دفعت محادثات الرئيس الايراني محمد خاتمي ونظيره الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة العلاقات بين البلدين في منحى جديد أكثر تطوراً، منذ أن قرر الرئيسان إعادة العلاقات الديبلوماسية إثر لقائهما في نيويورك العام 2000 على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد قطيعة بدأت العام 1991 إثر اتهام الجزائرلايران بدعم الحركات الاسلامية، الأمر الذي نفته طهران دائماً. وأكد الرئيس الجزائري، خلال المحادثات مع خاتمي في قصر سعد اباد "ان علاقات البلدين أخوية ومتينة. ولقد نسجناها مع الرئيس خاتمي في فترة وجيزة، اذ أرجعنا المياه الى مجاريها وأصبحت علاقاتنا مثمرة ومتطورة وهي تسير نحو مزيد من التطور". وشدد خاتمي على الدور المهم الذي تلعبه الجزائر في شمال افريقيا وعلى الساحة الدولية والمكانة الخاصة للجزائر وثورتها في نفوس الايرانيين. وانطلاقاً من هذه النظرة الايجابية، كانت الاطلالة على الملفات الاقليمية الشائكة، ومنها العراق وفلسطين. وحملت مواقف الجانبين اشارات مهمة للولايات المتحدة عبر تأكيدهما رفض الارهاب والتطرف والعنف وترسيخ الديموقراطية والتنمية والدعوة الى السلام القائم على العدالة والى ضرورة خروج قوات الاحتلال من العراق. وقال خاتمي: "ان لدينا مواقف مشتركة بضرورة احترام حق الشعب العراقي في تقرير مصيره بعيداً عن أي صراع طائفي أو مذهبي وضرورة خروج المحتلين واحترام السيادة العراقية". وكانت لافتاً اشادة خاتمي بدور الجزائر في حل قضية احتجاز الرهائن الأميركيين في السفارة الأميركية في طهران العام 1980، وفي رعاية الجزائر لاتفاق العام 1975 بين ايرانوالعراق، مما دفع ببعض المراقبين الى توقع قيام وساطة جزائرية بين واشنطنوطهران، على رغم ان المصادر الايرانية ترى ان المشكلة بين ايران والولايات المتحدة لا تحتاج الى وساطة وانما الى تغيير في السياسة الأميركية تجاه طهران. على الصعيد الثنائي، تم التوقيع على خمسة اتفاقات تتناول تبادل المجرمين والتعاون القضائي والاستثمارات والنقل البحري والتعاون الاقتصادي. وأوضح وزير العدل الايراني اسماعيل شوشتري ان اتفاق تبادل المجرمين لا يتناول القضايا السياسية وانما يركز على الجرائم العادية. ولم تفصح المصادر الرسمية ما اذا كان البحث تناول موضوع تنظيم "القاعدة"، علماً ان معلومات تفيد ان لدى ايران معتقلين من "القاعدة" من أصل جزائري يحملون الجنسية الفرنسية. ويرى بعض المراقبين ان زيارة بوتفليقة التي تمثل تتويجاً للمصالحة الجزائريةالايرانية تشكل نجاحاً جديداً لسياسة الانفتاح التي تعتمدها ايران مع العالم العربي، وانها ستؤثر ايجاباً على الجهود المبذولة لحل المشاكل العالقة بين ايران وبعض الدول العربية في شمال افريقيا، ومنها مصر، وذلك في ظل الخطوات المتلاحقة في مسيرة التطبيع بين طهران والقاهرة.