6 % نمو إنفاق الميزانية السعودية بالربع الثالث ويتجاوز التريليون ريال في 9 أشهر    رونالدو يترك حلم اللعب مع نجله في النصر إلى قرار اللاعب    "إثراء" يطلق معرض "صدى المألوف" لاستحضار الذاكرة والحنين للماضي بعدسة الفن المعاصر    90 طالبًا وطالبة من "الجمعيّة الأولى " يتدرّبون على الموسيقى في المركز السعودي بجدة    تدشين النظام الوطني لقياس نضوج وجاهزية الصحة الرقمية    أمير تبوك يستقبل عضو مجلس الشورى الدكتور عطية العطوي    جامعة أمِّ القرى تستعرض تجربتها في ملتقى التَّميُّز المؤسَّسي في التَّعليم الجامعي    مباريات ربع نهائي كأس الملك    جامعة أمِّ القُرى تنظِّم منتدى المجلس الاستشاري الدولي تحت شعار: "رؤى عالميَّة لمستقبل رائد"    الهلال يُعلن عن طائرة للنادي    إطلاق اسم الأمير خالد الفيصل على مركز الأبحاث ومبنى كلية القانون بجامعة الفيصل    أمير منطقة جازان يستقبل الرئيس التنفيذي لشركة المياه الوطنية    سادس جولات دوري يلو.. العلا يعزز الصدارة.. أبها وصيفًا.. و"مؤجلتان"    مفتي عام المملكة يستقبل أعضاء هيئة كبار العلماء    تجمع المدينة يطلق أول مختبر للرعاية الأولية في المملكة    لندن تحتضن معرضا مصورا للأميرة البريطانية أليس خلال زيارتها للسعودية عام 1938    رئيس جمهورية غينيا الاستوائية يغادر الرياض وفي مقدمة مودعيه نائب أمير المنطقة    دراسة: نقص الأوكسجين يعطل جهاز المناعة ويزيد مخاطر العدوى    حسين بن عايض آل حمد في ذمة الله    سد وادي بيش.. معلم مائي واستراتيجي في جازان    النفط يتراجع برغم خفض الرسوم الجمركية الأمريكية على الصين    الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة ينمو بمعدل 5.0%    وزير "الشؤون الإسلامية" يُدشِّن مشاريع بأكثر من 74 مليون بمنطقة الباحة    فيرتكس ووزارة الصحة السعودية توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز رعاية مرضى اضطرابات الدم    منافسات بطولة العالم للإطفاء والإنقاذ تتواصل في الرياض    مختص: «السماك» يزين سماء السعودية ل13 يوماً    «شرطي» يقتل زوجته السابقة وينتحر    أمريكا تؤكد تمسكها بوقف النار    دور قيادي للمملكة في دعم سوريا وتعافي اقتصادها    تقنية VAR تتدخل في البطاقات الصفراء الخاطئة    الثقافة تقبل 10 باحثين ضمن منحة الحرف    راشد الماجد يطلق أغنيته الجديدة «من عرفتك»    «كاف» يعلن مواعيد وملاعب الملحق الإفريقي المؤهل للمونديال    أكد الدور الاقتصادي للشركات العائلية.. وزير الاستثمار: 3 تريليونات دولار قيمة سوق المال السعودي    وسط تصعيد عسكري وتحذيرات من الرد على أي خرق.. إسرائيل تعلن استئناف وقف النار في غزة    أفراح الصعيدي وبالعمش    كسوف كلي يظلم العالم عام 2027    "الخدمات الطبية" بوزارة الداخلية تستعرض تجربة صحية متكاملة لخدمة ضيوف الرحمن في موسم الحج    المملكة وباكستان.. شراكة وتحالف استراتيجي    المرافق العامة مرآة الوعي    التعليم بين الاستفادة والنمذجة    مطالبات بتشديد رقابة مقاصف المدارس    مختصون يطالبون بتطبيق التجربة الصينية    العطاء فطرة سعودية    مركز التميّز للعيون.. نموذج وطني متكامل    استعراض منهجية «الإخبارية» أمام فيصل بن بندر    إنزال الناس منازلهم    برعاية وزير الثقافة.. "روائع الأوركسترا السعودية" تعود إلى الرياض    تدشين موقع الأمير تركي الفيصل.. منصة توثيق ومساحة تواصل    أمير تبوك يستقبل مدير الأحوال المدنية    أمير جازان يطلع على سير العمل في المحاكم والدوائر العدلية    دارفور تتحول إلى مركز نفوذ جديد وسط تصاعد الانقسامات في السودان    إسرائيل تعلن استئناف وقف النار وحماس تتهم واشنطن بالانحياز    أمير منطقة جازان يستقبل مواطنًا لتنازله عن قاتل والده لوجه الله تعالى    هيئة الأمر بالمعروف بجازان تفعّل معرض "ولاء" التوعوي بمركز شرطة شمال جازان    "رهاني على شعبي" إجابة للشرع يتفاعل معها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان    ولادة توأم من بويضات متجمدة    أمير منطقة تبوك يستقبل مدير شرطة المنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المثقف العربي بين اهمال سعد الدين ابراهيم والاحتشاد من أجل صدام حسين
نشر في الحياة يوم 02 - 04 - 2003

تزامن الإفراج عن سعد الدين ابراهيم في السابع عشر من آذار مارس الجاري مع الحرب لإسقاط صدام حسين ونظامه وزمرته وهي مصادفة ساخرة.
تزامنت قضية فرد واحد مع حرب على نظام كامل اشتهر بعدائه لكل ما هو مختلف عنه : سياسياً واثنياً وعقائدياً. لكن التشابه ساخر ومرير في حال معظم المثقفين العرب تجاه القضيتين: قضية ابراهيم وقضية الحرب، انه التشابه بين حالين عربيتين: حال تفضل غض الطرف عن الانتهاكات اليومية لحقوق الإنسان العربي في مقابل رفع شعار اولويات المعركة الآنية هي التصدي للتدخل الخارجي أياً كانت اسبابه ودوافعه. والحال الثانية ترفض الفصل المتعسف عند بعض القلة من المثقفين العرب، وتعتبر غياب الديموقراطية في بلادنا بسبب تربية سياسية ازدهرت ابان صعود احزاب شمولية يسارية ماركسية في الأغلب وقومية متعصبة في الخمسينات والستينات، ثم انهيارها المصاحب للهزائم الصاخبة التي منيت بها هاته المجموعات. هزائم على المستوى الأيديولوجي وعلى المستوى الوطني وعلى المستوى القومي.
إن دور المثقف العربي في تمكين انياب الديكتاتورية المحلية التي تنهشه هو اول ما تنهش، دور مأسوي يفوق في كلبيته ما كان يقوم به امراء الطوائف إبان الغزو الغربي للشرق والذي وضع الصليب فوق اسلحته. كان أمراء الطوائف يتحالفون مع الغازي ضد بعضهم البعض من أجل فتات تافه في الثروة والسلطة.
الأزمة التي واجهها معظم المثقفين العرب في محك صدقيتهم امام قضية ابراهيم، وانهيار هذه الصدقية، وهرولتهم لترديد خطاب الاتهام السلطوي، هو الوجه المصغّر لأزمتهم الكبرى الحالية في ترددهم من اتخاذ موقف واضح في خندق الديموقراطية حتى تلك التي تأتي بها الجيوش الغازية! ضد قتلتهم وجلادي شعوبهم.
ألا يذكرنا هذا بموقف قديم بعض الشيء، حينما قدم نابليون لغزو الشرق الذي كانت تحكمه عصابات من القتلة من مماليك وأغوات وخصيان؟!
كان الاهالي في مصر يرفضون - ويقاومون - غازياً مختلفاً عنهم في الدين لا يريدون استبداله في الوقت ذاته بحكم عصابات القتلة، بدعوى ان هؤلاء يمثلون "الخليفة" التركي في الآستانة وبالتالي لهم الحق "الإلهي" في الحكم.
وحينما ننظر الآن بتجرد موضوعي إلى ذلك العصر، نكتشف ان الغازي القادم من البحر حمل معه بعض ادوات التنوير من علوم وطباعة ليلقي بواسطتها - وبالرغم منه - بذرة النهضة القومية الأولى. ألا يدهشنا - مرة أخرى - ان علماء الأزهر، وقادة المقاومة مثل عمر مكرم، حينما اكتشفوا "فراغ السلطة" بعد رحيل الجيش الفرنسي الغازي طلبوا من محمد علي، الضابط الصغير في الجيش التركي "ان يواصل حكم مصر، باسم الآستانة وأن يتسلم بالنيابة عنها حكم البلاد مجدداً؟!
إن الدعوى التي يرفعها الكثير من المثقفين العرب بأن تغيير الحكم في البلاد العربية هو شأن داخلي شعبي، دعوى مردود عليها. فببساطة لا تستطيع هذه الشعوب - الآن - ان تغير شيئاً، لأنها ببساطة لم تأت بأمثال صدام حسين إلى الحكم. فهو وأمثاله حينما اختطفوا الحكم والبلاد والثروة، قاموا بقتل وخنق كل صوت للمعارضة مهما كانت درجة خفوته. وهكذا مع استحالة التغيير داخلياً، لماذا نرفض التغيير الذي يأتي من الخارج؟
ألا يثير الحزن فينا ان نشاهد ونسمع الأكاذيب أن "الشعب العراقي" يقاوم الغزو ولا يريد عن صدام بديلاً وأن يهتف "بالروح بالدم نفديك يا صدام"؟!
صدام الذي ساق الشعب العراقي إلى حرب مع ايران ثم إلى حرب في الكويت، فقد فيها الملايين. من نصدق، ادعاءات التلفزيون والعصابة العراقية أم منطق بسيط وطبيعي وعادل، منطق ما حدث في الجنوب العراقي حينما هبت الجماهير تريد التغيير وقصفتها طائرات صدام بالتواطؤ مع القوات الأميركية؟
وأي فرق جوهري بين هبة الجنوب آنذاك مستغلاً فرصة انهيار الآلة العسكرية العراقية، والانهيار المحتم للآلة العسكرية العراقية - الآن - نتيجة للهجوم الساحق لقوات التحالف؟
سيقول المتسفسطون أن قوات الغزو تريد النفط، ونقول لهم: ألم يكن النفط رهينة عند صدام حسين وأولاده وأزلامه؟ ونزيد ونقول لهم: اليس صدام هو الذي فتح الطريق "للغازي" منذ ارتكابه جريمة غزو الكويت، وهيأ للغازي موطئ قدم في الأرض العربية؟
مع السقوط المؤكد لحكّام مثل صدام حسين، سيسقط معهم "مثقفوهم" الذين ساهموا في وأد الديموقراطية، وشاركوا في قتل رفاقهم المختلفين معهم.
هذا ما يعلمنا التاريخ!
* كاتب مصري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.