مع تزايد الكلام عن الحرب في العراق، تتوالى زيارات وفود دعاة السلام القادمة في اغلبها من اوروبا والولايات المتحدة الى بغداد. واعلن في هذا السياق عن قرب وصول متطوعين لممارسة دور "الدروع البشرية" في حماية مدن العراق من هجوم اميركي محتمل. وعقد امي في جنيف اجتماع ضم خبراء الوكالات الانسانية التابعة للامم المتحدة لمواصلة دراسة خطط الطوارئ الانسانية في الشرق الاوسط في اطار حرب محتملة على العراق. تتابعت منذ بداية كانون الاول ديسمبر الماضي عشرات الوفود والبعثات والفرق، وتسارعت الوتيرة في الايام الاخيرة بالتوازي مع تواتر الانباء عن عمليات انتشار عسكري اميركي وبريطاني جديدة في المنطقة. وبينما تتحرك معظم هذه الوفود بدافع الدعوة الى السلام لا غير، فإن بعضها معارض لتدخل عسكري بدوافع سياسية. غير ان رسالة الجميع واحدة وهي: لا لحرب غربية جديدة على العراق، والدعوة الى رفع الحظر الدولي الذي يؤثر بشدة على حياة الشعب العراقي. وشهدت بغداد في الآونة الاخيرة زيارات وفود اميركية واسبانية والمانية وايطالية وفرنسية وجنوب افريقية ولبنانية وفلسطينية وغيرها. وتزور هذه الوفود المدارس والمستشفيات والاسر وتلتقي بمسؤولين دينيين ومسؤولين عن منظمات غير حكومية وممثلي وكالات الاممالمتحدة. ويتم استقبال الكثير منها من جانب اعضاء في القيادة العراقية، اذ ادرك النظام العراقي ان وجود دعاة السلام الاجانب عامل مهم للتأثير في الرأي العام خصوصاً في اوروبا والولايات المتحدة حيث يحتدم الجدل في شأن ضرورة شن حرب على العراق. وتحرص وفود دعاة السلام مع ذلك على ازالة اي التباس في شأن نشاطاتها، مؤكدة ان وجودها في العراق لا يعني تقديم اي دعم لنظامه. وقال بوب ادغار، الأمين العام للمجلس الوطني الكنائسي: "نحن لا ندعم الحكومات المتسلطة". وقام وفد من هذه الجمعية الدينية الاميركية في الثاني من الشهر الجاري بمهمة انسانية استمرت عدة ايام في بغداد. ودعت الرئيس الاميركي جورج بوش الى التخلي عن شن حرب وقائية "لا اخلاقية ولا شرعية" و"غير مشروعة نظرياً". وينشط دعاة السلام الاميركيون بقوة في بغداد. وقدمت اربع اميركيات فقدن اعضاء من اسرهن في اعتداءات 11 ايلول سبتمبر 2001 الى بغداد للدعوة الى السلام. وتنتمي الاميركيات الى جمعية "اسر 11 سبتمبر من اجل مستقبل سلمي". كما تقوم جمعية "اصوات في البرية" الاميركية منذ 1996 بحملة من اجل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على العراق. ولدى الجمعية فريق مقيم في بغداد اطلق عليه فريق العراق للسلام. من جهة اخرى اعلن عن وصول آلاف من مجموعات "الدروع البشرية" من دول عربية ومن تركيا ودول اخرى في الاسابيع المقبلة. ويتوقع وصول اول فريق من مئة متطوع الخميس المقبل 16 كانون الثاني/ يناير الى بغداد بحسب "لجنة التعبئة الوطنية الاردنية للدفاع عن العراق". وقالت اللجنة انها تهدف الى تسجيل مئة ألف متطوع من مختلف مناطق ومحافظات الأردن للانضمام الى قوائم الراغبين بالانضمام الى الدروع البشرية الدولية حول المنشآت العراقية. واعلن نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز في حديث مع صحيفة "جمهورييت" التركية نشر الاربعاء ان "ابواب العراق مفتوحة" امام المتطوعين الراغبين في ان يشكلوا "دروعا بشرية" في حال تدخل عسكري اميركي في العراق. وفي معرض تفضيله اطلاق اسم "المدافعين المدنيين" على دعاة السلام او المتطوعين، دعا عزيز هؤلاء الى بلاده للانتشار في محيط "مستودعات الاغذية" و"مصافي تكرير النفط" و"محطات المياه والكهرباء". لكنه استبعد مع ذلك نشر دروع بشرية في محيط المصانع والمجمعات الصناعية والابنية الحكومية التي قد تتعرض للقصف اثناء عملية اميركية. واضاف عزيز "فليأتوا ليقيموا في محيط اماكن نحتاج اليها للاستمرار على قيد الحياة ومساعدة الدفاع المدني". الى ذلك، أفادت مصادر مطلعة ان اجتماعا يضم خبراء الوكالات الانسانية التابعة للامم المتحدة عقد أمس في فيرسوا قرب جنيف لمواصلة دراسة خطط الطوارئ الانسانية في الشرق الاوسط في اطار حرب محتملة على العراق. وتشارك في الاجتماع، الذي ينهي أعماله اليوم، المفوضية العليا لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي وصندوق الاممالمتحدة للطفولة يونيسف ومكتب تنسيق شؤون المساعدات الانسانية. واضافت المصادر ان اللجنة الدولية للصليب الاحمر والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الاحمر والهلال الاحمر والمنظمة العالمية لشؤون الهجرة تشارك في هذا الاجتماع بصفة مراقب. ويهدف الاجتماع الى وضع الترتيبات العملية لمواجهة الحالات الطارئة الانسانية التي قد تنشأ عن تدخل محتمل في العراق. الى ذلك، قال مدير المكتب الاقليمي لمنظمة "أطباء بلا حدود" طارق ضاهر انه في حال الحرب في العراق فإن المنظمة الانسانية، التي تحتفظ بفريق في بغداد "ستتحرك في اقل من 48 ساعة عبر وضع خطة طوارئ، خصوصاً من خلال ارسال قدرات بشرية تتمثل اساساً في 100 طبيب للاستجابة لحاجات" العراقيين. ورفض اتخاذ موقف من الحرب المحتملة قائلا: "نحن منظمة انسانية لا تتدخل في ما هو سياسي. كما اننا لا نريد منح غطاء لحرب محتملة تقدمها بعض وسائل الاعلام على انها حتمية ولا يمكن تفاديها".