تزاحمت "الرؤى" للتأثير في "اعلان" الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش المتوقع قريباً جداً في شأن تصوره لتنفيذ رؤيته لقيام دولة فلسطين الى جانب دولة اسرائيل. وعلمت "الحياة" ان الوفد الفلسطيني برئاسة السيد نبيل شعث حمل الى واشنطن رؤية فلسطينية تركز على جدول زمني للمفاوضات بهدف تسوية نهائية، فيما جنّدت اسرائيل مبعوثيها الى العاصمة الاميركية لتسويق رؤيتها القائمة على اطالة المراحل الانتقالية. في غضون ذلك، قتل جنديان اسرائيليان واصيب آخران بجروح في عملية نفذها مسلح فلسطيني مساء امس حين تسلل الى مستوطنة دوغيت شمال قطاع غزة حاملا بندقية وقنابل يدوية،ً وقد قتل المهاجم فيما بعد بالرصاص. واحتدت معركة استقطاب الفاعلين في الادارة الاميركية، فدعمت الاممالمتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا توجه وزارة الخارجية الاميركية عند لقاء "الرباعية" اول من امس في واشنطن. وأصرّت الاطراف الثلاثة على مركزية التسوية النهائية وارتباط اية اجراءات انتقالية او دولة فلسطينية انتقالية بالتصور النهائي للدولة الفلسطينية الدائمة والتسوية الدائمة ضمن اطار زمني. واوضحت انه من دون ذلك فكل ما يجري بلا فائدة. وقاومت جهات اخرى هذا التوجه لتعزيز مواقف مسؤولين في نيابة الرئاسة ووزارة الدفاع تنصح الرئيس بتجنب التطرق الى التسوية النهائية مع الاكتفاء فقط باعلان الدولة الفلسطينية الموقتة من دون ربطها بإطار زمني محدد. ومن المتوقع ان يطرح وزير الخارجية السوري السيد فاروق الشرع الاسبوع المقبل الرؤية السورية لحل النزاع العربي - الاسرائيلي في مجلس الامن. ولم يكن واضحاً إذا كان الشرع سيزور واشنطن، حسب مصادر دولية أم لا. وقالت هذه المصادر ان الوفد الفلسطيني قدّم الى المسؤولين الاميركيين "خطة" تشكل الرؤية الفلسطينية لشكل التسوية النهائية بكل تفاصيلها، من الارض الى حق العودة. وحسب هذه المصادر لا تتطرق الرؤية الفلسطينية اطلاقاً الى فكرة "الدولة الموقتة" وانما تركز على التسوية النهائية والدولة الدائمة ضمن حدود معرّفة. وكان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات حسم خلافات داخل السلطة الفلسطينية بين تيار مؤيد للتعااطي مع التصور الأميركي المتداول لدولة "موقتة"، وتيار آخر معارض للفكرة ويعتبرها "تصوراً اسرائيلياً بلباس أميركي"، وطلب من الوزير شعث عدم التطرق الى هذه القضية لدى لقائه وزير الخارجية الأميركي كولن باول، وتأكيد التمسك بالمبادرة العربية التي تنص على الانسحاب الاسرائيلي من كامل الأراضي المحتلة عام 1967، مع إمكان اتفاق الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي على تعديلات تبادلية ومتساوية محدودة شرط أن لا تؤثر في التواصل الجغرافي، وأكدت المصادر الفلسطينية ل"الحياة" أن شعث ذهب الى واشنطن ولم يحمل معه الورقة التي أعدتها دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير التي يرأسها محمود عباس ابو مازن. وأوضح ممدوح نوفل مستشار عرفات الموقف فقال ان "خلاصة الرسالة التي حملها شعث الى أميركا تفيد بأن الفلسطينيين يوافقون على الدولة الموقتة شرط أن يكون ذلك مقدمة للدولة المستقلة في حدود الرابع من حزيران، وبجدول زمني لا يتعدى السنتين، سنة للتفاوض وأخرى لتطبيق الاتفاقات". واتخذ عرفات هذا الموقف "لئلا يظهر بمظهر المتعنت فتسارع واشنطن الى القاء المسؤولية عليه في حال الفشل". وخيّمت اجواء الانتظار بلهفة على الاوساط السياسية المعنية علماً بأن الرئيس الاميركي سيكشف عما في ذهنه في غضون عشرة ايام على الارجح. وأدى الحديث الذي أجرته "الحياة" في نيويورك مع وزير الخارجية الاميركي كولن باول الى ضجّة عالمية كما الى تنافس بين الديبلوماسيات للتأثير في صنع السياسة الاميركية. وأوضح باول في حديثه ان بين ما يُفكّر فيه قيام "دولة موقتة" من دون التراجع عن رؤية قيام دولة فلسطين ضمن حدود يتفاوض عليها الطرفان على اساس مرجعية القرارات 242 و338 و1397 و1402 و1403 ورؤية ولي العهد السعودي الامير عبدالله التي تبنتها القمة العربية القائمة على انسحاب اسرائيل الى حدود 1967 مقابل التطبيع معها. وشددت مصادر اميركية على مسؤوليات الطرف الفلسطيني في انجاح الجهود والمواقف التي تتبناها وزارة الخارجية والقائمة على ربط "الدولة الموقتة" برؤية "إنهاء الاحتلال". وقال مسؤول اميركي اشترط عدم ذكر اسمه: "اننا نأخذ الخطوة الاولى والثانية، لكننا غير متأكدين من الخطوة الثالثة ما لم يأخذ الفلسطينيون خطوتهم لوقف التطرف والمتطرفين". والى حين اعلان بوش ما لديه، احتدّت معركة تزاحم الرؤى على عنصرين اساسيين: مدى ارتباط الدولة الموقتة بإطار زمني نحو الحل النهائي، وكيف يتم التوصل الى التسوية النهائية.