يأخذ جمهور يوفنتوس على النجم الفرنسي زين الدين زيدان الكثير، لا سيما انه غادر تورينو منذ نحو عامين في "الخفاء"... في نهاية موسم 2001 قال لعشاقه ومعجبيه: "الى اللقاء"، وذهب لقضاء عطلة طويلة في تاهيتي، ومن هناك "فاحت" اخبار صفقة انتقاله الى ريال مدريد، فلم يكلّف نفسه عناء العودة "حتى لأخذ اغراضه...". لكن منذ اربعة ايام عاد "زيزو" الى المدينة الإيطالية التي احتضنته ووسعت آفاق شهرته، جاء ليخوض اياب نصف نهائي دوري ابطال اوروبا امام "السيدة العجوز"، لكن استقباله كان بارداً. لقد ضم الفريق التوريني خلال تاريخه ثلاثة فرنسيين كبار. فقبل زيدان، لعب له الملهم ميشال بلاتيني وصنع امجاده تحت ألوانه، ثم القائد ديدييه ديشان. واللافت ان كلاً من الثلاثة صمد في صفوفه خمسة مواسم. ويصف مناصرو "اليوفي" ان "زيزو" غادر مدينتهم "هارباً كاللصوص". وقلل بعض اداريي الفريق من كفاياته، غير ان المدرب مارتشيللو ليبي والمهاجم الفرنسي دافيد تريزيغيه تمنيا على الجمهور المتحمس والمتعصب عدم مهاجمة "هذا اللاعب الفذ، لقد كان المحور في مباراة الذهاب في مدريد وتفوّق على الجميع، انه داهية"... وفي الإياب سجل هدف ريال مدريد الوحيد، ولو ان زميله البرتغالي لويس فيغو نجح في تسديد ركلة الجزاء في الشباك، لكان "الملوك الإسبان" هم المتأهلين الى النهائي. الجمهور الإيطالي "سكت" على مضض، وهواة الإحصاءات والسجلات البيانية يستندون في مهاجمتهم زيدان الى ان وجوده في "اليوفي" صادف في مواسم عجاف، فلم يحقق للفريق اي تتويج يستحق الذكر، بعكس النجم أليساندرو ديل بييرو. كان زيدان يتألق على ساحتي المونديال وكأس الأمم الأوروبية، ويخطف الكرة الذهبية، ويتعثر مع يوفنتوس. هذه "النقمة العارمة" من الإخفاق لم تجعل إدارة النادي ترحب بمغادرة زيدان لو كان راضياً بالبقاء، والإخراج الرسمي للصفقة أفاد انه يريد الرحيل مهما كان الثمن، وفلسفة النادي تؤكد ان اي لاعب مهما علا شأنه لن يعرقل المسيرة، والنجم الفرنسي واحد من هؤلاء، غير ان الصحافي المقرّب من "السيدة العجوز" جيانبييرو موغيني يكشف ان عرض ريال البالغة قيمته 75 مليون يورو أسال لعاب الجميع "وإدارة اليوفي كانت مستعدة لكل شيء، واعدت التبريرات للدفاع عن اي خطوة تتخذها". ووظّفت المبلغ الخيالي للتعاقد مع الحارس العملاق جانلويجي بوفون والفرنسي ليليان تورام والتشيخي بافل ندفيد. وهم أسهموا في إحراز لقبين للدوري المحلي "صحيح ان الفريق فقد شيئاً من بريقه، لكن لا غبار على فاعليته الميدانية، ولو بقي زيزو في صفوفنا فإن الحاجة كانت ماسة الى عناصر امثال بوفون وتورام وندفيد". ما تقدم يظهر ان "مؤسسة" يوفنتوس لم تكن نادمة على التفريط بزيدان "لا نجبر لاعباً على البقاء إذا كان لا يحب ذلك"، وهناك اخبار كثيرة عن عدم تأقلم زوجته مع الحياة في تورينو... غير ان كريستيانو بيلليني احد المقربين من اللاعب الفرنسي يؤكد انه حين ابلغه بتوافق إدارتي الناديين على الصفقة "بدا حزيناً بعض الشيء، وآلمه الانتقال بهذه الطريقة، كان متعلقاً بأجواء النادي وزملائه مونتيرو ودافيدز ويوليانو، وبأصدقائه طبعاً...". وفي مقابل الانطباعات السلبية التي يصر بعض "الغيارى" على تعميمها حول النجم الفرنسي، يدلي مقربون ولاعبون بشهادات تدحض ذلك، وتقلب مجرى الأمور 180 درجة مئوية، منهم سائق سيارة الأجرة كريستيانو الذي اعتاد نقله ومواطنه ديشان في رحلات قصيرة "وشيئاً فشيئاً اصبحنا اصدقاء. إنه وفي جداً"... وروبرتو فالفو الطباخ في مطعم انجينيلو الشهير "اعتدت يومياً رؤيته، كان يأتي لتناول الغداء، توطدت صداقتنا، وحين انتقل الى ريال بقينا على اتصال، زرته مرات عدة وهو يتكفّل بنفقات السفر، نتحادث عبر الهاتف مرة على الأقل في الأسبوع، نتناول شؤوناً كثيرة ونتطرق قليلاً الى اخبار كرة القدم". واضاف "هناك كثر سروا بحضوره الى تورينو من جديد، وسبق ان كشف لي انه سيأتي قريباً مرة اخرى ليلتقي اصدقاءه. لقد اهدانا في المطعم صوراً كثيرة وقميص المنتخب الفرنسي التي ارتداها يوم الفوز على ايطاليا 2-1 في نهائي كأس اوروبا الأخيرة، ونحن وضعناها مع حذائه في صدر الصالة، كان عملاقاً في صفوف يوفنتوس، ويعود الفضل لهذا الفريق في تنمية مهاراته، وهو لم يكن يوماً ناكراً للجميل". والشوق لرؤية زيدان من جديد، لم تكن يوماً مقتصرة على الأصدقاء والمحبين فقط، هناك زملاء سابقون انتظروا هذه الفرصة، منهم جيانلوكا بيسوتو الذي انتقل للإقامة في منزله بعد مغادرته الى مدريد "يوم رحيله حزنا كثيراً، كنا جيراناً وأولادنا يلعبون سوياً"... وهناك ايضاً الأوروغواياني أنزو فرانشيسكولي الذي يرى فيه شخصية استثنائية، اما ندفيد فيرفض ان يقارن به "اتعجب كيف يتجرأ البعض على ذلك، انه من عالم آخر"!!