تركز الجمعيات البيئية في لبنان وفي طرابلس خصوصاً على أهمية جزر طرابلس الشمال بما تحويه من أنواع حيوانية ونباتية نادرة في حوض البحر المتوسط كلاب بحر، فقمة، سلاحف، نورس، نبات الشرنب... ومن معالم أثرية فيها كنيسة ومغارة فرنسية تعمل على الطاقة الشمسية وينابيع مياه حلوة في قعر البحر. وقد قصفتها اسرائىل بمئات صواريخ الطائرات والقنابل خلال اجتياح 1982 وقام الجيش اللبناني بتفكيك 272 منها تمهيداً لجعلها منطقة سياحية - بيئية. القبض على الأرانب! يقع قاصد شمال لبنان وتحديداً طرابلس الفيحاء على الكثير من المعالم الطبيعية والتراثية المهمة التي لا تلقى الاهتمام الرسمي الكافي. ومن بين المعالم محمية "جزر النخيل" التي تبعد عن شاطئ طرابلس - الميناء 7 أميال بحرية، وتقع تحديداً بين خطي العرض 29-34 و30-34 شمالاً وخطي طول 44-35 و47-35 شرقاً وتبلغ مساحتها السطحية نحو 5 كلم2 4،1-8،1 ميل بحري بما فيها المياه المشمولة بالحماية. ومنذ اعلان المحمية بالقانون رقم 121 تاريخ 9/3/1992 تضافرت جهود وزارة البيئة ومشروع الأممالمتحدة للتنمية والدور الفاعل للهيئات المحلية بهدف الحفاظ على ثروتها البيئية والتنوع البيولوجي على سطحها، إضافة الى استثمارها سياحياً لما فيها من معالم جمالية أخّاذة. مساحتها 30 هكتاراً، مسطحة من دون تضاريس بارزة، ومتوسطها ترابي بين شاطئ صخري يمتد من الشمال الغربي الى الجنوب. اعلى نقطة فيها ترتفع 6 امتار عن سطح البحر، وقد سميت هذه الجزيرة "الأرانب" لتميزها بوجود الارانب البرية عليها، وهي تتكاثر بسرعة ما ادى الى اختلال التوازن البيولوجي الامر الذي حدا بالمسؤولين عن المحمية الى مطاردتها والقبض عليها وترحيلها!؟ وبلغ عدد المرحّل منها 3200 أرنب تقريباً... اما سبب وجود هذا العدد الكبير من الارانب فيعود بحسب المراجع التاريخية الى ان سفينة هولندية ألقت عدداً كبيراً من الارانب عليها فتكاثرت! والأرجح ان سبب تسميتها يعزى الى ان القنصل الفرنسي في طرابلس مع بداية القرن الحالي والذي كان يهوى اصطياد الارانب وضع عليها عدداً من الارانب البرية وذلك لممارسة هوايته المحببة؟! كنيسة رومانية... وأخدود صخري على سطح الجزيرة بئر عمقها 30 متراً ومنها تتم عملية سحب المياه الحلوة لري النخيل. وكانت الجزيرة مغطاة بهذا النوع من الشجر وأطلق عليها اسم جزيرة النخيل ايضاً، والبئر المذكورة تابعة لكنيسة رومانية شيّدت سنة 1224 لعقد قران امير من اليونان على اميرة من انطاكيا، وما زالت ظاهرة حتى الآن اطلال هذه الكنيسة، على شكل عمود وجدار اثري عليه كتابات بشكل "أسلاك حديد" وشمال اطلال الكنيسة هناك اخدود صخري تتخلله بعض الأجران، وهذا الأخدود كان يجر المياه الحلوة من البئر لري المزروعات والنخيل وأمسى اليوم مهجعاً للحيوانات والطيور تغب منه مياه الأمطار التي تتجمع فيه. ولحظ مشروع تأهيل المحمية اعادة تأهيل البئر والأخدود فأقيم خزان مرتفع لسحب المياه من البئر وتوزيعها بواسطة انابيب على جذع كل شجرة، وكذلك اقيمت بركة للمياه العذبة تشرب منها الطيور. والجدير ذكره ايضاً ان هنالك مشروعاً طويل الأمد لسحب مياه البئر الحلوة والغزيرة الى مدينة طرابلس العطشى الى الماء. على الجهة الغربية نلحظ وجود اطلال لملاحات قديمة، وتلفت النظر نوعية التربة المميزة، فهي قريبة من شكل "الخميرة" لأنها مكونة من تحطم الأصداف وتكسّرها. والمثير هنا ان هذه التربة يمكن ان تتحول الى شبيهة بالرمال المتحركة إذا ما توافر لها عمق كاف! قنابل اسرائيلية... وأقفاص نفايات! عندما افتتحت محمية جزر النخيل في الصيف لمدة شهرين قامت فرق الهندسة في الجيش اللبناني بعمليات مسح للقنابل على سطحها ومعظمها خلفته الاعتداءات الإسرائيلية وقصف طائراتها ما استدعى اقامة ممرات خاصة يمر عبرها من يقصد الجزيرة برفقة الأدلاء من مكتب المحمية. والجدير ذكره ان جسراً ناطونياً لرسو السفن أنشئ فيها. ومن "الأرانب" الى "السنني" التي تقع على مسافة 500 متر جنوب شرقي جزيرة النخيل. مساحتها 4 هكتارات، وأرضها صخرية وشاطئها يشبه شواطئ الأولى، وقد سميت بالسنني لأن طيور النورس البيض تقف على شاطئها الرملي فتبدو من بعيد في شكل اسنان. وعموماً فإن اهميتها البيولوجية اقل من اهمية "الأرانب" لكن هنالك 24 نوعاً من الطيور تعشش فيها والكثير منها نادر. منارة فرنسية ومرابض مدفعية ما يشد الانتباه في الطريق الى جزيرة "رمكين" او ما يسميها الطرابلسيون "الفنار" وجود بناء ضخم على اعلى تلة فيها... وهذا البناء كان منارة فرنسية ابان الانتداب الفرنسي لإرشاد السفن، وقد لحظ المشروع اعادة تأهيلها فقامت وزارة النقل بتشغيلها بالتنسيق مع لجنة المحمية، امست تعمل على الطاقة الشمسية، والجدير ذكره ان عائلتين من آل صيداوي والمصري كانتا تتناوبان على ادارتها ايام الفرنسيين. خصصت إدارة المحمية مراكب خاص للمراقبة والاستكشاف إذ يمنع الصيد في منطقة المحمية، ويصار الى جمع عينات يومياً لإجراء الأبحاث اللازمة بإشراف اختصاصيين. وتفيد التقارير العلمية ان الشواطئ الرملية في الجزر الثلاث تشكل مركزاً لتفقيس نوعين من السلاحف البحرية النادرة والمهددة بالانقراض على مستوى المتوسط "لجاة البحر" و"السلحفاة الخضراء" وقد اشترك لبنان في مؤتمر علمي لدراسة حياتهما.