غداة دفاع منظمة اليونسكو عن حرية التعبير في مؤتمر القمة الدولي الذي عقد في جنيف وعنوانه "مجتمع المعلومات"، مثُل المفكر اللبناني ادونيس العكرة صاحب الكتاب الممنوع والمصادر "عندما صار اسمي 16" مع الناشر بشير الداعوق دار الطليعة امام محكمة المطبوعات، الا ان الجلسة ارجئت الى 11 آذار مارس 2004. على ان العكرة سيمثُل اليوم ايضاً امام المحكمة في قضية "السابع من آب" التاريخ الذي اصبح عنواناً للحريات المقموعة في لبنان. وأصدر العكرة في المناسبة بياناً ثقافياً يعرض فيه تطور قضية منع كتابه. ومما جاء في البيان: "في هذه المناسبة، اعتبر ان مثول الكتاب "عندما صار اسمي 16" امام المحكمة بعد عشرة اشهر من اعتقاله، يعبّر عن زمن من الازمنة الرديئة التي مر بها تاريخ الثقافة والفكر الحر في لبنان، وفي العالم العربي. ان عقل السلطة التي قيدت الكتاب بالأصفاد هو بذاته الذي قال عنه الشاعر والمفكر السوري ادونيس انه يحكم بيروت ويقصد لبنان "كأنها مدينة من القش تشتعل بمجرد ان تلامسها شرارة الكلمة... انه يحكم مدينة ميتة، وبشراً موتى، وهو نفسه ليس الا قناعاً من اقنعة الموت". وهذا العقل نفسه اقفل ابواب الجامعة اللبنانية، ورمى بأساتذتها على الطرق، وأوصد على ستة وسبعين ألف طالب داخل بيوتهم. ان عقل السلطة هذا، هو الذي مثل امام القضاء، مقنعاً بكتابي. في الدول الديموقراطية، دول الحق والمؤسسات، هناك فصل قاطع بين عقل الحاكم وعقل القاضي، بين السياسي والقضائي، وفي دستورنا نص ما زال يقول منذ الاستقلال: لبنان دولة ديموقراطية. ولكنني اتساءل: في اية ديموقراطية يؤدي مجرد الاتهام الى سجن المتهم عشرة اشهر من دون ان يتبين بعد افق حريته؟ بعد ان صودر الكتاب في الحادي عشر من شباط فبراير 2003، كنت انتظر المثول امام القضاء لدقائق معدودات ويتم الافراج عنه. اما اليوم، وبعد ان مرت عشرة اشهر وهو لا يزال سجيناً في بلده، وبعد ان اصبح جاهزاً للطبع بلغات حضارية اجنبية، فإنني استعيد ايضاً قول ادونيس - شريكي في الاسم، وانا شريكه في الفكر بأمور كثيرة - في محاضرته عن "بيروت اليوم": "ان انعدام حرية التعبير في المجتمع ليس مجرد دليل على افتقاره الى الحد الادنى من الانسانية، وانما هو الى ذلك دليل على شيخوخة الفكر، وشيخوخة اللغة، وشيخوخة الانسان". اذا كان قدر كتابي هنا هو السجن، فإن الحرية هناك هي قضاؤه".