لم تعلق بغداد رسمياً على نتائج اجتماع اسطنبول، لكن مسؤولاً برلمانياً عراقياً رفض الكشف عن اسمه قال ل"الحياة" ان العراق كان يتوقع من الاجتماع "اعلاناً متوازناً وموضوعياً على الأقل". وتساءل: "لقد كان على المجتمعين وقد طالبوا بغداد بالمزيد من التعاون مع فرق التفتيش ان يطالبوا الولاياتالمتحدة بأن توقف حشودها الحربية في المنطقة وتكف عن تهديدها للعراق وتلتزم بحل المسألة سلماً". وأضاف: "يبدو ان الهدف من اعلان اسطنبول هو تبرئة النفس، ورفع العتب، والتخلص من عقدة الذنب، فيما لو حصل العدوان، والإيحاء بأن هذه الدول بذلت جهودها لكنها لم تستطع ان تمنع الكارثة". وشدد عضو البرلمان العراقي على ان العراق يعتمد بالدرجة الأولى على قوته الذاتية وعلى ايمانه بأنه على حق، مشيراً الى "ان العراق سيواصل تعاونه مع المفتشين كي يثبت للعالم كله كذب الادعاءات الاميركية بخصوص امتلاكه أسلحة محظورة". ومن ناحية اخرى، يتوقع العراقيون في جلسة مجلس الأمن الاثنين المقبل ان ترفع الولاياتالمتحدة من حدة الخطاب السياسي ضد بغداد، واستمرار مناوراتها داخل المجلس لكسب التأييد لقرار يفضي الى الحرب، ويعتقدون بأن واشنطن بعدما قطعت شوطاً في التحضير لحربها، ضد العراق، لكنها وصلت في الوقت نفسه الى نقطة حرجة بسبب الفشل في اقناع الرأي العام العالمي، وخصوصاً الأميركي، بجدوى الحرب وشرعيتها ومنطقها. ومع تزايد المعارضين داخل اميركا نفسها، ومن أقرب حلفائها، فإن الخوف من ان تنتقل العدوى الى مؤسسات وشخصيات نافذة في القرار الاميركي قد يدفع بالإدارة الاميركية الى الاسراع في حسم الأمر واتخاذ قرار الحرب قبل ان تتحول المعارضة الى تيار يصبح من الصعب عليها مواجهته. ولا يعول العراقيون كثيراً على ما سيقوله هانس بليكس رئيس لجنة الاممالمتحدة للرصد والتحقق والتفتيش انموفيك ومحمد البرادعي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بل ان مدير دائرة الرقابة الوطنية المسؤولة عن العلاقة مع المفتشين، اللواء حسام محمد أمين قال في مؤتمره الصحافي أول من امس ان "بغداد تتوقع ان يحمل التقرير مساحات ضبابية قد لا توضح الحقيقة كاملة". لكن ديبلوماسيين عرباً يعملون في العاصمة العراقية يبدون اكثر تفاؤلاً بخصوص مسألة الحرب، اذ يميلون الى اعتبار التصعيد الاميركي وارتفاع حدة الخطاب السياسي الموجه ضد العراق من قبل مسؤولين اميركيين نافذين، نوعاً من الضغط المبرمج بهدف انتزاع أقصى ما يمكن انتزاعه من العراقيين. ويقول هؤلاء الديبلوماسيون ان ادارة الرئيس بوش تدرك تماماً ما يمكن ان يلحقه قرار اميركي منفرد بشن الحرب من تداعيات على المستويات الاقليمية والدولية وعلى المصالح الاميركية نفسها، ويراهنون على ان تأجيل موعد شن الحرب لأكثر من ثلاثة شهور ربما يخلق مناخاً دولياً يجعل واشنطن تعيد النظر في حساباتها على نحو مختلف.