أحيت روسيا أمس، ذكرى انتصار ثورة اكتوبر الشيوعية. وشارك عشرات الآلاف في اعتصامات جابت شوارع موسكو والمدن الروسية الكبرى، وسط تضارب آراء غالبية الاحزاب السياسية عن تقويم المناسبة، وتوحدها في معارضة سياسة الكرملين. وتميزت احتفالات هذا العام في ذكرى انتصار البلاشفة عام 1917، بتحضيرات واسعة شاركت فيها مختلف التيارات والقوى السياسية في روسيا، بسبب تزامن المناسبة مع انطلاق حملة الدعاية للانتخابات البرلمانية المقررة في السابع من الشهر المقبل. وكان الاحتفال ب"عيد ثورة اكتوبر" الغي رسمياً خلال عهد الرئيس السابق بوريس يلتسن. وحملت المناسبة منذ أواسط التسعينات اسم "يوم المصالحة والوفاق". وأثارت غرابة التسمية مشاعر متضاربة عند غالبية الروس. وفي وقت يواصل اكثر من نصفهم الاحتفال بالعيد "السوفياتي" فإن انصار الاحزاب اليمينية والليبرالية يتخذون من المناسبة منبراً لتأكيد معارضتهم العودة الى الحكم الشيوعي. حنين الى الماضي ونزل عشرات الآلاف الى الشوارع في معظم المدن الروسية والجمهوريات السوفياتية السابقة امس. وشهدت موسكو اكبر التجمعات. وحمل أنصار الاحزاب اليسارية أعلاماً حمراً وصور مؤسس الدولة السوفياتية فلاديمير لينين. ولفت مراقبون روس الى اتساع حجم القطاعات في صفوف الروس التي تدعو الى اعادة الاعتبار الى الرموز الشيوعية. ويعزو كثر حنين الروس الى العهد السوفياتي الى سوء الأحوال المعيشية والفساد المالي والاداري في روسيا. واللافت ان استطلاعاً للرأي أجراه مركز دراسات الرأي العام ونشرت نتائجه امس أظهر ان نحو 70 في المئة من الروس لا يعارضون اقامة نظام مماثل للحكم السوفياتي السابق، فيما أعرب نحو 40 في المئة منهم عن الحماسة لتأييد "ثورة اشتراكية جديدة" في روسيا. ورداً على سؤال عن موقف الروس في حال تكرار سيناريو الثورة البلشفية حالياً، قال أقل من عشرة في المئة من المشاركين في الاستطلاع انهم سيحاربونها. وتشير هذه النتائج الى تبدل كبير في اتجاهات الرأي العام الروسي خلال العشر سنوات الاخيرة. وكان أقل من ربع الروس يبدون حماسة لعودة نظام شيوعي في منتصف التسعينات. وفي الاطار نفسه، خرجت تظاهرات حاشدة في عدد من الجمهوريات السوفياتية السابقة. وشهدت اوكرانيا التي تعاني ظروفاً اقتصادية قاسية أوسع التحركات احتفالاً بالمناسبة، وفي قيرغيزيا أعادت الحكومة رسمياً الاعتبار الى مؤسس الاتحاد السوفياتي ف. لينين في خطوة تعد الأولى من نوعها في الجمهوريات السوفياتية السابقة. وشارك رئيس الوزراء نيكولاي تاناييف في ازاحة الستار عن تمثال أقيم للينين في ساحة مقابلة للبرلمان القيرغيزي، وأعلن تاناييف انها ستحمل منذ اليوم اسم "ساحة لينين". وأكد ان "التقدم في المنطقة ارتبط باسم الزعيم السوفياتي". وقال ان "كل شعوب آسيا الوسطى ستظل مدينة له". الى ذلك، ألقت الاوضاع السياسية الحالية في روسيا بظلالها على المناسبة، وعلى رغم الخلاف بين التيارات اليسارية واليمينية في تقويم دور "ثورة اكتوبر" التاريخي، فإن شعارات الطرفين توحدت امس في معارضة سياسة الكرملين الحالية وخصوصاً في ما يتعلق بالتطورات الاخيرة بخصوص ملف مجموعة "يوكوس" والتغييرات الادارية في الديوان الرئاسي. ويجمع معظم الاحزاب السياسية في روسيا على ان الرئىس فلاديمير بوتين يسير نحو تضييق الخناق على الحريات وفرض سلطة مباشرة ويسعى الى ضمان حصول حزب "الوحدة" الموالي للكرملين على نصيب الأسد من مقاعد البرلمان الروسي المقبل.