بناء على توجيه خادم الحرمين .. ولي العهد غادر لترؤس وفد المملكة المشارك في اجتماع مجلس الجامعة العربية في البحرين    «الأرصاد»: رياح شديدة السرعة على عددٍ من محافظات منطقة مكة المكرمة    أمير المدينة يرعى تخريج البرامج الصحية ويترأس اجتماع المحافظين    أمير تبوك: ليالي الحصاد والتخرج هي من أسعد الليالي التي احضرها لتخريج أبنائي وبناتي    مدرب الأهلي يخضع فيغا لاختبارات فنية تأهباً ل"أبها"    خارطة طريق سعودية – أمريكية للتعاون بالطاقة النووية    أمطار على أجزاء من 6 مناطق    150 مبتكراً ومبتكرة يتنافسون في الرياض    أوشحة الخيل.. تنافس على إرث ثقافي سعودي    ارتفاع معدل البطالة في استراليا إلى 4.1% في شهر أبريل الماضي    النفط يرتفع بدعم من قوة الطلب وبيانات التضخم الأمريكية    إطلاق جامعة طيبة لمعرض "مكين" الهندسي    سمو محافظ الطائف يرعى حفل افتتاح المجمع القرآني التعليمي النسائي    أمير تبوك يطلع على نسب إنجاز مبنى مجلس المنطقة    «عكاظ» تنشر الترتيبات التنظيمية للهيئة السعودية للمياه    برعاية ولي العهد.. انطلاق الملتقى العربي لمكافحة الفساد والتحريات المالية    الأهلي يتحدى الهلال والاتحاد يبحث عن «النصر»    الاتحاد في مأزق الخليج.. نقاط الأمان تشعل مواجهة الوحدة والرائد    قمة عادية.. في ظرف استثنائي    صفُّ الواهمين    «الصحة» تدعو حجاج الداخل لاستكمال جرعات التطعيمات    71 فناناً وفنانة في معرض «كروما» بجدة    حل وسط مع الوزراء !    محاولة يائسة لاغتيال الشخصية السعودية !    نريدها قمة القرارات لا التوصيات    مخاطر الألعاب الإلكترونية على الأمن المجتمعي    «هاتريك» غريزمان تقود أتلتيكو مدريد للفوز على خيتافي في الدوري الإسباني    في قمة مواجهات الجولة 32 من «روشن».. ديربي الرياض بروفة نارية لنهائي كأس الملك    توثيق من نوع آخر    «حلبة النار»… النزال الأهم في تاريخ الملاكمة    خادم الحرمين الشريفين يصدر عددا من الأوامر الملكية    السفير الإيراني يزور «الرياض»    السلطات الفرنسية تطارد «الذبابة»    تعزيز التعاون العدلي مع فرنسا وأستراليا    باكوبن والدقيل يزفون المهندس محمد    عبدالملك الزهراني ينال البكالوريوس    بوتين يصل إلى الصين في زيارة «دولة» تستمر يومين    استمرار الجسر الجوي الإغاثي إلى غزة    «الحر» يقتل 150 ألف شخص سنوياً    دعوة عربية لمجلس الأمن باتخاد إجراءات سريعة توقف العدوان الإسرائيلي    شتلات شارع الفن    معرض"سيريدو العقاري"أحدث المشاريع السكنية للمواطنين    إنتاج الصقور في الحدود الشمالية    "الدرعية" تُعزز شراكاتها الاقتصادية والسياحية    وزير الاستثمار: الاقتصاد السعودي الأسرع نموا وجاذبية    طريق الأمير محمد بن سلمان.. أهم مسار لتنقل الحجاج    رحالة فرنسي يقطع ثمانية آلاف كلم مشياً على الأقدام لأداء مناسك الحج    رعاية ضيوف الرحمن    سقيا الحاج    خادم الحرمين الشريفين يصدر عدداً من الأوامر الملكية.. إعفاءات وتعيينات جديدة في عدد من القطاعات    « سعود الطبية»: زراعة PEEK لمريض عانى من كسور الجبهة    لقاح جديد ضد حمى الضنك    مختصون يدعون للحدّ من مخاطر المنصّات وتقوية الثقة في النفس.. المقارنة بمشاهيرالتواصل الاجتماعي معركة خاسرة    5 منافذ في الشرقية تستعد لاستقبال الحجاج    المزروع يشكر القيادة بمناسبة ترقيته للمرتبة 14    وزير العدل يلتقي رئيس المجلس الدستوري في فرنسا    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج 2374 طالباً وطالبة من «كاساو»    نائب أمير مكة يستقبل عدد من اصحاب السمو والمعالي والفضيله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رفيقه القريب في "المجلس الثوري" وعدوه بعد انشقاقه يروي ل"الحياة" قصة من كان المطلوب الرقم واحد في العالم . عاطف ابو بكر :"ابونضال" فجر مقهى "لابيل" في برلين ورد على الغارة الاميركية على ليبيا باعدام الصحافي البريطاني الحلقة الاولى
نشر في الحياة يوم 20 - 08 - 2002

في بدايات العام 2000 أبلغني صديق أن لعاطف أبو بكر ملاحظات على بعض ما جاء في سلسلة "يتذكر" في "الوسط" خصوصاً الشق الفلسطيني منها. وأشار الصديق إلى أن أبو بكر الذي يعيش في أماكن سرية منذ قيادته انشقاقاً على صبري البنا أبو نضال زعيم "فتح - المجلس الثوري" يملك خزنة أسرار، اختار ألا يبوح بها إلا في إطار سلسلة "يتذكر" لكن "في الوقت المناسب".
لم يكن ترتيب الموعد سهلاً. وكان عليّ أن أتوجه إلى عاصمة أوروبية وأن أبلغ الرجل الطريد، بالواسطة، اسم الفندق ورقم الغرفة. كان عاطف أبو بكر يعيش مطارداً من قبل "أبو نضال" الذي لم يغفر له خروجه عليه وتسببه في الانهيارات التي تلاحقت في التنظيم. وفي النهاية جاء الرجل واستلزم الحوار جلسات عدة. حالت مجريات الانتفاضة دون نشر الحوار، إذ كان أبو بكر حريصاً على عدم استغلال ما سيكشفه. وكان حريصاً على البلدان العربية التي تنقل "أبو نضال" بين عواصمها.
إنها خزنة أسرار فعلاً. مهمة ومثيرة وبعضها يتعذر نشره بسبب صرامة القوانين البريطانية في هذا المجال وحرصاً على سمعة أشخاص وهيئات وجهات.
حكى أبو بكر قصة تفجير مقهى "لابيل" في برلين وقصة قتل الصحافي البريطاني اليك كوليت وزورق النزهة البلجيكي والهجمات ضد السفارات والطائرات والاغتيالات، خصوصاً في داخل الصفوف الفلسطينية. روى قصة جوازات السفر المزورة والمراحل التي أمضاها "أبو نضال" في العراق وسورية وليبيا، ومحاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في لندن شلومو ارغوف التي تذرعت بها إسرائيل لإطلاق غزو لبنان في 1982. كما كشف أن "أبو نضال" أعد مع جهة عربية خطة لاغتيال الرئيس حسني مبارك اوقف تنفيذها في الساعات الأخيرة قبل الموعد.
ولد أبو بكر في 1946 في لواء جنين. انتسب باكراً إلى حركة "فتح" وتولى مواقع قيادية في هيئاتها الطالبية والشبابية. عمل بين 1974 و1976 ممثلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية في بلغراد، وبين 1976 و1983 في براغ، وبين 1983-1984 في بودابست. غادر مقر عمله طوعاً واتجه إلى دمشق، وفي 1985 انضم إلى "فتح - المجلس الثوري" بزعامة أبو نضال. كان عضواً في المكتب السياسي وناطقاً رسمياً ومسؤولاً عن الدائرة السياسية. في أواخر 1989 اندلعت المواجهة داخل التنظيم وفر أبو بكر ليعيش طريداً منتظراً نهاية الرجل الذي يطارده.
وهنا نص الحلقة الأولى:
ما هي قصة الجوازات المزورة لدى فتح "المجلس الثوري"؟
- في العراق كانت الجوازات عراقية في كثير من الحالات. كما استخدمت الجماعة الجوازات المزورة، الاردنية والتونسية والمغربية. في سورية بقيت ايضاً الجوازات المزورة. مثلاً في عمليتي روما وفيينا استخدم المنفّذون جوازات تونسية مزورة. اما الكادرات الرئيسية فكانت تحمل جوازات سفر سورية.
في العام 1988 حصل تغير واسع في مسألة الجوازات. بقيت الجوازات الليبية لكادرات اساسية، ولكن صنعت للمرة الاولى جوازات بمساعدة طرف خارجي. اللجنة الفنية في الجماعة كانت تتولى تزوير الجوازات، وفي كثير من الاحيان كان التزوير رديئاً حصلت ايضاً عمليات شراء لجوازات. واشترت الجماعة في 1988 جوازات سودانية بيضاً. كما زوّرت جوازات يمنية شمالية. واشتريت لاحقاً جوازات لبنانية بيض من خلال احد ضباط الامن العام. طبعاً تمت رشوة ضابط لبناني في المطار كان يسهل عملية الدخول والخروج. كما رشت الجماعة ضابطين سوريين في لبنان، واستطاعت الحصول على بطاقات للتحرك في هذا البلد من خلال تنظيمات.
وكانت هناك علاقة مع مسؤول كتيبة الفدائيين في منظمة البعث في لبنان، وزود الجماعة بطاقات من تنظيمه.
استخدمت الجماعة في تلك المرحلة كثيراً جوازات لبنانية واستخرجت بطاقات فلسطينية في لبنان باسم اشخاص ماتوا او هاجروا. واستخدام الجوازات اللبنانية مستمر حتى الساعة.
قلت انهم انتقلوا في العام 1988 الى التعاون مع "الجيش الاحمر الياباني" عبر زعيمته "مريم" وهي معتقلة في اليابان، وقد اعتقل نائبها في لبنان، وكان اسمه "نبيل". عبر هذين الشخصين طبعت الجماعة في اليابان 500 جواز اردني بدقة عالية وطبعوا ايضاً جوازات يمنية شمالية ومئة جواز تونسي.
اعترضتهم مشكلة الختم المائي والالوان فوق البنفسجية وقطع معدنية ضمن الورق في الجواز الاردني، لكن اليابانيين استطاعوا تذليل المسائل الفنية. بقيت مسألة اخرى ان جماعة "ابو نضال" لا تريد ان يطلع "الجيش الاحمر الياباني" او غيره على ارقام الجوازات او تخريم بعض الصفحات. لذلك اشترت ماكينات للترقيم والتخريم وأنجزت الجوازات المصنوعة في اليابان في مقر الجماعة في ليبيا.
الجوازات الاردنية يصعب كشفها وآخر جواز اعدته الجماعة منها ينتهي في الشهر الثالث من السنة 2001. جوازات اليمن الشمالي انتهت بعد الوحدة. استخدم "ابو نضال" الجوازات الاردنية في خروجه من ليبيا والامر نفسه بالنسبة الى طاقمه القيادي.
وفي نيسان ابريل 1988 اجرى "ابو نضال" اتفاقاً مع الراحل ابراهيم البشاري رئيس هيئة الامن الليبية اشتريت بموجبه مطبعة ايطالية متطورة قادرة على تزوير الوثائق، وسُلّمت الى اللجنة الفنية في الجماعة. لكن اللجنة انفصلت عن الجماعة والمطبعة باتت تحت ايدي آخرين. معلوماتي من الذين خرجوا ان "ابو نضال" لم يعد قادراً على التحكّم بالجهاز الفني.
العلاقة مع الجزائر انتهت في 1993 وهي كانت محدودة اصلاً، وجاءت في سياق الدور الجزائري الداعم للثورة الفلسطينية.
كيف خرج "ابو نضال" من سورية؟
- بدأت العلاقة، كما ذكرت سابقاً، في 1981 ثم ترسخت في 1982، و1983، ثم اصبح الوجود الفعلي للجماعة في سورية مع امتداد في لبنان. في سورية بدأت ملامح تغيير. الجماعة التي كانت تدار ب"الريموت كونترول" بدأت تظهر فيها ملامح تحول كأنها على الطريق لتصبح فصيلاً فلسطينياً عادياً. في 1987 حلّت "لجنة المهمات الخاصة" وكان عدد افرادها 29، وضمت الى "لجنة المعلومات" اي الاستخبارات. في 1988 وصل العدد في لبنان الى الف مقاتل متفرّغ، عدا الميليشيا والمدنيين المسلحين. تنظيم بهذا الحجم مكلف مالياً. كنا ننفق شهرياً نحو مليون دولار.
عندما بدأ هذا التوسع وانخرطنا في مهمات وطنية حوار مع الفصائل والدفاع عن المخيمات وكف يد العمل الخارجي والاغتيالات ظهرت ملامح التحول.
لم نكن نحمل اهدافاً تآمرية من وراء هذه الدعوة الى التحول. كنا نمارس قناعاتنا الوطنية وبدأت عناصر قيادية تنحاز الينا. تلقى "ابو نضال" خلال وجوده بين ليبيا وبولندا تقارير عما يحدث في الجماعة. بدلاً من ان يؤيد ويبارك جاء الى سورية وبدأ بإثارة فتن داخلية بهدف تصفية الحسابات مع بعض القياديين ومن ضمنهم "ابو نزار"، اي عملية تحجيم لأناس وتكبير احجام آخرين. ما كان يردعه قليلاً هو ان وجوده الشخصي في سورية غير معلن.
في احدى المرات كنا نتناقش وحدنا. قلت ل"ابو نضال" "هؤلاء الرفاق الذين تقسو عليهم اليوم وقفوا معك في المحن. اذا كان هناك خلاف اطلب منهم ان يرتاحوا في بيوتهم بانتظار المعالجة. لا يجوز تحجيم الناس او تقزيمهم". فردّ قائلاً: "وجودنا في سورية سبّب مظاهر مرضية في التنظيم. علينا ان نخرج، واذا لم استطع سأدمّر عشر طائرات في مطار دمشق لإجبرهم على إخراجنا".
كنا في عزّ معمعة المخيمات واذ ب"ابو نضال" يقوم بعمليتي روما وفيينا!
ما الغرض من العمليتين؟
- الخطة هي ان يدخل مسلحون الى قاعة الترانزيت ويطلقوا النار يميناً ويساراً. وكانت الخطة الاصلية تقضي بأن تحدث في اليوم نفسه عملية ثالثة في مطار فرانكفورت لكنه ألغاها في اللحظة الاخيرة كما علمت لاحقاً. حدث هذا في 1985. ثم خطفت مجموعة تابعة له طائرة مصرية في 1986 واجبرتها على الهبوط في مالطا. هاجم الكوماندوس المصري الطائرة. نسب العملية الى مجموعات ناصرية مصرية والى "الالوية الثورية العربية". وتسبب الهجوم في سقوط قتلى وجرحى.
مرقص لابيل
ثم نفّذت الجماعة عملية في مرقص "لابيل" في برلين وهو ناد ليلي يرتاده جنود اميركيون. هذه العملية اتهم بها الليبيون. الحقيقة ان "ابو نضال" كان وراءها، لكنه استخدم شخصاً فلسطينياً يعمل في امن السفارة الليبية في برلين الشرقية، وكان سابقاً مع المتطوعين العرب في ليبيا. استخدمت المجموعة سيارة ديبلوماسية ليبية لادخال المتفجرات ثم استأجر الشخص المعني صديقة له بولندية تسمى "ايفونا" ب900 دولار وهي التي وضعت الحقيبة في الملهى. وبقي المنفّذ سنوات طويلة طليقاً. اعتقل لاحقاً وبانت الحقيقة فغضب الليبيون لانه نفّذ عملية بأدوات لهم او قريبة منهم من دون علمهم. الشخص الذي يعمل في أمن السفارة أخذ السيارة الديبلوماسية وعبر بها الى برلين الغربية. وكان الحادث بين الاسباب التي ادت الى قصف الطائرات الاميركية ليبيا.
هذه الممارسات ولدت ضغطاً عربياً ودولياً على سورية التي كانت تقول لمن يراجعها ان هذه الجماعة فصيل من فصائل المقاومة. احتملت سورية ممارسة "ابو نضال" التي أساءت الى اصول الضيافة لكن هذا الاحتمال لا يمكن ان يدوم الى ما لانهاية. يضاف الى ذلك ان علاقة جماعة "ابو نضال" بسورية ليست تاريخية، على غرار علاقة "الجبهة الشعبية القيادة العامة".
الهنداوي و"العال"
القشة التي قصمت ظهر البعير كانت محاولة وضع متفجرة في طائرة "العال" الاسرائيلية المتجهة من لندن الى اسرائيل وكان مقرراً ان تنفذ على يد نزار الهنداوي. لا أريد الإساءة الى سورية، لكن القصة صارت من الماضي. أريد ان أقول شيئاً واحداً لا يعرفه نزار الهنداوي نفسه وهو ان المتفجرة التي كان سيستخدمها وسلمته اياها اطراف معروفة، هي من تصنيع جماعة "ابو نضال". تولد ضغط كبير على سورية. بالتأكيد ان الذين تسلّموا المتفجرة من الجماعة لا يستطيعون اخفاء هذه الواقعة عن القيادة.
في الشهر الثالث من العام 1987 أخرجت الجماعة من سورية. قبل ذلك شعرنا بتغير الاجواء فنقلنا جزءاً الى ليبيا وجزءاً اكبر الى لبنان. يوم اغلاق المكاتب بالشمع الاحمر في سورية كانت الجماعة أخرجت معظم ما تريد إخراجه. الاستخبارات الجوية ابلغتها القرار وشاركت الضابط الفدائية في التنفيذ".
بعدها ارسل وفد يضم "ابو نزار" وعبدالرحمن عيسى في طائرة خاصة، برفقة مسؤول "هيئة أمن الجماهيرية الليبية … الى دمشق لتصفية الموجودات.
يعتقد كثيرون بأن سورية أخرجت "ابو نضال" وجماعته من سورية. الحقيقة ان "ابو نضال" قدم كل المبررات وكان في الحقيقة يريد الخروج لأنه تخوّف ان تفلت الجماعة من يده. ويوم خرجنا كانت فرحته كبيرة. التشدد السوري حيال وجوده لم يرافقه تشدد حيال وجود جماعته في لبنان. اعداد كبيرة انتقلت من سورية الى لبنان وانتقل آخرون الى ليبيا وجزء اقل الى الجزائر.
قيادياً كنا ابو نضال وابو نزار وعبدالرحمن عيسى وشوقي محمد يوسف ويسمى عندهم منير احمد يوسف وانا اي خمسة من اعضاء المكتب السياسي في ليبيا.
في ليبيا
في 1987 افتتح معسكر للجماعة قرب بلدة يغرن في ليبيا وهو معسكر كبير للتدريب وهناك بنيت زنازين وسجن ومراكز تعذيب وسراديب. والى هذا المعسكر كان يحضر مجموعات من لبنان، وبحجة التدريب تتم تصفيتها في ليبيا.
طبعاً يجب ألا تنسى ان عملية كاراتشي ضد الطائرة الاميركية التي أدت الى وقوع ضحايا كثر كانت في 1986.
مقتل الصحافي البريطاني
عندما قصفت الطائرات الاميركية ثكنة باب العزيزية كان "ابو نضال" في سورية. ذات يوم كنا في ليبيا وكتب "ابو نضال" بياناً يقول فيه "باسمه تعالى"، وليس "بسم الله الرحمن الرحيم"، اي انه يسعى الى استخدام صيغة تستخدمها الاطراف الشيعية وقال انه انتقاماً من بريطانيا التي قدمت تسهيلات الى الاميركيين لضرب ليبيا قامت "منظمة الاشتراكيين المسلمين" التي تحتجز اليك كوليت باعدامه. وقد أُعدم في منطقة الروضة في البقاع. وكان كوليت، وهو صحافي بريطاني، خُطف عند مفترق خلدة المدخل الجنوبي لبيروت، على يد ثلاثة من عناصر احدى الفصائل اللبنانية استُأجِرت لهذه الغاية، ونفّذت المهمة لدى وقوفها على حاجز لفصيلها. وقف معها على الحاجز لبنانيان ينتميان الى جماعة "ابو نضال". خُطف كوليت وسُلّم الى الاثنين فنقلاه الى عهدة … الذي كان يعمل مع الجماعة ويتاجر بالسلاح والمخدرات. ثم سلّم ذلك الشخص كوليت الى احد مسؤولي الامن في الجماعة واحتجز في البقاع وصُفّيَ على يد مسؤول أمني اسمه علاء قام "ابو نضال" بتصفيته لاحقاً بعدما تباطأ في تنفيذ عملية ضد سورية واطراف لبنانية مؤيدة لها فاعتقله "ابو نضال" ودفنه حياً في شرق صيدا.
وفي تلك المرحلة خطف افراد الجماعة صحافياً بريطانياً آخر اسمه جوناثان رايت. جاء الى البقاع ليسألهم عن بعض المسائل فخطفوه. خلال نقله من البقاع الى الجبل استطاع ان يهرب.
وخطفت الجماعة في عام 1988 طبيباً بلجيكياً اسمه بان كولز. وقد خطفه المدعو … و نقل الى مخيم الرشيدية واحتجز ثم نقل بصندوق سيارة وسلم الى النائب مصطفى سعد للافراج عنه. وقد قتل الخاطف لاحقاً.
وخطفت الجماعة ايضاً اثنين من السويسريين العاملين في الهيئة الدولية للصليب الاحمر. خطفا في صيدا لابتزاز سويسرا، وهما ايمانويل كريستين وايليو اركويز في 6/10/1989 وأُطلقا لاحقاً.
سويسرا هي المكان الرئيسي لأموال "ابو نضال". الايداع في سويسرا كان يتم في … زوريخ. الاموال موجودة باسم … وحساب آخر باسم …. في 1982 اودعت اموال رئيسية. وجرى اشكال بين الجماعة والسويسريين على اصول هذا الحساب وارباحه. لفت انتباه السويسريين الحساب فأدركوا انه يخص منظمة محظورة ذات طابع "ارهابي" على حد التسمية الغربية. سُحبت مبالغ من الحساب وظل الخلاف قائماً حتى العام 1998 على آخر ما بقي فيه وقيمته 18 مليون دولار. عملية الخطف كانت للابتزاز. بعض المصادر يقول انه هددهم بتفجيرات في مطار زوريخ وثمة من يقول انهم دفعوا خمسة ملايين فرنك سويسري ابتزازاً، وانه طلب تأمين حساباته المالية ومرور افراد تنظيمه من دون التعرض لهم. حدثت مقاضاة بين زوجته والبنك السويسري. أفرج السويسريون في 1998 عن ثمانية ملايين ثم وضعوا اليد على عشرة ملايين ولا يزالون.
مشاركتكم ك"فتح المجلس الثوري" في الدفاع عن المخيمات هل خلقت لكم اشكالات؟
- فصائل عدة كانت موجودة في سورية، بعضها يقف الى جانب حركة "امل" ويرى في موقفها عدالة مثل "فتح الانتفاضة" و"الصاعقة" و"الجبهة الشعبية القيادة العامة". كان هؤلاء يتحدثون عن مؤامرة عرفاتية ويعتبرون ان الحصار ليس موجهاً ضد المخيمات بل ضد الوجود العرفاتي. كان هناك تناغم بين مواقف هذه الفصائل و"امل" وسورية. اطراف اخرى كانت على نقيض ذلك وبينها "الجبهة الشعبية" و"جبهة النضال الشعبي". خضنا داخل "فتح المجلس الثوري" نقاشاً طويلاً دفع في اتجاه المشاركة في الدفاع عن المخيمات. كان الغرض اقناع عناصر التنظيم بالانخراط في هذا العمل على رغم طبيعة التربية التي تلقوها. كان المطلوب بلورة الموقف وبناء العلاقات مع الفصائل. النقطة الاصعب كانت ان القوة الرئيسية في المخيمات هي "فتح" الأم. كان لا بد من كسر الحاجز التاريخي ولهذا رفعنا شعار "الوحدة في وجه المخاطر" وان لا خلاف مع قواعد حركة "فتح" وان الشهداء الذين سقطوا في الماضي هم شهداء الحركة الواحدة. اطراف لبنانية اعتبرت حصار المخيمات ظالماً. فهل يعقل ان نقبله نحن؟ وليد جنبلاط كان يعتبر الحصار ظالماً. و"حزب الله" اتخذ موقفاً مماثلاً. والامر نفسه بالنسبة الى الحزب الشيوعي اللبناني والحزب السوري القومي الاجتماعي.
في هذا المناخ قاتلنا دفاعاً عن المخيمات وحصلت وحدة ميدانية.
مع من كانت ل"ابو نضال" علاقات في لبنان؟
- فتحت علاقة سياسية مع الحزب التقدمي الاشتراكي، وعلاقة مع مصطفى معروف سعد وشقيقه ومع الحزب السوري القومي الاجتماعي المجلس الاعلى، ولم تكن هناك في الفترة الاولى علاقة مع الطرف الآخر الذي يتزعمه عصام المحايري كذلك اقيمت علاقة مع … ومع رموز ناصرية متعددة اي افراد ومجموعات ومع "اللجان والروابط الشعبية" وكذلك مع بعض الجماعات السنية وغيره.
لم يدخل لبنان
"ابو نضال" لم يدخل لبنان؟
- لم يدخل، حتى في سورية لم يلتق اي مسؤول سوري. وكان الانطباع انه يقيم في سورية ويدخل ويخرج من دون علم المسؤولين.
لم يتفقد القوات في البقاع؟
- لم يدخل لبنان. في احدى المراحل في ليبيا عندما اراد "ابو نضال" ان يصفّي بعض اعضاء لجنته المركزية واراد اتهام بعض اعضاء المكتب السياسي، قلت له: ألم يكن هؤلاء يعرفون في سورية مواعيد الاجتماعات؟ ألم يكن بإمكانهم ان يوقعوك في ايدي الاستخبارات؟
تقصد ان الاستخبارات السورية لم تكن تعرف بوجود "ابو نضال"؟
- كان ذكياً جداً. الاجتماع يعقد في السابعة صباحاً. يتنقل في شبه ظلام. حتى لو انتهى الاجتماع يبقى مع صاحب البيت حتى حلول الظلام. لم يكن يتنقل داخل دمشق. كان يأتي من الزبداني الى مقر الاجتماع. لا يستخدم الهاتف ولا احد يعرف اين يقيم. وحده "ابو نزار" كان يعرف مقر اقامته. يقيم في منزل مشترى باسم آخر.
اعتقد بأن السوريين فوجئوا حين عرفوا انه كان عندهم وانه كان يمكث شهوراً ويرحل. هذا ليس رأيي وحدي بل ايضاً رأي آخرين. في سورية لم يلتق الا الاطارات العليا في جماعته.
في ليبيا الامر مختلف. قابل هناك بوجودي ابو عمار مرة اخرى، كان ذلك في 1988 وحدث ذلك في مقر هيئة امن الجماهيرية. وقابل ابو عمار مرة ثالثة بحضور القذافي في تشرين الاول اكتوبر 1988 وبحضور آخرين بينهم جورج حبش.
قابل حبش ونايف حواتمة في الجزائر خلال حوارات المجلس الوطني. وقابل هايل عبدالحميد ابو الهول في الجزائر وليبيا. والتقى "ابو اياد" في الجزائر و"ابو جهاد" في الجزائر وليبيا. والتقى سمير غوشة في الجزائر وقابل احمد جبريل مراراً في ليبيا… وقدم مساعدات الى احزاب وشخصيات لبنانية، والمساعدات أيسر امر عليه.
من كان يدير "أبو نضال" في ليبيا؟
- العلاقة في ليبيا كانت على مستويين: العلاقة السياسية كانت مع القيادة القومية. العلاقة الفعلية له كانت مع "هيئة أمن الجماهيرية" وتحديداً مع ... وهو الشخص المهم بغض النظر عمن يكون أعلى منه في الترتيب في الهيئة. "أبو نضال" لم يتعامل مع عبدالسلام جلود أو الخويلدي الحميدي أو أبو بكر يونس أو مصطفى الخروبي.
ذات مرة كنا في خيمة العقيد معمر القذافي. كان بين الحضور "أبو نضال" وأنا وعبدالسلام جلود وأحمد إبراهيم أحد الوزراء الليبيين. كان القذافي يتحدث بمرارة عن السوفيات والإيرانيين والسوريين. شارك الحاضرون في النقاش. تكلمت فقلت له يا اخ معمر إذا تكلمت علانية في هذا الموضوع سيقول بعضهم انك تحضر لتنحو منحى السادات. الأفضل أن تقول كل مراراتك للأطراف المعنية مباشرة. اعتبر "أبو نضال" انني تجاوزت "الخط الأحمر" في كلامي، فتدخل قائلاً: "هذا الكلام الذي يسمعه الأخ القائد ويتقبله بصدر رحب يدل على أن الأخ معمر هو الديموقراطي الوحيد".
كان عبدالسلام جلود تحدث قبلي وقال كلاماً مشابهاً لما قلته، طبعاً من دون تنسيق. حين تحدث "أبو نضال" تدخل جلود قائلاً: "يا أبو نضال، طوال عمري لديّ انطباع انك انتهازي وتأكدت الآن من انطباعي".
متى غادر "أبو نضال" ليبيا؟
- دخل "أبو نضال" ليبيا قادماً من سورية في 31 آذار مارس 1987. في 1977 و1978 ساءت علاقة ليبيا مع "فتح"، فنشأت علاقة بينه وبين "فتح - المجلس الثوري" وفتحوا لها مكتباً في شارع عمر المختار. لكن العلاقة تردت سريعاًَ وأخرجت جماعة "أبو نضال" من ليبيا على رغم أنه زارها في تلك الفترة.
عام 1984 ظهرت حاجة ليبية إلى "أبو نضال" وكان بدوره راغباً في نسج علاقة مع طرابلس التي كانت مهتمة آنذاك بمطاردة المعارضين في الخارج. عقد اجتماع في ليبيا بين إبراهيم البشاري وعبدالرحمن عيسى اتفق فيه على إقامة علاقات، وبعدها بفترة قصيرة زار "أبو نضال" ليبيا والتقى القذافي وارسل لاحقاً مندوبين. في أواخر 1984 بدأت علاقة تتضمن دعماً ملموساً. وهكذا منذ بداية 1985 نفذ "أبو نضال" عمليات بعضها يخدم المصلحة الليبية وبعضها الآخر رتب انعكاسات عليها.
فتحت ليبيا الباب واسعاً أمامه فراح يصول ويجول. وليس لديّ شك في أن عملياته أضرت بها على المدى الطويل. وبقي فيها بعلم الليبيين حتى عام 1993. في ذلك العام، بعدما اشتد الحصار على ليبيا واتهمت علناً بإقامة علاقات مع أطراف إرهابية اضطر الليبيون إلى اغلاق معسكر "أبو نضال" في يغرن ونقل جماعته إلى مكان آخر. هنا بدأ يرسل بعض الجماعات إلى السودان ولبنان. أبقى العصب الأساسي في ليبيا.
في 1993 أدار الليبيون الظهر للفصائل الفلسطينية وبدأت الميول الافريقية بالظهور وانشغل الليبيون بأمور الحصار، فشعر "أبو نضال" بأن العلاقة دخلت مرحلة الركود والاهمال. لم تعد ليبيا تريد خدمات منه، وتوقفت اللقاءات ومعها التمويل والتسهيلات والجوازات.
عبر الليبيون عن رغبة في أن يخرج "أبو نضال" إذا استطاع العثور على مكان آمن للإقامة، معتبرين أن من شأن ذلك أن يخفف الضغط عنهم. فهم الرجل الرسالة. في 1993 ارسل اثنين من كوادره أبلغا مسؤولاً أمنياً رفيعاً أن "أبو نضال"، تقديراً منه لظروف ليبيا وما تتعرض له، خرج من ليبيا وهو يهديكم تحياته. صدق الليبيون وارتاحوا. ونقلت جماعة "أبو نضال" إلى مزرعة السواني ولا يزال جزء منها هناك بانتظار العثور على مأوى آخر لدى حصول الحوار.
لم يغادر "أبو نضال" ليبيا، انتقل إلى ضواحي العاصمة وأجرى تغييراً في اسلوب لقاءاته مع كوادره العليا، وكان يتردد سراً على مزرعة السواني. بقي في ليبيا إلى 21/1/1997. في ذلك اليوم خرج من ليبيا بجواز سفر أردني من الجوازات المصنوعة في اليابان باسم محمد عبداللطيف عربيات. غادر ليبيا في ذلك التاريخ ودخل مصر.
غداً حلقة ثانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.