اختتمت مهرجانات بعلبك الدولية دورتها لهذا العام مساء أول من امس بأمسية للانشاد الصوفي واغان من التقاليد الحلبية قدمتها "جوقة الكندي" بادارة عازف القانون الفرنسي جوليان جلال الدين فيس. احتفلت الفرقة في الأمسية التي امتدت ساعتين في معبد باخوس بثلاثة شعراء من القرن الحادي عشر هم: اسامة ابن المنقذ وابن القيسراني من سورية وابو المظفر الابيوردي من بغداد. وعاد فيس الى بعلبك مرة اخرى ولكن ببرنامج جديد مقسم الى جزأين الاول ارتجالي قام به المطرب عمر سرميني الذي غنى قصائد من القرن الحادي عشر مستعملاً تقنية صوتية قديمة غير انها ما زالت معهودة في التقليد الحلبي الموسيقي. أما الجزء الثاني من الأمسية فاستند الى الشيخ حبوش وجوقته الصوفية ودراويشه الذين نقلوا الجمهور الى الاناشيد الصوفية. وكان هذا البرنامج قدم في "مسرح المدينة" في باريس وكان له محطة في مهرجان فاس للموسيقى الدينية قبل عرضه في مهرجانات بعلبك. جمهور بعلبك استعاد الأجواء القديمة التي نقلها فيس بكل دقة، فعمل على انشاء تركيبة فنية مثالية بالنسبة اليه وهي التخت الكلاسيكي الذي كان قائماً حتى القرن الثامن عشر والى جانب العازفين الماهرين اضاف آلة الجوزة التي يتقنها الفنان العراقي محمد قمار. وفي عام 1986 اعتنق الفرنسي فيس الاسلام واخذ لنفسه اسم جلال الدين تيمناً بمؤسس زاوية الدراويش جلال الدين الرومي. وهو يعيش في قصر في مدينة حلب حيث اكتشف مواهب واصواتاً مخملية تتميز بها هذه المنطقة وجوارها. وكان تعرّف الى الموسيقى الشرقية بعد سماعه عازف العود العراقي منير بشير. وقال فيس ان تلك الليلة كانت نقطة تحول في حياته الفنية اذ قرر ترك القيثارة ونغمات الجاز التي اهتم بها منذ السبعينات من القرن الماضي ليندفع بكل طاقته الى دراسة تقنية العود والقوانين الفنية المرهفة التي تتبعها الموسيقى العربية الرفيعة. الاّ ان امكانات هذه الآلة بقيت محدودة بالنسبة اليه فانطلق ليكتشف آلة القانون. وهو منذ ذلك الوقت يجول في اقطار المشرق العربي من بيروت الى تونسوبغداد ودمشق وصولاً الى اسطنبول متتبعاً تعاليم الموسيقيين. وفي عام 1983 أسس فيس "فرقة الكندي" الموسيقية تيمناً بالفيلسوف وباحث الرياضيات والفلكي العراقي ابو يوسف الكندي مؤسس النظرية العلمية للموسيقى العربية الاسلامية في القرن التاسع. مهرجانات بعلبك التي اختتمت دورتها لهذا العام أخيراً واستمرت على مدى شهر ونصف الشهر استضافت الاوبرا الفرنسية "كارمن" اضافة الى المغني الفرنسي المخضرم جوني هاليداي والسيرك الامبراطوري الصيني وغيرها من البرامج الفنية.