في وقت تتواصل في المغرب عمليات اعتقال متورطين مشتبه في علاقتهم بأحداث الدار البيضاء، أُعلن امس عن برنامج كبير كلفته نحو بليون دولار لبناء مساكن جديدة ستُخصص لقاطني الاحياء الفقيرة في الدار البيضاء التي تقول التحقيقات ان جل المنفذين الارهابيين كانوا منها. ويستهدف البرنامج القضاء على ظاهرة "الفقر والارهاب". دشن الملك محمد السادس في الدار البيضاء اول من امس انطلاق الاشغال في بناء 64 الف وحدة سكنية جديدة بكلفة 8.2 بليون درهم لاعادة اسكان قاطني الاحياء الفقيرة والعشوائية في العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، وتحديداً في مناطق الالفة وسيدي معروف والحي الحسني وسيدي مومن - الحي الذي يضم كاريان طوما الذي يتحدر منه جل الانتحاريين ال 14 الذين نفذوا هجمات الدار البيضاء التي خلفت 43 قتيلاً منهم 9 اجانب. وقالت مصادر في وزارة الاسكان ل "الحياة" ان مشاريع اخرى سيتم تدشينها في عدد من المدن المغربية للتغلب على النقص الحاصل في المباني والعقارات المقدر بنحو 780 الف وحدة سكنية. واشارت المصادر الى ان المغرب سيُنفق نحو ثلاثة بلايين دولار بشراكة بين الدولة والقطاع الخاص والسكان المستفيدين لبناء 100 الف وحدة سكنية جديدة سنوياً على امتداد العقد الجاري. وتعتقد وزارة الاسكان ان مضاعفة وتيرة البناء من شأنها التغلب على النقص الحاصل في العقارات وتمكين الفئات الاقل دخلاً من تملك مساكن جديدة تستجيب لشروط العمران والتمدن. واعلنت الحكومة انفاق نحو 500 مليون دولار لزيادة اجور عدد من فئات صغار الموظفين والعمال لتمكينهم من تمويل مشاريع سكنية خاصة بفائدة مصرفية ضعيفة تمتد الى 25 سنة. وتُقدر نسبة الدور العشوائية وغير الصالحة للسكن بنحو 13 في المئة من مجموع المباني في المغرب كانت اقيمت بطرق غير قانونية طيلة العقدين الماضيين ارتباطا بنزوح سكان الارياف الى المدن في فترات الجفاف وكانت من الاسباب المباشرة لارتفاع اعداد السكان في المدن حيث تضاعف النمو الديموغرافي في الدار البيضاء 250 في المئة في فترة زمنية قصيرة نسبياً ما زاد الضغط على مرافق المدينة واوجد احياء فقيرة الى جوار احياء راقية في مدينة يتجاوز عدد سكانها 6 ملايين نسمة. "الفقر والارهاب" وعلى رغم ان المغرب لا يربط بين "الفقر والارهاب" الا ان وزير العدل محمد بوزوبع اكد امام البرلمان اول من امس لمناسبة التصديق على قانون مكافحة الارهاب ان جهات لم يسمها مولت عمليات ارهابية في الدار البيضاء باستغلال فقر وجهل بعض الشبان الذين يعيشون ظروفاً اقتصادية صعبة وليست لديهم مؤهلات تعليمية كافية. وقال الوزير المغربي انه سيفاجئ الجميع عندما سيتم الاعلان في وقت لاحق عن نتائج التحقيق وارتباط بعض الاطراف المالية بتمويل الارهاب في بلاده. وسيتم اخضاع التحويلات المالية من الخارج الى مراقبة صارمة مطلع الاسبوع المقبل عملاً ببنود قانون مكافحة الارهاب. وتتهم السلطات المغربية جهات خارجية بارسال الاموال عبر طرق غير قانونية لتمويل انشطة ارهابية تحت غطاء الدين. وقالت الجهات المغربية ان خيوط التحقيقات تقود الى تنظيمات متطرفة في الخارج دول اوروبية وعربية كانت تقوم باختراق بعض الاحياء الهامشية ودفع اموال الى نشطاء محليين يقومون بدورهم باستقطاب شبان فقراء غير متعلمين يمتهنون حرفاً هامشية. وتقضي الخطة المغربية لاستئصال الارهاب بالقضاء على تلك الاحياء الهامشية حول المدن الكبرى وبناء احياء جديدة محلها تضم تجهيزات اساسية ومرافق تربوية وثقافية ورياضية لتأطير الشبان المهددين بأنواع من الانحراف بما فيه التطرف الديني. تحذيرات البنك الدولي وكان البنك الدولي حذر الحكومات في المغرب من تنامي الفقر في العقد الماضي من 13 الى 20 في المئة من مجموع السكان ما يُعرقل خطط التنمية ويقلص فرص استفادة المغرب من عولمة الاقتصاد والتجارة بعدما بات حوالى 5.9 مليون شخص مصنفين ضمن دائرة خط الفقر جلهم يقيم في احياء هامشية حول المدن الكبرى كان السياسيون يستغلونها لحصد اصوات الناخبين والوصول الى البرلمان قبل ان يدخلها الارهاب الدولي لاستقطاب شبان فقراء لاغراض اجرامية تحت غطاء الدين. من جهة اخرى نفت وزارة المال المغربية ما اوردته وكالة رويترز من تأثير احداث الدار البيضاء في الاقتصاد المغربي واحتمال تراجع النمو الى النصف. وجاء في بيان لوزارة المال والتخصيص امس "ان النمو المرتقب سنة 2003 سيحافظ على توقعاته الاولية المعلنة بنسبة 5,5 في المئة من اجمالي الناتج المحلي". وأضاف البيان "ان تأثير هجمات الدار البيضاء في قطاع السياحة ضئيل وغير مؤثر في مجموع اجمالي الناتج وسيتم تعويض اية خسائر في عائدات قطاع السياحة عبر فائض القيمة المضافة التي سيُساهم فيها القطاع الزراعي 19 في المئة حيث حقق المغرب موسماً جيداً زاد فيه الانتاج على 80 مليون قنطار من الحبوب الرئيسية وهو ما يعني زيادة في اجمالي الناتج توازي 1,6 في المئة او نحو ثلاثة بلايين دولار.