تخطّى المهاجم التركي حسن شاش أربعة أحداث مأسوية عاشها في أقل من خمسة أعوام، فسطع نجمه مع منتخب بلاده المتألق في كأس العالم لكرة القدم، وبات احد علاماتها الفارقة. فالفتى "الملعون" ترك خلف ظهره الاعتداء عليه في الملعب وتعاطيه المنشطات، وتذوّقه الأمرّين خلال خدمته العسكرية، ومصرع والد زوجته. ونفض عن كاهله غبار هذه التراكمات ليقول كلمته ويطلق صوته المدوّي في مونديال كوريا الجنوبية واليابان، مسكتاً المراهنين على أنه سيكون أول المطرودين بسبب طباعه الحادة ومزاجه الناري. نشأ حسن شاش في مدينة أضنه حيث يقال ان المناخ القاسي صيفاً وشتاء يؤثر على طباع السكان، فلا عجب ان كان بعضهم عصبياً الى درجة "لا تحتمل" احياناً ما يظهر من خلال تصرفاته مع المحيطين به، وربما انطبقت هذه الحال على "أصلع" المنتخب التركي ورجل الاوركسترا في خطوطه. وتعود أصول شاش 25 عاماً الى المنطقة ذاتها التي نشأ فيها المدرب فاتح تيريم صانع لقبي كأسي الاتحاد والسوبر الاوروبيتين لغلطة سراي. وعاش الفتى الواعد مرحلة شباب متوترة فكان دائماً سريع "الاشتعال" غضباً وربما تكون الجينات الوراثية مسؤولة عن ذلك. وهو عرف بداية كروية عادية في منطقته قبل الانتقال الى نادي أنقرة غوتشو، حيث أطلق عليه لقب "قرصان المستطيل الاخضر" فعلى مدى ثلاث سنوات كان الاكثر نيلاً للانذارات والبطاقات الملوّنة، الى ان تلقى العرض المناسب من غلطة سراي، فانتقل اليه، غير انه كاد ايضاً ان يقضي عليه هناك. فقد شهدت مباراة "الدربي" بين اسطنبول سبور وغلطة سراي عام 1998 مشاحنات وعراكاً بسبب ركلة جزاء بنالتي في مصلحة غلطة، وامتد الشغب الى غرف الملابس، وأصيب شاش بنزيف حاد بعدما قطعت شرايين يده ونقل على جناح السرعة الى المستشفى، واستغرق انقاذه نحو خمس ساعات. وفي العام التالي، كُشف تعاطي شاش للمنشطات فأوقف ستة اشهر. واعتقد خبراء اللعبة ان مسيرته في الملاعب لن تدوم طويلاً بعد الآن، غير ان رأي اداريي غلطة سراي كان مختلفاً، واستغلوا عقوبة الايقاف وارسلوا لاعبهم ليقضي خدمته العسكرية ومدتها 18 شهراً، ظناً منهم ان هذه الفترة "ستنقيه" من الشوائب، لكن القدر وضعه تحت قيادة عقيد من مشجعي فناربخشه الندّ الاول لغلطة سراي، فجعله يرى "النجوم في عز الظهر" ودفعه الى احباط كبير، وعاد بعدها الى اسطنبول وقد ساءت حالته وفريقه في عهدة الروماني ميريسيا ليسيكو، الذي تفهّم الموقف و"وصف" له العلاج المناسب من خلال دورات الاعداد والتأهيل. في موسم 2001 - 2002 بدأ جني الثمار، اذ راحت مواهب شاش تتفجّر ميدانياً فأحرز سبعة اهداف ونفّذ 16 تمريرة حاسمة، وساهم في تتويج غلطة سراي بطلاً، فقارنه المناصرون بالاسطورة مصطفى حجي وكثر الحديث عن تقنياته وصناعته اللعب واتقانه دور المحور. ومع اقتراب موعد المونديال جهد شاش لضبط ايقاع رد فعله وكبح جماح ثورته، وتدرب على سلوكية جديدة تؤمن صموده في الميدان من اجل مصلحة المنتخب، وتجاوز محنة وفاة والد زوجته مقتولاً بسبع رصاصات، ووجد في كأس العالم مطهراً لجراحه المنوّعة ومنفذاً الى النور بعد ثلاثة أعوام ضائعة، وتأشيرة الى الشهرة الأوروبية بالدرجة الأولى، وفي سجله 20 مباراة دولية وهدفان في المونديال.