خلال 3 أيام    46 مليار ريال سنويا التسهيلات المقدمة للمنشآت    وكالة الفضاء السعودية تعلن أسماء الفائزين ال10 من 8 دول عربية في مسابقة #الفضاء_مداك    غرق 10 فتيات بعد سقوط حافلة بمجرى مائي في القاهرة    أخضر الملاكمة بالمعسكر الدولي    آرني سلوت: عرض العمل مع ليفربول يستحيل تجاهله    مدير مكتب التعليم بالروضة يفتتح العيادة المدرسية بمتوسطة زهير بن أبي أمية    «جامعة نايف العربية» تطلق في تونس أعمال الملتقى العربي للحد من تهريب المهاجرين    "عطور الشرق" يفتح أبوابه للزوار في المتحف الوطني السعودي    السعودية تحقق أكبر تحسن إقليمي في قطاع السياحة منذ 2019    سبل تطلق حملة للتحذير من التصيد الإلكتروني    ريال مدريد: كروس قرر إنهاء مسيرته الكروية بعد يورو 2024    أمير المدينة يرعى ملتقى التوجيه المهني للطلاب «المسار المهني والتعليمي»    العالم حريص على توحيد الجهود الدولية لإيجاد حلولٍ شاملة لقضايا المياه    أمير منطقة مكة يلتقي مدير عام الجوازات    تاج العالمية تفتتح مكتبها في الرياض ضمن 19 موقعا عالميا    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماعاً لمتابعة خطط الحج    ولي العهد يطمئن الجميع على صحة الملك    700 ألف صك عبر البورصة العقارية    الربيعة يدعو لتأسيس "مجلس طيران إنساني عالمي"    انخفاض قياسي لتكلفة الكهرباء من الرياح بالغاط ووعد الشمال    وزير الإسكان يشهد توقيع "الوطنية للإسكان" 5 مذكرات تفاهم    النفط يتراجع والذهب في ارتفاع    إطلاق "مانجا إنترناشونال" للأسواق الدولية    أجهزة كمبيوتر من مايكروسوفت مزودة بالذكاء    نائب أمير الرياض يستقبل نائب وزير الحرس الوطني المكلف    طلاب الاحساء يحصدون 173 جائزة لوزارة الثقافة    «تبريز» تشيّع الرئيس الإيراني ومرافقيه.. الدفن «الخميس»    أكثر من 5.5 مليون عملية إلكترونية عبر «أبشر» في أبريل الماضي    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقاء الأسبوعي    حرس الحدود يحبط تهريب 295 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    استمرار هطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    موعد مباراة الهلال والطائي..والقنوات الناقلة    رسميًا.. الاتحاد يعلن رحيل رومارينهو وغروهي    الاتحاد بطلاً لهوكي الغربية    أمير الجوف يعزّي أسرة الحموان    القوات المسلحة تواصل تمرين «الأسد المتأهب 2024»    5 فوائد للمشي اليومي    القيادة تعزي في وفاة رئيس إيران ومرافقيه    أنديتنا وبرنامج الاستقطاب    أمير القصيم يكرم «براعم» القرآن الكريم    مكعّب روبيك.. الطفل العبقري    خادم الحرمين الشريفين يخضع لبرنامج علاجي    إجازة لمكافحة التعاسة    مواجهة الظلام    المسألةُ اليهوديةُ مجدداً    زلة الحبيب    وقتك من ذهب    لا عذر لخائن    تسهيل وصول أمتعة الحجاج لمقار سكنهم    8 مواجهات في الجولة قبل الأخيرة لدوري" يلو".. " الخلود والعروبة والعربي والعدالة" للمحافظة على آمال الصعود    علاقة معقدة بين ارتفاع ضغط الدم والصحة النفسية    الحامل و الركود الصفراوي    أخصائية تغذية: وصايا لتجنب التسمم الغذائي في الحج    خرج من «البحر» وهو أصغر بعشر سنوات    القيادة تعزّي دولة رئيس السلطة التنفيذية بالإنابة السيد محمد مخبر في وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النساء يفضلن السم والكيروسين . الانتحار في مصر ... بطالة وثانوية عامة وإثبات حالة
نشر في الحياة يوم 17 - 01 - 2004

العدد: متزايد. الوسيلة: سم الفئران والكيروسين والأقراص المهدئة. الأسباب: البطالة والتعليم والحب والوحدة. الهدف: الخلاص. النتيجة: الوفاة. الإسم: انتحار.
في مصر، طبقاً لاحصائية صدرت قبل أيام، "تخلص" 282 مصرياً من حياتهم في عام 2002، إضافة إلى محاولات الانتحار التي لم "تنجح".
محافظة القاهرة حققت المعدل الأعلى، إذ شهدت 86 حالة، تلتها الجيزة، ثم الاسكندرية، فالمنيا والغربية والقليوبية.
واذا كان العدد المعلن للعام المنصرم هو 282، إلا أنه على الأرجح يزيد على ذلك، إذ يشير عدد من الدراسات والاستبيانات التي أجريت في السنوات القليلة الماضية الى أن العدد يتراوح بين 750 و1200 حالة سنوياً في مصر، يقع اكثرها بين الشباب، وأن هذا العدد الى زيادة، لاستمرار المشكلات وتعقدها وتقلص قدرة الافراد على تحملها.
"ح" 22 عاماً من مدينة سوهاج في صعيد مصر، تخرجت في إحدى الكليات العلمية في جامعة الأزهر الشريف. أجبرها أهلها على الزواج من أحد أبناء عمومتها ويكبرها ب13 عاماً، ويعمل نقاشاً يطلي الجدران و... لا يعرف القراءة أو الكتابة. وبعد عشرة شهور من الزواج التعيس، اتخذت خريجة الأزهر القرار الأخير بعدما أصيبت باكتئاب علله أهلها بأنه "دلع بنات" وانتحرت "ح" قبل أن تبلغ عامها ال23.
وفي شهر ايلول سبتمبر الماضي، والمسمى بموسم دخول المدارس، انتحر أب مصري بسم الفئران ايضاً بعدما وجد نفسه أمام جبل منيع من مسؤوليات توفير ملابس وأحذية ومصروفات مدارس ابنائه، فقرر انتهاج الطريق الأسهل والأقصر، ومات. وصفحات الحوادث في الجرائد اليومية حافلة بحالات الانتحار...
شاشة التلفزيون المصري ساهمت من جهة أخرى في و"جع قلب" ملايين المصريين قبل بضع سنوات من خلال البرنامج الناجح "همسات شبابية"، إذ أجرى مقدم البرنامج المذيع اللامع ابراهيم الكرداني حواراً مع فتاة كانت أقدمت على الانتحار لأنها رسبت في امتحان اللغة الانكليزية في الثانوية العامة. والغريب أن الفتاة فكرت في الانتحار، ليس بسبب ضغوط اسرتها عليها لتحقيق نتيجة جيدة، لكن بسبب التوقعات التي وضعتها هي لنفسها.
يقول كرداني، وهو أصلاً طبيب وكانت رسالته لدرجة الدكتوراه عن الانتحار في الاسكندرية ويشغل حالياً مركزاً في مكتب شرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية، ان إناث العالم يتقدمن في عدد حالات الانتحار ومحاولاته، اذ تصل نسبة الاناث الى الذكور في الانتحار 9 الى واحد. أما في مصر فالنسبة تكاد تكون متساوية، وهو ما يفسره كرداني ب"جودة نوعية حياة المرأة المصرية على عكس ما يشاع، في الوقت الذي يعاني الشبان كمّاً أكبر من الضغوط المؤدية الى الانتحار أو محاولته لا سيما في الأعمار الواقعة بين 17 و19 عاماً. فهناك ضغوط الحياة المختلفة من الحصول على شهادة الثانوية العامة، الى القلق حول الحصول على عمل، والزواج، وقائمة طويلة من المشكلات التي تقابل أكثر شباب مصر".
ويشير كرداني الى حقيقة أخرى لا تخلو من طرافة، وهي أن نسبة كبيرة من الفتيات والنساء اللواتي يقبلن على الانتحار يستخدمن وسائل أو جرعات لا تؤدي بالضرورة الى الوفاة، لكنها تكون على حد قوله "طريقة يعلنَّ بها عن معاناتهن وحاجتهن الى من يسمعهن".
قضايا "الجندر"
ويبدو أن قضايا "الجندر" أو النوع تتسلل كذلك الى الانتحار، فالملاحظ أن نسبة ملحوظة من النساء يخترن وسيلة سكب الكيروسين على أنفسهن وإشعال ثقاب. والتفسير الوحيد لذلك هو أن الكيروسين متاح في شكل طبيعي للإناث في المطبخ، وذلك في البيوت التي تستخدم مواقد الكيروسين. فالكيروسين أسهل وأوفر منالاً من المسدسات أو الأقراص.
هوة تتعاظم في سنوات العولمة، وهي الفجوة بين التطلعات والواقع. وتكفي نصف ساعة يمضيها أي بالغ عاقل أمام التلفزيون المصري ليفهم جانباً من إحباطات الشباب والمراهقين. فالتلفزيون يقدم حياة وردية بين اليخوت البحرية والفيللات الفاخرة والسيارات الفارهة والاطعمة الشهية والمظهر اللامع، وذلك إن لم يكن في الأفلام والمسلسلات، فمن خلال الإعلانات التي تبثها مختلف القنوات ليل نهار. واذا كانت 80 في المئة من حالات الانتحار سببها الاكتئاب النفسي - كما تشير دراسات مصرية عدة - فهناك مؤشرات عدة تدل الى احتمال دخول مريض الاكتئاب مرحلة التفكير في الانتحار.
وبحسب جمعية "المصادقون الدولية" Befrienders INTERNATIONAL، فإن أبرز العلامات الشائعة التفوه بعبارات مثل "لا استطيع الاستمرار، لم يعد هناك شيء يهم"، كذلك أن يصبح الشخص مكتئباً أو منطوياً، أو يتصرف بطيش، أو يبدأ في عمل ترتيبات والتخلص من ممتلكاته الثمينة، أو يبدي تغيراً ملحوظاً في السلوك أو المظهر، أو يتعاطى المخدرات والخمر على غير عادته.
وتوضح الجمعية كذلك وجود أنماط معينة لسلوك الشخص الذي قد يفكر جدياً في إنهاء حياته مثل: البكاء والشجار ومخالفة القانون والاندفاع والتشويه الذاتي والكتابة عن الموت والسلوك المتطرف ووجود محاولة انتحار سابقة. وقد يصحب ذلك ايضاً تغيرات بدنية، مثل الافتقار الى الطاقة وتقلب أنماط النوم وفقدان الشهية وزيادة الاصابة بالأمراض الطفيفة وتغير الرغبة الجنسية وفقدان الاهتمام بالمظهر. وتلفت الجمعية الى أن "الكثيرين لا ينهون حياتهم في حال وجود شخص يمكنهم التحدث إليه، فالاصغاء ينقذهم".
ويتوقع كرداني حدوث زيادة شبه مؤكدة في نسب الانتحار، ليس فقط في مصر لكن في الدول العربية وذلك في ظل تضاؤل فرص العمل واحتدام المنافسة في كل الميادين، وتقلص دور الاسرة لا سيما الأبوين اللذين أصبحا في كثير من الأحوال خارج البيت معظم النهار لتوفير حياة كريمة للابناء. أما المعلمون في المدارس والجامعات فمشغولون بتدبير أمورهم المادية كذلك.
جانب كبير من حالات الانتحار يعود اذاً الى افتقاد أذن صاغية، والاتجاه الى التقليل من حجم المشكلات، لا سيما تلك التي يواجهها الابناء. يقول كرداني: "قد يمر المراهق أو المراهقة بفترات عصيبة نتيجة أسباب قد يرى البعض أنها تافهة، في الوقت الذي يعدها صاحب المشكلة نهاية العالم، كالتعرض للمضايقات في المدرسة، أو شعور الفتاة بأنها لا تملك صدراً جميلاً، أو الزيادة في الوزن، أو حَب الشباب على الوجه المثالي وغيرها".
فضيحة وكارثة و... تهمة
السبب الآخر هو أن فكرة "الانتحار" في حد ذاتها من التابوات المحظورات، فهي فضيحة في حال التفكير فيها، وكارثة في حال محاولتها، وتهمة في حال تنفيذها. والمشكلة في مصر هي أن المشكلات الاقتصادية والاجتماعية الى تتفاقم والهوة بين الواقع والمأمول الى اتساع، والفراغ الديني على رغم التشبث الحرفي بالقشور الخارجية للدين الى زيادة، والآذان المصغية لأسباب وجع القلوب لا سيما بين الشبان والشابات الى تضاؤل، وكل ذلك من العوامل المؤججة للانتحار.
والحقائق التي تبثها جمعية Befrienders للراغبين في الانتحار قد تكون نقطة بداية المساعدة، فالانتحار غالباً يكون حلاً دائماً لمشكلة موقتة. وأغلب من فكروا مرة في إنهاء حياتهم ولم يفلحوا سعداء بأنهم ما زالوا على قيد الحياة والخطوة الأهم هي التحدث الى شخص يسمع ما تقوله، سواء كان أحد أفراد العائلة أم صديقاً، أم طبيباً، أم غريباً، حتى من طريق الهاتف، وهي ربما تبدو طريقة غريبة لكنها في الواقع تكون أسهل على المتحدث لأنه يعلم أن الطرف الآخر لا يعرفه ولن تتاح له الفرصة ليذكره في المستقبل بنقاط الضعف التي عرفها عنه من خلال الحديث.
أرقام وحقائق
- ترتفع معدلات الانتحار بين الرجال مقارنة بالنساء، بينما ترتفع معدلات محاولات الانتحار الفاشلة عند النساء مقارنة بالرجال.
- أكثر أساليب الانتحار شيوعاً بين الرجال استخدام الاسلحة النارية والشنق والقفز من أماكن مرتفعة. بينما تفضل المرأة تناول جرعات زائدة من الاقراص المنومة والمهدئة والسموم.
- ترتفع معدلات الانتحار بين غير المتزوجين، اذ ان الزواج وانجاب الاطفال من العوامل التي تحد من الإقدام على الانتحار.
- تزيد معدلات الانتحار بين العاطلين من العمل والمنتمين الى طبقات راقية، وتزيد المعدلات بين الاطباء بمعدل ثلاثة اضعاف عن الفئات الاخرى. ويتصدر القائمة الاطباء النفسيون، ثم اطباء العيون، يليهم أطباء التخدير، كما تزيد معدلات الانتحار بين الموسيقيين واطباء الاسنان والمحامين.
- 69 في المئة من المنتحرين لجأوا الى إنهاء حياتهم للتخلص من الضغوط الاقتصادية والبطالة.
- أبرز أسباب الانتحار في مصر بالتسلسل: البطالة، الفشل الدراسي، الديون، التجارب العاطفية الفاشلة، ارتفاع نفقات الزواج، الخلافات العائلية، بطش زوج الأم أو زوجة الأب.
- هناك بين 11 و14 ألف شاب وفتاة من العرب يحاولون الانتحار سنوياً. وتتركز النسبة الأكبر في الدول الاكثر معاناة من الفقر والبطالة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.