نفضت الصحارى العمانية عن رمالها حرارة اعتادتها في صيف كل عام، وجلست بانتظار عشاقها في ليال مقمرة عرفتها وتعرفها على امتداد الأشهر الفاصلة بين موسمي الصيف في عمان. فالشتاء دافئ ويغري بالسهر. ومن هذا المنطلق أقام عدد من الشركات السياحية مخيمات في الصحراء ليس بعيداً عن المناطق السكنية المحاذية لصفرة الرمل، لتستقطب حركة سياحية نشطة مع انقضاء فصل الصيف. ومع اعتدال الجو، تكون الصحراء أجمل خصوصاً في الليل حين تهبط درجة الحرارة ما يجعل للمكان متعته الأهم. فالهرب من الحرارة الى الفضاء الفسيح متعة لا يعرفها إلاّ من عانى زحام المساكن وقسوة درجات الحر، وكذلك الباحث عن جمال الكون حيث لا يمتد تحته وحواليه إلاّ الارض. أما إذا رفع رأسه فهناك السماء وحدها والنجوم الساهرة تحيط بالقمر الفضي في شاعرية مدهشة. وتتيح الصحارى القريبة من الولاياتالعمانية، خصوصاً في المنطقة الشرقية، أماناً للساهرين داخل المخيمات وخارجها ما يمنح المكان دفئاً خاصاً وحميمياً يمكّن الساهرين من الاستمتاع بوقتهم بما في ذلك مجالسة أهل المكان في أحاديث عن الصحراء ومغامراتها، وأسلوب الحياة البدوية المطبق في تلك المخيمات حيث يحلو السهر حول شعلة اللهب المنبعث من الحطب، والفضاء يكاد يمتد الى ما لا نهاية أمام حدقة العين التي تتابع وتتأمل سكون الكون . وتنظم الاستراحات التي يملكها مواطنون عمانيون رحلات الى تلك الأمكنة ضمن برنامج معد لا يقتصر فقط على الاقامة بل يشمل مجموعة من الجوانب الممتعة، منها جلسة السمر التي تسلي الزائر بالحوار والغناء البدوي وركوب الجمال والرياضات المعتادة في مثل هذه الامكنة ومنها التزحلق على الرمال وقيادة السيارات ذات الدفع الرباعي وسط الرمال، اضافة الى الطعام المعد حسب الطريقة التقليدية. ومن الأماكن التي تستقطب الزوار من داخل السلطنة وخارجها الصحارى المفتوحة بالقرب من ولايات القابل وبدية ورأس الحد وغيرها من المحطات المهمة في مفكرة عشاق البر، وربما وصولاً الى البحر عبر مفاوز الرمال الممتدة بتدرجات لونية تزيدها فترة الغروب جمالاً على جمالها الأخاذ. وتنتظر عمان زوارها المعتادين من العواصم الاوروبية هرباً من شتاء قارس الى دفء يلعب فيه المختلف دوراً كبيراً في المتعة، حيث الصحراء والبحر والجبال والبشر وغيرها من المقومات التي تجذب السائح الى أي مكان. وعادة فان الألمان هم أكثر القادمين الى دفء الشرق في رمال الربع الخالي حيث متعة الإكتشاف والمغامرة. ولا يتوقف الأمر على الرجل الأشقر القادم من وراء البحار لاكتشاف المكان بل هناك مجموعات من الشباب العماني من هواة التخييم يذهبون في مغامرات المتعة التي توفرها الصحراء، خصوصاً من المصورين الفوتوغرافيين الذين يجدون في المكان كنزاً لا ينضب لالتقاط أجمل الصور وأكثرها تعبيراً ونفاذاً الى النفس البشرية. ومع تسهيل إجراءات الدخول الى السلطنة، فإن البلاد تأمل بحركة سياحية أقوى بعد رصد مبلغ 11 مليون ريال عماني للترويج السياحي، على أمل أن يتحرك هذا القطاع كمصدر دخل وطني بما يتواكب مع خصوصية المكان العماني وقدرته على جذب السائح نحو أماكن لم تستغل بعد.