سال دم "سيدالخدع" الاميركي الذائع الصيت ديفيد بلين، وانقلبت عليه شعوذته، في مشهد شديد الحرج جرى امام العشرات من الصحافيين الذين تجمعوا في مؤتمر صحافي مفاجىء عقد في احدى قاعات فندق "سافوي" العريق، ودعا اليه بلين، قبل ايام من مغامرته الجسورة التي سينفذها صبيحة بعد غد فوق نهر التايمز اللندني. ففي رد فعل على تحريض صحافي تحداه في تنفيذ احدى "خدعه"، اخترق ابن نيويورك وصديق مشاهير هوليوود حشد الصحافيين متجهاً نحو المصورين وطلب سكيناً حادة تستخدم في قطع الاسلاك، وليمسك بأذنه اليسرى ويجّز انشين حوالي خمسة سنتميترات من جزئها الأعلى، وسط ذهول الجميع وصرخات ألم أطلقها بلين نفسه. وبعد دقائق من الاختفاء في غرفة جانبية، محاطاً بمساعديه الذين اخذوا على حين غرّة بفعلته، عاد للجلوس امام الصحافيين الذين منعوا من معاينة ما اقتطعه الساحر الشاب من جسده! هل هي مزحة تخضبت بالدم من جراء خطأ ارتكبه أم هي إمعان في الاثارة التي يعشق هذا المليونير صعق الآخرين بها أم أن بلين قد جنّ؟ لا هذا ولا ذاك، قال القريبون منه، معتبرين أن ما جرى هو "من الهفوات النادرة التي يتورط بها". وتندر الصحافيون على الحادث الدموي وتذكروا فعلة الرسام الهولندي الشهير فنسنت فان غوغ، مع الفارق أن الاخير اتخذ قراره الصعب عن... قناعة، فيما قامت فعلة بلين البالغ من العمر الثلاثين على... حماقة. المشكلة الآن ليست أُذن بلين، فهو يملك بوليصات تأمين عدة قد تجمّل بعضاً من ندوبها، بل هي طامة اعلامية ومالية سترتد على شبكة "سكاي 1" التي يملكها القطب الاعلامي الاسترالي روبرت ميردوخ والقناة الرابعة البريطانية التجارية اللتين تعولان على اجتذاب ملايين المشاهدين عبر نقلهما الحي لعملية "دفن" بلين الذي رفض ذكر المبلغ الذي سيتقاضاه منهما في المقابل في تابوت زجاجي كبير، سيعلق بواسطة رافعة فوق جسر "تاور بريدج" الشهير، ليمضي فيه وحيداً، منقطعاً عن العالم ولا يتناول غير الماء، مدة 44يوماً! وعلى رغم انها ليست المغامرة الاولى من هذا النوع، اذ أمضى المشعوذ اسبوعاً في تابوت خاص دفن في "السنترال بارك" بمانهاتن، كما امضى 61 ساعة مدفوناً في تابوت آخر من... جليد! وفي الاسبوع الماضي صرف بلين ما يزيد على الساعة واقفاً فوق سطح احدى كابينات عجلة "عين لندن" الضخمة، في امتحان لقدراته على التوازن، فإن الكل يجمع على ان هذا الشاب الذي تعود أصوله الى والد روسي يهودي وأم من بورتوريكو، ويعتبر نفسه "أعظم رجل استعراض في كل الازمنة" تجاوز حد الاثارة، ودخل في فخ الرهان على موته. وهو ما يتوافق مع تصريحه الذي اكد فيه: "سأقوم باكثر المغامرات صعوبة في حياتي، بل الأكثر خطورة، ان الضرر الذي سيحدث لن يصلح ابداً". في التابوت الذي سيجهز بانبوبين، احدهما لتزويده بماء الشرب والآخر لتصريف مخلفاته، سيمتحن بلين قدرة جسده على تحمل الجوع، فيما سيعكف اطباء على مراقبته صحياً متوقعين أن يخسر ما يزيد على العشرين كيلوغراماً من وزنه البالغ 88، لكن همهم هو الضرر الذي يمكن أن يطال قدراته العقلية. وعن هذا الرهان يقول بلين: "اعتقد انني سأعاني عقلياً طوال اسابيع، إلا أن اليوم الاربعين سيكون كابوساً، أتوقع أنني سامضي شهراً في المستشفى كي استرد قواي". لكن، لماذا الرقم 44؟ ينفي بلين الذي رسم بورتريه الكاتب الايطالي بريمو ليفي الذي نجا من معسكرات الاعتقال النازية على ذراعه الايسر، ان تكون للرقم علاقة بحكاية معتقلي تلك المعسكرات الذين يمضون 43 يوماً من الجوع قبل اعدامهم في غرف الغاز، كما ينفي اشاعات اختياره الرقم على اساس ديني يقارب الايام الاربعين التي امضاها المسيح طريداً في البرية، ويصرّ على أنه اختاره كرمز لعيد ميلاده الذي يتوافق مع 4 نيسان ابريل اي 4/4.