أعربت موسكو عن تشاؤمها باحتمال تنفيذ "سيناريو عسكري" ضد العراق، محذرة من "هزات خطيرة" في المنطقة واحتمال تفكيك هذا البلد. ولمح وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف إلى أن بغداد قد توافق على استقبال مراقبين دوليين. وفي ما بدا رداً غير مباشر على وعود أميركية ب"تعويض" روسيا عن الخسائر، اعلن في موسكو أن العقود المبرمة مع بغداد تضاعفت، وبلغت العام الماضي 5.2 بليون دولار. قال وزير الخارجية الروسي في حديث إلى "فاينانشيال تايمز" نشرته في طبعتها الألمانية، إن تنفيذ عملية عسكرية ضد العراق سيكون له "وقع سلبي" في الدول العربية والإسلامية، وقد يؤدي إلى تفكيك العراق وتهديد موازين القوى في المنطقة، ويترتب عليه سقوط "ضحايا هائلة" بين المدنيين ونزوح أعداد كبيرة. وأضاف ان موسكو "لا تفهم السعي إلى استخدام القوة" ضد العراق، خصوصاً أن أحداً لم يقدم براهين على "تورط بغداد بنشاط ارهابي". وبعدما ذكر ايفانوف سابقاً أن عملية عسكرية ضد ذلك البلد لن تؤدي إلى انسحاب روسيا من التحالف الدولي المناوئ للإرهاب، قدم في تصريحاته الجديدة صيغة جديدة، فحواها أن هذا التحالف "ليس له شأن مباشر" بالعراق. وشدد الوزير على وجود "مخاوف" تتعلق ببرامج التسلح، داعياً إلى ازالتها بأساليب سياسية - ديبلوماسية، من خلال تنفيذ قرارات الأممالمتحدة. وفي إشارة إلى احتمال موافقة بغداد على استقبال مراقبين دوليين، قال إن "هناك قرائن تفيد بأن العراقيين سيبدون استعداداً" لتنفيذ القرارات الدولية. أما نائب وزير الخارجية الكسندر سلطانوف، فاعتبر ان الوضع من حول العراق "معقد جداً"، مشيراً إلى أن هناك "خطراً جدياً باحتمال تطوير الوضع وفق السيناريو العسكري". وحذر من أن مثل هذا الاحتمال سيعني "هزات خطيرة" في المنطقة. واستقبل سلطانوف ممثلي 18 شركة روسية كبرى تعمل في العراق، وأبلغهم أن المشاورات التي أجريت مع الأميركيين في شأن "قائمة تصدير السلع" حققت "تقدماً ملموساً". وأضاف ان الجانب الروسي حرص على "تسهيل اجراءات التصدير" إلى العراق. لكن رجل أعمال روسياً له مصالح في العراق، قال إن الشركات الروسية تشعر بقلق شديد من احتمالات تطور الأوضاع باتجاه الأسوأ. وذكر أن موسكو "ينبغي ألا تنخدع بوعود أميركية في شأن التعويضات". وكان السفير الأميركي الكسندر فيرشبو أعلن أن بلاده قد تنظر في تقديم تعويضات اقتصادية إلى روسيا، في حال موافقتها على توجيه "انذار نهائي" إلى بغداد والعمل لتغيير نظام الحكم فيها، إذا لم تستجب مطالب أميركية - روسية يمكن أن تصاغ أثناء قمة الرئيسين فلاديمير بوتين وجورج بوش الشهر المقبل. وفي حال قبول روسيا هذه "المقايضة"، على واشنطن أن تدفع مبالغ طائلة، إذ قال سلطانوف إن قيمة العقود المبرمة مع العراق عام 2001 بلغت 5.2 بليون دولار، لا تتضمن الصفقات النفطية. وأشار السفير العراقي في موسكو الدكتور مزهر الدوري إلى أن حجم التعاون الاقتصادي بين روسياوالعراق بلغ 25 بليون دولار خلال السنوات الخمس الماضية، وهذا المبلغ يعادل نصف الموازنة الاجمالية لروسيا. وتابع ان بغداد مستعدة لتوسيع التعاون، وأعدت برنامجاً طويل الأمد لهذا الغرض، لكن موسكو لم توقع "بسبب موقف بعض الأطراف" داخل روسيا.