أمير تبوك يوجّه باستمرار العمل خلال إجازة عيد الأضحى    محافظ القريات ويلتقي اعضاء جمعية الحياة لرعاية مرضى السرطان    انتكاسة في فرنسا وألمانيا.. أوروبا إلى أقصى اليمين    واشنطن تدرس التفاوض مع حماس لإطلاق أسراها    ضرورة إصدار بطاقة تشغيل وبطاقة "سائق" لسائقي الحافلات والشاحنات    سمو أمير الباحة يستقبل مساعد وزير الرياضة ويبحث احتياجات المنطقة    وصول 1075 من ضيوف خادم الحرمين من 75 دولة    مانشيني يفسر استبعاد فيصل وأحمد الغامدي    القيادة تهنئ رئيس جمهورية البرتغال بذكرى اليوم الوطني لبلاده    حساب المواطن يودع 3.4 مليار ريال مخصص دعم شهر يونيو    الذهب يستقر عند 2296.17 دولار للأوقية    وزير التجارة يصدر قرارًا وزاريًا بإيقاع عقوبة مباشرة على كل من أخلّ بأداء واجبه في إيداع القوائم المالية    انحفاض الإنتاج الصناعي 6.1% في أبريل    إستخراج بطاقات إقامة ممن مضى على إقامتهم في مصر أكثر من 6 أشهر    الطقس : حاراً إلى شديد الحرارة على الرياض والشرقية والقصيم    "التجارة" تضبط 374 مخالفة في المدينة    خادم الحرمين يأمر باستضافة 1000 حاجّ من غزة استثنائياً    تطوير مضاد حيوي يحتفظ بالبكتيريا النافعة    "ميتا" تزوّد "ماسنجر" بميزة المجتمعات    المنتخب السعودي للفيزياء يحصد 5 جوائز عالمية    بدء أعمال المنتدى الدولي "الإعلام والحق الفلسطيني"    "الرياض للبولو" يتوّج بطلاً لبطولة تشيسترز ان ذا بارك    شريفة القطامي.. أول كويتية تخرج من بيتها للعمل بشركة النفط    400 مخالفة على الجهات المخالفة للوائح التعليم الإلكتروني    عبدالعزيز عبدالعال ل«عكاظ»: أنا مع رئيس الأهلي القادم    شرائح «إنترنت واتصال» مجانية لضيوف خادم الحرمين    «أرامكو»: 0.73 % من أسهم الشركة لمؤسسات دولية    بعد ياسمين عبدالعزيز.. ليلى عبداللطيف: طلاق هنادي قريباً !    المجلس الصحي يشدد على مبادرة «الملف الموحد»    قيادات تعليمية تشارك القحطاني حفل زواج إبنه    الحج عبادة وسلوك أخلاقي وحضاري    «التعاون الإسلامي»: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء    العطلة الصيفية واستغلالها مع العائلة    الأمريكي" غورست" يتوج ببطولة العالم للبلياردو    وزارة الحج تعقد دورات لتطوير مهارات العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    إعادة تدوير الفشل    خلود السقوفي تدشن كتابها "بائعة الأحلام "    "السمكة المتوحشة" تغزو مواقع التواصل    11 مبادرة تنفيذية لحشد الدعم الإعلامي للاعتراف بدولة فلسطين    الداخلية تستعرض خططها لموسم الحج.. مدير الأمن العام: أمن الوطن والحجاج خط أحمر    رسالة جوال ترسم خارطة الحج لشيخ الدين    أمير القصيم يشيد بجهود "طعامي"    محافظ الأحساء يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    «فتيان الكشافة» يعبرون عن فخرهم واعتزازهم بخدمة ضيوف الرحمن    استشاري:المصابون بحساسية الأنف مطالبون باستخدام الكمامة    الدكتورة عظمى ضمن أفضل 10 قيادات صحية    رئيس جمهورية قيرغيزستان يمنح رئيس البنك الإسلامي للتنمية وسام الصداقة المرموق    وفد الشورى يطّلع على برامج وخطط هيئة تطوير المنطقة الشرقية    التخبيب يهدد الأمن المجتمعي    تغييرات الحياة تتطلب قوانين جديدة !    رئيس الأهلي!    الشاعر محمد أبو الوفا ومحمد عبده والأضحية..!    فشل التجربة الهلالية    انطلاق معسكر أخضر ناشئي الطائرة .. استعداداً للعربية والآسيوية    أمير تبوك يواسي عامر الغرير في وفاة زوجته    نصيحة للشعاراتيين: حجوا ولا تتهوروا    نفائس «عروق بني معارض» في لوحات التراث الطبيعي    توفير الأدوية واللقاحات والخدمات الوقائية اللازمة.. منظومة متكاملة لخدمة الحجاج في منفذ الوديعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل ما يجري الآن مقدمة لما هو أسوأ ؟
نشر في الحياة يوم 05 - 04 - 2002

يحق للذين ما زالوا يتذكرون الدعوات المحمومة للحرب عام 1967 أن يجهروا بتخوفهم وقلقهم. هل سينفجر العنف المروع الذي تمارسه إسرائيل في الأراضي الفلسطينية صراعاً اقليمياً شاملاً؟ هل ستخرج التظاهرات الغاضبة التي تزداد اتساعاً وعنفاً في العواصم العربية عن حدود السيطرة لتهدد الأنظمة العربية الراهنة؟ هل الأزمة التي تجتاح المنطقة هي مقدمة لما هو أسوأ؟
اشتعل الشارع العربي بالغضب ونفاد الصبر عام 1967، ودفع بالزعيم جمال عبدالناصر، الذي كان ممانعاً، إلى ارسال جيشه إلى سيناء. لم يكن العالم العربي مستعداً للحرب، في حين كانت إسرائيل، الواثقة بقوتها وتفوقها العسكري، متلهفة لالحاق هزيمة موجعة بالعرب. واختارت واشنطن آنذاك أن تعالج الأزمة على طريقتها. وكانت النتيجة أن أعيد رسم الخارطة الاقليمية، وتعرضت المنطقة للصراعات، كما راجت الأكاذيب حول جذور الصراع الحقيقية، مما أوصلنا إلى ما نحن فيه الآن.
لكن مقارنة ما يجري الآن مع أحداث عام 1982 سيكون أكثر دقة: شارون ذاته الذي اقتحم لبنان، وحاصر ياسر عرفات في بيروت، يقتحم طريقه الآن في المدن الفلسطينية ويحاصر عرفات في رام الله. و"الشارع" العربي يغلي مجدداً بالغضب والاحباط، ويطالب بالقيام بعمل ما، في حين يسعى الزعماء العرب الذين تخلوا عن الخيار العسكري إلى نزع فتيل الأزمة، بعرض السلام والعلاقات الطبيعية على إسرائيل في مقابل الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة عام 1967.
ويعلم الكل أن شارون سيرفض هذا العرض - وهذا هو ما فعله الآن - ولكن لايزال هناك أمل في أن تقنع مبادرة السلام العربية الناخبين الإسرائيليين بضرورة اسقاط حكومة شارون واستدعاء حكومة بديلة تضم ائتلاف القوى المناصرة للسلام. وفي هذه الاثناء اختارت واشنطن موقفها، على طريقتها وتركت للأحداث أن تأخذ مجراها، من دون تدخل حاسم من طرفها.
التفتيش عن بشير الجميل جديد؟
كان طموح شارون الأكبر هو تدمير منظمة التحرير الفلسطينية وطرد السوريين من لبنان، وادخال لبنان في فلك إسرائيل بقيادة تابع لها هو بشير الجميل. ونحن اليوم نشاهد إعادة للاستراتيجية ذاتها. وكما حدث عام 1982، فإن هدف شارون الآن هو تحطيم الإرادة الفلسطينية وفرض شروطه على شعب مهزوم بتشجيع من بعض أصدقائه الصقور في واشنطن. سيحاول، من جديد، تغيير الخارطة الجغرافية - السياسية للشرق الأوسط لمصلحة إسرائيل والولايات المتحدة وهو سيفتش من دون شك عن بشير الجميل فلسطيني، لعله تناسى ما حل بذلك الشاب البائس.
ويعتقد بعض المراقبين أن شارون سينجح، هذه المرة، في تدمير المقاومة الفلسطينية وتصفية الانتفاضة، كما سينجح في تغيير "قواعد اللعبة" في المنطقة وسيرغم العالم العربي "العاجز" عن قبول الهيمنة الإسرائيلية ولكن هذا مجرد وهم.
إن هجوم شارون - في قناعتي - سيفقد مبرراته ووهجه خلال ثلاثة - أربعة أسابيع. بالطبع ستدمر الكثير من المدن الفلسطينية وسيقتل المئات من المدنيين الأبرياء، وسيقبض على المئات، بل الألوف من الشبان الفلسطينيين وسيزج بهم في معسكرات الاعتقال، ولكن ماذا سيحدث بعد هذا كله؟ سيتوقف اندفاع الهجوم العسكري الإسرائيلي. وسيحاول محله وضع أمن ساكن، وحينئذ ستبدأ الأعمال الانتحارية الفلسطينية وسيسقط الكثير من الجنود والمستوطنين والمدنيين الإسرائيليين داخل إسرائيل. وستثبت هذه العمليات عبثية حرب شارون، وستنقلب الآلة العسكرية الإسرائيلية الجهنمية على نفسها.
أكثرية الإسرائيليين موحدة، في الوقت الحاضر، خلف رئيس وزرائها شارون، وحزب العمل لا يجرؤ على الانسحاب من حكومة الوحدة الوطنية، لأن "كل محاولة للجهر بوجهة نظر مغايرة في أوقات الأزمات والطوارئ ستبدو كأنها خيانة". ولايزال شارون يبتسم ويروي النكات أمام شاشات التلفزيون، وما زال يبالغ في اظهار فرحته واغتباطه.
ولكن شارون سيواجه مواقف صعبة في غضون أسابيع عدة، لعل أهمها الاجابة عن الأسئلة المطروحة من جانب شعبه. لقد بدأ بعض أجهزة الإعلام الإسرائيلية، منذ الآن، يعبر عن شكوكها ومخاوفها. إنها تتساءل: وما هي الاستراتيجية المفضلة للخروج من المأزق؟ هل يتوجب على إسرائيل أن تستمر في احتلال الأراضي الفلسطينية؟ هل سيفرض شارون على الإسرائيليين أن ينقلبوا إلى حراس سجون لكبح جماح شعب معادٍ وغاضب؟ وأين هو هذا الزعيم الفلسطيني "المتعاون" الذي سيقبل تنفيذ أوامر إسرائيل؟ إذا تجرأ فلسطيني "متعاون" وبرز إلى الميدان فسيقتل فوراً.
يبدو لي أن شارون يخطو نحو هزيمة مأسوية أكثر مرارة من هزيمته في لبنان. إن الأحقاد التي فجرها عند الفلسطينيين بممارساته الوحشية قد سممت الأجواء داخل إسرائيل لسنوات عدة مقبلة.
إلى أين يقود بوش الولايات المتحدة؟
المأساة الحقيقية في الوقت الراهن تتمثل في "عطالة" إدارة جورج بوش. لماذا لم يحرك بوش أي ساكن لوقف تفاقم الأزمة؟ لقد أعطى شارون، على العكس، الضوء الأخضر للمضي في عدوانه الخطير من دون شعور بالمسؤولية، وادخل بلاده وإسرائيل معاً في فخ ليس من السهل الخروج منه. والواقع أنه لم تصل الأمور بالولايات المتحدة إلى هذه الدرجة من الاخفاق والحيرة أكثر مما وصلت إليه الآن. إن كشف الغطاء عن أبعاد المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني ألحق الضرر بهيبة الولايات المتحدة ونفوذها أكثر بكثير من ضربة الحادي عشر من أيلول سبتمبر.
عوامل كثيرة تضافرت لدفع الولايات المتحدة إلى الوقوع في خطيئة تاريخية ستدفع ثمنها غالياً:
العامل الأول، خلفية شخصية الرئيس بوش ذاته، انه انسان ذو مواهب متواضعة جداً، بالإضافة إلى أن معرفته بالقضايا الدولية الشائكة ضئيلة، إن لم تكن معدومة. إنه يقسم العالم - بسبب انتمائه إلى مسيحيي الجنوب الأميركي - إلى أسود وأبيض، إلى خير وشر، وقد يكون من الصعب جداً التحرر من هذه النظرة التبسيطية إلى الأمور، أو تعديلها وتصحيحها. لقد ارتقى إلى منصب الرئاسة الأولى من دون تأييد شعبي يذكر، ثم هبطت عليه من السماء أحداث الحادي عشر من أيلول، فأتاحت له فرصة نادرة، وإذا به، من حيث لا يدري، زعيم وطني كبير. لقد أعطته هذه الأحداث أبعاداً كبيرة وجعلته صاحب رسالة هي اجتثاث آفة الإرهاب، وشغلته هذه الرسالة وأضحت بديلاً من التفكير الصحيح، والتحليل المتمهل.
العامل الآخر الذي ساهم في صياغة هذه السياسة الشرق أوسطية للولايات المتحدة هو استئثار جماعة صغيرة من اليمينيين مناصري إسرائيل بالقرار السياسي، وهؤلاء معروفون بازدرائهم للرأي العالم العربي وبعدائهم لتطلعات الشعب الفلسطيني. العضوان البارزان في هذه الجماعة هما نائب الرئيس ريتشارد تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد، بالإضافة إلى أعضاء أقوياء يعمل معظمهم في وزارة الدفاع مثل نائب وزير الدفاع بول ولفوويتز وبيتر رودمان مساعد وزير الدفاع المعروف بولائه المبالغ فيه لإسرائيل، ومن دعاة الهجوم على العراق، وهناك مناصرون ومتحمسون لإسرائيل في مكتب نائب الرئيس تشيني مثل جون حنا، مستشار سياسي لقضايا الشرق الأوسط، ولويس ليبي رئيس الأركان، بالإضافة إلى ريتشارد بيرل رئيس لجنة السياسة الدفاعية، وهي لجنة استشارية تعمل في البنتاغون.
وهناك معهد واشنطن المتخصص بقضايا الشرق الأوسط الذي يقدم الارشادات الايديولوجية والثقافية، ونجح في أن يلعب دوراً مهماً في كل النقاشات التي جرت عن الشرق الأوسط في واشنطن. وسيرأس هذا المعهد دينيس روس، مستشار الرئيس السابق بيل كلينتون في أول أيار مايو المقبل. والمعتقد أن "مناصرته اللامحدودة لإسرائيل هي التي أفشلت عملية السلام في الشرق الأوسط في السنوات العشر الأخيرة...".
ولا توجد في واشنطن في الوقت الحاضر جماعة أخرى تقف في وجه هذه الجماعة المناصرة لإسرائيل، والتي تشكل أداة ضغط خطيرة تتحكم في صناعة القرار السياسي.
وهؤلاء جميعاً يدافعون عن سياسة واحدة، يمكن تلخيصها على النحو الآتي: إيران والعراق وسورية، من دون شك، دول خطيرة وشريرة وتحور أسلحة الدمار الشامل. وهذه الأسلحة يمكن أن تقع في أيدي الجماعات الإرهابية، وعلى هذا فإن الولايات المتحدة وإسرائيل تواجهان الاخطار ذاتها، وعليهما أن تتحالفا لاجتثاث "الإرهابيين".
ولا يجمع كل الأميركيين على تأييد هذا الموقف. ويجدر بنا أن نستشهد بما جاء في صحيفتي "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" هذا الأسبوع، وهما صحيفتان تلعبان دوراً مهماً في تعبئة الرأي العام الأميركي. لقد انتقدتا معالجة الإدارة الأميركية لأزمة الشرق الأوسط.
ويمكن القول إن "جماعة بوش" بدأت تتعرض لضغوط كبيرة بهدف الابتعاد عن سياسات شارون المفلسة. إنها تطالب بتنفيذ "رؤية" الرئيس بوش، وبإقامة دولتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وآمان.
* كاتب بريطاني متخصص في شؤون الشرق الأوسط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.